حصل المنتخب السعودي لكرة القدم لذوي الاحتياجات الخاصة على بطولة كأس العالم الرابعة المقامة في ألمانيا بعد تغلبه على المنتخب الهولندي بركلات الترجيح. وهذا وبلا شك يعتبر إنجازاً وطنياً كبيراً يستحق أبطاله كل تقدير واحترام. هذا الإنجاز حتم علينا أن نقف برهة أمام أنفسنا لنتساءل جميعاً: مَنْ هم ذوو الاحتياجات الخاصة في وطننا؟ وماذا قدمنا لهم سواء على المستوى الحكومي أو الشعبي؟ وماذا ننتظر منهم؟.. بمعنى آخر ما حقوقهم علينا وما واجباتنا عليهم؟ هذا ما سنحاول الإجابة عنه من خلال هذا التحقيق: مَنْ هم ذوو الاحتياجات الخاصة؟ يوجد في كل مجتمع من المجتمعات فئة معينة بحاجة إلى طريقة تعامل مختلفة لكي تتمكن من التكيف مع هذا المجتمع. هذه الشريحة هي ما نطلق عليها اليوم (ذوي الاحتياجات الخاصة) (people of special needs) ولقد جاء الإسلام ليكفل لهذه الشريحة المساواة مع بقية أفراد المجتمع، بعد أن كانت نظرة الفيلسوف اليوناني (أفلاطون) هي التخلص منهم ليكون المجتمع كله من الأصحاء. ومع بدايات القرن الثامن عشر كان هناك في أوروبا بعض المؤسسات التي أخذت على عاتقها تقديم الرعاية لهذه الفئة. وهكذا بدأ الاهتمام بهذه الشريحة حتى وصلوا إلى ما نراه اليوم. وفي المملكة العربية السعودية بدأ الاهتمام بهذه الفئة منذ عام 1380 -1960م حين تم افتتاح معهد النور الأول للمكفوفين في مدينة الرياض. وفي عام 1382-1962م تم إنشاء معهد النور للبنين في مكة، وتلاهما معاهد النور في كل من الهفوف، المدينةالمنورة، القطيف، بريدة، أبها، ثم النور للبنات في الرياض، ثم الأحساء، جدة... إلخ. وفي عام 1384-1964م تم إنشاء أول معهدين للصم. وفي عام 1391 - 1971م تم افتتاح أول معهد للمتخلفين عقلياً في المملكة. تعريف ذوي الاحتياجات الخاصة؟ ولقد ورد تعريف (المعاق) في المادة الأولى من نظام رعاية المعاقين الذي صدر بموجب المرسوم الملكي رقم (م- 37) وتاريخ 23-9-1421ه القاضي بالموافقة على قرار مجلس الوزراء رقم (424) وتاريخ 25-9- 1421ه بأنه كل شخص مصاب بقصور كلي أو جزئي بشكل مستقر في قدراته الجسمية أو الحسية أو العقلية أو التواصلية أو التعليمية أو النفسية إلى المدى الذي يقلل من إمكانية تلبية متطلباته العادية في ظروف أمثاله من غير المعاقين. أما (الإعاقة) فقد جاء تعريفها في نفس المادة بأنها هي الإصابة بواحدة أو أكثر من الإعاقات الآتية: الإعاقة البصرية، الإعاقة السمعية، الإعاقة العقلية، الإعاقة الجسمية والحركية، صعوبات التعلم، اضطرابات النطق والكلام، الاضطرابات السلوكية والانفعالية، التوحد، الإعاقات المزدوجة والمتعددة، وغيرها من الإعاقات التي تتطلب رعاية خاصة. والإعاقة أنواع، فمنها الإعاقة العقلية والبدنية والنفسية، كما أن للاعاقة مستويات مختلفة: الإعاقة على المستوى المعنوي، الإعاقة على المستوى الطبي، الإعاقة على المستوى العلاجي. حقوق ذوي الاحتياجات الخاصة جاء في المادة الثانية من المرسوم المشار إليه أنفاً (تكفل الدولة حق المعاق في خدمات الوقاية والرعاية والتأهيل، وتشجع المؤسسات والأفراد على الإسهام في الأعمال الخيرية في مجال الإعاقة، وتقدم هذه الخدمات لهذه الفئة عن طريق الجهات المختصة في المجالات الآتية: 1- المجالات الصحية وتشمل: (أ) تقديم الخدمات الوقائية والعلاجية والتأهيلية، بما فيها الإرشاد الوراثي الوقائي، وإجراء الفحوصات والتحليلات المخبرية المختلفة للكشف المبكر عن الأمراض، واتخاذ التحصينات اللازمة. (ب) تسجيل الأطفال الذين يولدون وهم أكثر عرضة للإصابة بالإعاقة، ومتابعة حالاتهم، وإبلاغ ذلك للجهات المختصة. (ج) العمل من أجل الارتقاء بالرعاية الصحية للمعاقين واتخاذ ما يلزم لتحقيق ذلك. (د) تدريب العاملين الصحيين وكذلك الذين يباشرون الحوادث على كيفية التعامل مع المصابين وإسعافهم عند نقلهم من مكان الحادث. (ه) تدريب أسر المعاقين على كيفية العناية بهم ورعايتهم. 