اشتعلت الحدود اللبنانية الإسرائيلية بالمعارك واشتعلت معها أسعار النفط العالمية حيث وصلت إلى حدود 78.03 دولار للبرميل وألقت الأزمة اللبنانية بظلالها على سوق النفط العالمي في وقت كان يشهد السوق ارتفاعاً تلقائياً للأسعار بسبب إحالة ملف ايران النووي لمجلس الأمن والتجارب الصاروخية لكوريا الشمالية والانفجارات التي أصابت أنابيب النفط النيجيرية إلى جانب زيادة الطلب على النفط الخام من قبل الصين ونقص قدرات تكرير النفط في مناطق الاستهلاك الرئيسية في العالم، حيث بلغ عدد مصافي التكرير في نهاية عام 2005م في العالم نحو 650 مصفاة وصلت طاقتها الإنتاجية إلى نحو 82 مليون برميل يومياً، بينما كان الطلب العالمي على النفط في حدود 84 مليون برميل يومياً. وتثير تلك الارتفاعات المتلاحقة في أسعار النفط العديد من علامات الاستفهام حول مستقبل الاقتصاد العالمي؛ لأن ارتفاع أسعار النفط له العديد من التداعيات الاقتصادية السلبية ومنها: أولاً: أن ارتفاع أسعار النفط لهذا الشكل سيؤدي إلى موجات تضخمية عنيفة من شأنها إعاقة خطط النمو العالمية التي كانت تسعى الدول لتنفيذها، فزيادة معدلات التضخم تؤدي إلى ارتفاع تكاليف السلع الوسيطة وخدمات النقل والشحن، كما أن المعدلات المرتفعة للتضخم تضع البنوك المركزية في موقف حرج؛ فإذا ما قامت البنوك المركزية بخفض أسعار الفائدة لدفع النمو الاقتصادي الذي سيتضاءل بسبب ارتفاع أسعار النفط فإن ذلك سيؤدي إلى زيادة الآثار السلبية للتضخم. وعلى جانب آخر إذا ما لجأت البنوك المركزية لزيادة أسعار الفائدة لكبح آثار التضخم فإن ذلك سيؤدي إلى زيارة الآثار السلبية الناتجة عن زيادة أسعار النفط مثل زيادة تكاليف النقل والشحن. ثانياً: إن ارتفاع أسعار النفط سيؤدي إلى تراجع البورصات وهو ما حدث بالفعل في ظل الأحداث الأخيرة، حيث تراجع المؤشر في العديد من أسواق المال العربية والعالمية مثل السعودية والكويت ومصر واليابان. إذن السؤال لم يعد الآن متى ستنخفض أسعار النفط؟ ولكن السؤال المنطقي هو إلى أي مدى ستصل هذه الأسعار؟ فالواقع يشير إلى أن أسعار النفط العالمية ستشهد المزيد من الارتفاعات وقد تصل إلى 100 دولار للبرميل فمن غير المتوقع أن تعود أسعار النفط إلى معدلاتها السابقة في حدود ال50 دولارا للبرميل في ظل استمرار حالة التوتر في الشرق الأوسط وقد تكون هناك سيناريوهات أكثر سوءاً في حال إذا ما دخلت إيران الحرب لأن ذلك سوف يعيق الإمدادات النفطية من الدول المنتجة في الخليج إلى المستهلكين في الغرب فدخول إيران الحرب يهدد بشكل كبير الممرات البحرية التي يتم نقل النفط من خلالها وخاصة مضيق هرمز وقناة السويس كما أن إيران قد تلوح باستخدام ورقة النفط في مواجهة الضغوط الدولية المتصاعدة عليها خاصة وأن إيران تعد خامس منتج للنفط عالمياً وثاني دولة مصدرة للنفط في منظمة أوبك وبلغ إنتاجها نحو 4.2 مليون برميل يومياً في نهاية عام 2005م بينما بلغت صادراتها نحو 2.7 مليون برميل في نفس العام كذلك تعد الفجوة القائمة حالياً بين العرض والطلب على النفط عالمياً أحد الأسباب التي تقف عائقاً أمام انخفاض الأسعار؛ وذلك بسبب تصاعد الطلب العالمي على النفط في مقابل عدم وجود طاقات إنتاجية فائضة من النفط وعدم زيادة الدول المنتجة لقدراتها التكريرية، كما أن الأسعار مرشحة لمزيد من الارتفاع في ظل تزايد الطلب على النفط مع اقتراب فصل الشتاء.