تحتضن مدينة جدة وعلى مدار أسبوع كامل حدثاً مهماً وكبيراً للذين يعلمون قيمة الاعلام بكل وسائطه، وما ظل يلعبه من أهمية بالغة في ترتيب وتمرير السياسات التي أصبحت تحكم عالم اليوم سواء كان ذلك برضا أم كرهاً أو حكم القوي على الضعيف. ويأتي اجتماع وزراء الدول الإسلامية التي تتعدى (57) دولة وتحت رعاية خادم الحرمين الشريفين وسمو ولي عهده الأمين إلى وضع سياسة إعلامية بقدر التحديات التي تواجه ديار الإسلام بكل ما تحوي من عقيدة وتراث وعادات وتقاليد. ويتزامن الملتقى السابع مع الذكرى الخامسة لأحداث الحادي عشر من سبتمبر من عام 2001 التي هزت حينها أركان العالم ووضعته في مرجل يغلي في أقسى درجات الحرارة السياسية. يجتمع وزراء إعلام العالم الإسلامي وهم يتابعون بأعينهم كيف أن الآلة الإعلامية الغربية الضخمة بدأت تنكأ جراح سبتمبر مجددة أحزان الأمريكان وساعية لكسب المزيد من الكره والحقد لكل ما هو عربي وإسلامي ومنتم إلى ملة خير البرية، وتجد في ذلك منفذاً بحسبان أن كل منفذي ذلك الحديث الأليم هم من أبناء المسلمين، وما علمت أو أرادت ألا تعلم تلك الوسائل الاعلامية الحاقدة أن لكل قاعدة شواذ، وأن الإسلام بريء مما ينتمي إليه أصحاب الفكر الضال بل هم فئة إرهابية شبيهة بكثير من فرق الارهاب التي تنتمي لكل الملل والنحل العقائدية الأخرى وهمها الوحيد القتل وإراقة الدماء وحرق لحوم البشر. يلتئم شمل وزراء الإعلام بالبلدان الإسلامية وهم متيقنون أن إعلامهم قد عجز حتى الآن من إيقاف الرياح العاتية والسموم القاتلة التي ينفث فيها الاعلام الغربي فوق سماواتنا، ولم نتمكن حتى الآن من كبح جماح هذا الشر المستطير الذي يسعى بكل ما أوتي من قوة إلى غرس بذور التفرق والتشظي ودق اسفين العداوة بين الدول الإسلامية حتى تتفرق ويسهل عليه التهامها. وسط هذه الظروف بالغة التعقيد يجد وزراء الإعلام بدول العالم الإسلامي أنفسهم محاطين بجدول ضخم من الأعمال، وهم- إن شاء الله- قادرون على التعاطي مع الأحداث الراهنة، وكما تؤكد المملكة العربية السعودية دائماً أنها الملاذ الوحيد حين تدلهم الخطوب تجمع اليوم وزراء الإعلام لتطرح عليهم رؤية التحرك الإعلامي الإسلامي الجماعي وطرح كذلك مقترح المدونة الأخلاقية تلتزم بها الدول الإسلامية كميثاق شرف إعلامي تمهيداً لوضع مسودة التشريعات الإعلامية خاصة في ظل التنافس الحاد بين القنوات العربية وغير العربية في سماء المنطقة، وعلاوة على ذلك فإن المملكة ستقدم ورقة تتعلق بالمعوقات التي تواجه تنفيذ كثير من القرارات رغم أنها صادرة في وقت سابق من هذه الوزارات مشتركة، وسيتم طرح تقييم جاد وشامل لمنظمة اذاعات الدول الاسلامية (أسيو) ووكالة الأنباء الاسلامية (إينا) وتتمحور ورقة المملكة الخامسة إلى اجتماع وزراء الإعلام أيضاً رؤية عملية من أجل إقامة الحملات التوعوية والخيرية لمواجهة الكوارث الإنسانية التي تحدث في العالم وذلك من خلال وسائل الإعلام وبالأخص التلفزيونات الوطنية. ويأمل الجميع وزراء الاعلام بالدول الإسلامية الاعداد الجيد للمعركة القادمة مع الغرب التي تأكدت بشكل جلي إنها معركة اعلامية في المقام الأول، ويتطلب من وزرائنا رفد وسائلهم الإعلامية بكل ما هو مفيد ومعين وتمكنها من إدارة المعركة وفق متطلبات المرحلة التي تتمثل أولاً في الحفاظ على الهوية الإسلامية إضافة إلى توفير التمويل اللازم لتنفيذ الخطة التي سيضعونها في هذا الملتقى. ومعتقد أن أكثر ما يهم من تنفيذ لهذه الخطة في المرحلة الراهنة هو التصدي العاجل للارهاب وتطوير الخطاب الاعلامي لمعالجة هذه الظاهرة بكافة مكوناتها وأشكالها وتوعية وتحصين المجتمع الإسلامي ضد الارهاب ومنابعه ومخاطره الاجتماعية والسياسية والاقتصادية. وكما تكشف من خلال الأحداث الماضية فإن أمة تحتاج إلى اعلام يخدم قضاياها ويبلور مفاهيمها في العطاء والمشاركة في أمن واستقرار بلدانها والله ولي التوفيق.