2- المجالات التعليمية والتربوية وتشمل: تقديم الخدمات التعليمية والتربوية في جميع المراحل (ما قبل المدرسة، والتعليم العام، والتعليم الفني، والتعليم العالي) بما يتناسب مع قدرات المعاقين واحتياجاتهم، وتسهيل التحاقهم بها، مع التقويم المستمر للمناهج والخدمات المقدمة في هذا المجال. 3- المجالات التدريبية والتأهيلية وتشمل: تقديم الخدمات التدريبية والتأهيلية بما يتفق ونوع الإعاقة ودرجتها ومتطلبات سوق العمل، بما في ذلك توفير مراكز التأهيل المهني والاجتماعي، وتأمين الوسائل التدريبية الملائمة. 4- مجالات العمل وتشمل: التوظيف في الأعمال التي تناسب قدرات المعاق ومؤهلاته لإعطائه الفرصة للكشف عن قدراته الذاتية، ولتمكينه من الحصول على دخل كباقي أفراد المجتمع، والسعي إلى رفع مستوى أدائه أثناء العمل عن طريق التدريب. 5- المجالات الاجتماعية وتشمل: البرامج التي تسهم في تنمية قدرات المعاق، لتحقيق اندماجه بشكل طبيعي في مختلف نواحي الحياة العامة، ولتقليل الآثار السلبية للإعاقة. 6- المجالات الثقافية والرياضية وتشمل: الاستفادة من الأنشطة والمرافق الثقافية والرياضية وتهيئتها، ليتمكن المعاق من المشاركة في مناشطها داخلياً وخارجياً بما يتناسب مع قدراته. 7- المجالات الإعلامية وتشمل: قيام وسائل الإعلام المرئية والمسموعة والمقروءة بالتوعية في المجالات الآتية: (أ) التعريف بالإعاقة وأنواعها وأسبابها وكيفية اكتشافها والوقاية منها. (ب) تعزيز مكان المعاقين في المجتمع، والتعريف بحقوقهم واحتياجاتهم، وقدراتهم، وإسهاماتهم، وبالخدمات المتاحة لهم، وتوعيتهم بواجباتهم تجاه أنفسهم، وبإسهاماتهم في المجتمع. (ج) تخصيص برامج موجهة للمعاقين تكفل لهم التعايش مع المجتمع. (د) حث الأفراد والمؤسسات على تقديم الدعم المادي والمعنوي للمعاقين، وتشجيع العمل التطوعي لخدمتهم. 8- مجالات الخدمات التكميلية وتشمل: (أ) تهيئة وسائل المواصلات العامة لتحقيق تنقل المعاقين بأمن وسلامة وبأجور مخفضة للمعاق ومرافقه حسب ظروف الإعاقة. (ب) تقديم الرعاية النهارية والعناية المنزلية. (ج) توفير أجهزة التقنية المساعدة. كما جاءت المواد من 3-15 على النحو التالي: المادة الثالثة يحدد المجلس الأعلى بالتنسيق مع الجهات المختصة الشروط والمواصفات الهندسية والمعمارية الخاصة باحتياجات المعاقين في أماكن التأهيل والتدريب والتعليم والرعاية والعلاج، وفي الأماكن العامة وغيرها من الأماكن التي تستعمل لتحقيق أغراض هذا النظام على أن تقوم كل جهة مختصة بإصدار القرارات التنفيذية اللازمة لذلك. المادة الرابعة يقوم المجلس الأعلى بالتنسيق مع الجهات التعليمية والتدريبية لإعداد الكفايات البشرية الوطنية المتخصصة في مجال الإعاقة وتدريبها داخلياً وخارجياً، وتبادل الخبرات في هذا المجال مع الدول الأخرى والمنظمات والهيئات العربية والدولية ذات العلاقة. المادة الخامسة تمنح الدولة المعاقين