مع إطلالة شهر رمضان الكريم تلهج قلوب المسلمين في جميع أنحاء الأرض فرحة بقدومه. وفي هذا الوقت يتعمق الوصل وصلة الرحمة بين الجميع صغارا وكبارا تملؤهم الفرحة والمحبة والبشرى بالتلاقي.. وفي خضم هذه المناسبة يجدر بالجميع أن يتذكر من يمر عليهم هذا الشهر كسائر الأشهر ممن هم في عوز وحاجة وفاقة من مال أو صحة. ومن هنا فإن تعميق مفهوم التواصل الأخوي بين أفراد المجتمع الأصحاء والمعلولين، ذوي اليسر وذوي الحاجة، هو السلوك الطبيعي والصحي للمجتمع المسلم؛ إذ إن الناس فيهم من هو في حاجة دائمة إما لقصور في تعليم أو في يد العمل أو ظروف تزيد عليه عبء الحياة.. كما يتطلب الأمر نقل هذا الشعور والصفة الحميدة بالتكافل والتواد إلى مساحة أوسع وأكبر ليس تشكيكا في سلوك الأفراد ولكن نحو جعله سلوكا حميدا مستساغا بدرجة من الرضا بحيث يزرع الثقة في ذوي الحاجة ليكونوا أسوياء متفائلين ولو في مشاعرهم بعيدا عن الإحساس بالنقص وتدعيم رضاهم على ما هم فيه وقضي لهم من القدر.. وهذا هو الخط الذي يبتغيه الإنسان في دعم الجانب الأخوي والإنساني. إن المجتمع قادر وبنجاح أن يعمم صفة التلاحم بين أعضائه وأفراده بدرجة من القوة والتماسك حيث يعلي هذه الصفة ما يأمر به الدين ويؤازره طباع المسلم التي يتربى عليها من تعظيم الإحساس بحال الغير ولو بالكلمة أو إلقاء التحية والابتسامة. إننا بحاجة إلى التواصل مع البعض دائما وأبدا؛ لأننا سوف نبني جسرا من الثقة والمحبة ورقي الإحساس بالغير في وقت هم في أمسّ الحاجة إليه، فمن خلاله ستكون نظرتهم إلى الحياة وإلى من حولهم أكثر تفاؤلا وبشيء من الاحترام المتبادل وليس الشفقة فقط ومن طرف واحد قد يشعر معها البعض بالأسى والحزن، ولكن الواقع بما هو عليه من التواصل المندوب سوف يوجد مساحة حرة تكون فيها المشاعر الإنسانية خلاقة بما يكفي لتعزز عرى الترابط. الشيء الأكثر أهمية أن يدرك الجميع أن العوز والحاجة للمعوزين لا يظهران في شهر رمضان فقط؛ فهم في حاجة حتى يغنيهم الله من فضله.