لا أعتقد أنّ عضو هيئة كبار العلماء السعوديين د. صالح الفوزان يبحث عن الثناء في مشاركاته الصحفية الغزيرة، فهذا شيء حصل على الكثير منه من طلبته ومريديه وأهل علمه، وقد أصبح بعلمه ورأيه مثالاً للعالم الشرعي العصري الذي يحاول جاهداً تأكيد أهمية عمله ودوره المهم في حياتنا. وأكثر ما يلفت الانتباه في مشاركاته الصحفية، ملاحظاته على بعض زملائه الكتّاب التي وإن اعتراها بعض التبرُّم والاحتقان، كما في ردوده على محمد آل الشيخ وعبد الله بن بخيت، إلاّ أنّه حاول جاهداً الاعتراض على بعض توجُّهاتهم، متسلّحاً بنصوص من القرآن الكريم والسنّة المطهّرة وبعض الأثر وحتى الشعر. ويبدو أنّ فضيلته كان متحمِّساً في ردِّه الأخير على ابن بخيت (العدد 12358) فأتى بأمر مقلق جداً في ختام مقاله عندما كتب (أما علماء الدنيا فقد نفى الله عنهم العلم بقوله: {... ... وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ (6) يَعْلَمُونَ ظَاهِراً مِّنَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَهُمْ عَنِ الْآخِرَةِ هُمْ غَافِلُونَ} (7) والعلم الشرعي يوجِّه باستخدام العلم التقني نحو المفيد، وبدونه يكون التقني مدمّراً كما هو مشاهد)، ولم يسترسل فضيلته في شرح المشاهد التي تؤيِّد ما ذهب إليه. لا أعتقد أنّ الشيخ الفاضل قصد ما كتبه هذه المرة، أو لنقل أنّه اندفع قليلاً من فرط الحماس، فقد سبق أن جرّب غيره نفس المنطلق في أوروبا القرون الماضية وكلُّنا يعرف النتيجة. ولرفع الحرج عن فضيلته فإنّني أطالب جميع كتّاب (الجزيرة) والصحافة السعودية عموماً، أن لا يسمُّوا الخبراء والمتعلمين في مجالات الذرّة والكيمياء والرياضيات والطب والصيدلة والحاسب الآلي والميكانيكا والعلوم الاجتماعية والقيادة العسكرية والإدارة المدنية ب(العلماء) ابتداءً من هذا اليوم، وأن يكون الاسم الأنسب هو كلمة (العارفون) ومفردها (العارف). ولا حول ولا قوة إلاّ بالله.