قروضاً ميسرة للبدء بأعمال مهنية أو تجارية تتناسب مع قدراتهم سواء بصفة فردية أو بصفة جماعية. المادة السادسة تعفى من الرسوم الجمركية الأدوات والأجهزة الخاصة بالمعاقين التي يتم تحديدها في قائمة يتفق عليها مع وزارة المالية والاقتصاد الوطني. المادة السابعة ينشأ صندوق لرعاية المعاقين يتبع المجلس الأعلى تؤول إليه التبرعات والهبات والوصايا والأوقاف والغرامات المحصلة عن مخالفة التنظيمات الخاصة بخدمات المعاقين. المادة الثامنة ينشأ مجلس أعلى لشؤون المعاقين، يرتبط برئيس مجلس الوزراء ويؤلف على النحو الآتي: - رئيس يصدر باختياره أمر ملكي، وعضوية كل من: - وزير العمل والشؤون الاجتماعية. - وزير الصحة. - وزير المعارف. - وزير المالية والاقتصاد الوطني. - الرئيس العام لتعليم البنات. - وزير التعليم العالي. - وزير الشؤون البلدية والقروية. - أمين عام المجلس. - اثنين من المعاقين، واثنين من رجال الأعمال المهتمين بشؤون المعاقين، واثنين من المختصين بشؤون الإعاقة يعينون من قبل رئيس مجلس الوزراء بناء على ترشيح رئيس المجلس الأعلى لمدة أربع سنوات قابلة للتجديد. ولرئيس المجلس الأعلى أن ينيب عنه أحد الأعضاء في حالة غيابه. المادة التاسعة يختص المجلس الأعلى برسم السياسة العامة في مجال الإعاقة وتنظيم شؤون المعاقين، وله على وجه الخصوص ما يأتي: (أ) إصدار اللوائح والقرارات اللازمة لتنفيذ هذا النظام. (ب) اقتراح تعديل النصوص النظامية المتعلقة بشؤون المعاقين في المجالات المختلفة، واقتراح القواعد الخاصة بما يقدم لهم، أو لمن يتولى رعايتهم من مزايا أو إعانات مالية أو غيرها، واقتراح فرض الغرامات أو تعديلها. (ج) متابعة تنفيذ هذا النظام ولوائحه، ومتابعة تنفيذ ما يتعلق بشؤون المعاقين في الأنظمة واللوائح الأخرى. (د) التنسيق بين مختلف الأجهزة الحكومية والخاصة فيما يخص الخدمات التي تقدم للمعاقين. (ه) تشجيع البحث العلمي للتعرف على حجم الإعاقة، وأنواعها وأسبابها، ووسائل الوقاية منها، وطرق علاجها والتغلب عليها أو الحد من آثارها السلبية، وكذلك تحديد أكثر المهن ملاءمة لتدريب وتأهيل المعاقين بما يتفق ودرجات إعاقاتهم وأنواعها ومتطلبات سوق العمل. (و) تشجيع المؤسسات والأفراد على إنشاء البرامج الخاصة، والجمعيات والمؤسسات الخيرية لرعاية المعاقين وتأهيلهم. (ز) دراسة التقارير السنوية التي تصدرها الجهات الحكومية المعنية فيما يتعلق بما تم إنجازه في مجالات وقاية المعاقين وتأهيلهم ورعايتهم، واتخاذ اللازم بشأنها. (ح) إصدار لائحة قبول التبرعات والهبات والوصايا والأوقاف. (ط) إصدار قواعد عمل صندوق رعاية المعاقين. (ي) إصدار لائحة داخلية لتنظيم إجراءات العمل في المجلس. (ك) إبداء الرأي في الاتفاقات الدولية المتعلقة بالمعاقين، وفي انضمام المملكة إلى المنظمات والهيئات الإقليمية والدولية ذات العلاقة بشؤون رعاية المعاقين. المادة العاشرة يرفع المجلس الأعلى تقريراً سنوياً إلى رئيس مجلس الوزراء عن أعماله، وعن وضع المعاقين والخدمات التي تقدم لهم، وما يواجه ذلك من صعوبات، ودعم الخدمات المقدمة للمعاقين. المادة الحادية عشرة (أ)يعقد المجلس الأعلى بناء على دعوة من رئيسه أو من ينيبه جلستين على الأقل في السنة. (ب)ينعقد المجلس الأعلى بحضور أغلبية أعضائه بمن فيهم الرئيس أو من ينيبه، ويتخذ قراراته بأغلبية أصوات الحاضرين، وفي حالة التساوي يرجح الجانب الذي فيه رئيس الجلسة. المادة الثانية عشرة يكون المجلس الأعلى أمانة عامة، ويعين الأمين العام والموظفون اللازمون وفقاً لأنظمة الخدمة المدنية، ويتولى الأمين العام ما يأتي: (أ) إدارة أعمال الأمانة. (ب) أمانة سر المجلس، والتحضير لاجتماعاته، وتسجيل محاضره، وتبليغ قراراته للجهات المعنية. (ج) إعداد اللوائح التنفيذية لهذا النظام. (د) إعداد الدراسات الفنية التي يتطلبها عمل المجلس. (ه) إعداد مشروعات الأنظمة واللوائح المتعلقة بشؤون المعاقين بالتنسيق مع الجهات المعنية. (و) إعداد مشروع ميزانية المجلس. (ز) تمثيل المجلس لدى الجهات الحكومية والمؤسسات والهيئات الأخرى ذات العلاقة. (ح) تكوين لجان من الخبراء والمختصين لدراسة ما يراه من أمور ذات صلة بشؤون المعاقين. (ط) إعداد التقرير السنوي عن أعمال المجلس. (ي) أي أعمال أخرى يكلفه بها المجلس. المادة الثالثة عشرة للمجلس الأعلى أن يؤلف لجنة تحضيرية من بين أعضائه أو من غيرهم، ويحدد اختصاصاتها وسير العمل بها المادة الرابعة عشرة يكون للمجلس الأعلى ميزانية تطبق عليها أحكام الميزانية العامة للدولة. المادة الخامسة عشرة تعدل جميع الأنظمة واللوائح والقرارات والتعليمات النافذة المتعلقة بالمعاقين وقت صدور هذا النظام ولوائحه بما يتفق معه خلال مدة لا تتجاوز ثلاث سنوات من تاريخ نشره. ماذا قدمنا لذوي الاحتياجات الخاصة؟ على المستوى الحكومي هناك الكثير من الحقوق التي قدمت لهذه الفئة. فبالإضافة إلى ما ذكر يمنح أفراد هذه الشريحة تخفيض في تكاليف السفر بنسبة 50% للمعاق ومرافقه على وسائل النقل الحكومية المختلفة البرية والبحرية والجوية. كما تقوم الحكومة الرشيدة بتوفير الأجهزة التعويضية والمعينات السمعية والبصرية لهذه الفئة. كما توفر العلاج والأدوية مجاناً. وللمعاق الحق في الحصول على عمل أسوة بغيره، كما أن هناك مواقف خاصة لسيارات المعاقين. كما تم تجهيز الطرق العامة والحدائق والمتنزهات ومباني المؤسسات الحكومية والأهلية بما يلائم المعاقين ويسهل حركة تنقلاتهم. أيضا تم إنشاء المراكز التي تقدم جميع برامج الرعاية والتأهيل والتعليم للمعاقين. ولم تنسَ الحكومة الرشيدة أسر المعاقين؛ إذ يتم صرف إعانات مالية للأسر التي تتولى رعاية المعاق لمساعدتها على تقديم الرعاية اللازمة له. ولكن على نطاق القطاع الخاص فما زال هناك تقصير كبير.. فعلى سبيل المثال، لا يحصل ذوو الاحتياجات الخاصة على فرصة وظيفية بهذه السهولة التي يحصل بموجبها أقرانهم من الأصحاء. وأخيرا، كما رأينا عندما مُنح ذوو الاحتياجات الخاصة الفرصة أثبتوا وجودهم وكفاءتهم بتقديم هذا الانجاز الكبير للوطن. ومن هنا يتوجب علينا إعطاؤهم الفرصة لكي يقوموا بواجباتهم تجاه الوطن؛ فهم إحدى شرائح هذا المجتمع الذي له عليهم حقوق كما لهم عليه حقوق. ولعل أحد أهم حقوقهم على الوطن هو تفعيل المجلس الأعلى للمعاقين الذي صدر بشأنه المرسوم الملكي رقم (م-37) وتاريخ 23-9-1421ه ولا يزال إلى اليوم حبرا على ورق. كما أن من حقوقهم دمجهم في مؤسسات التعليم العام وذلك لزرع الثقة في نفوسهم من ناحية وكسر الحاجز النفسي بينهم وبين أقرانهم من الأصحاء من ناحية أخرى. هذا الدمج لا يتعارض مع إمداد هذه الفئة بالخدمات الخاصة عند الحاجة. كما يجب أن يكون هناك نشر للوعي في المجتمع في موضوع ذوي الاحتياجات الخاصة وكيفية التعامل معهم عبر وسائل الإعلام المختلفة والقنوات التربوية المختلفة.