ضمني، ثم أوقفني في الرمال ودعاني: بميم وحاء وميم ودال واستوى ساطعاً في يقيني وقال: أنت والنخلُ فرعانِ أنت افترعت بنات النوى ورفعت النواقيس هن اعترفن بسر النوى وعرفن النواميس فاكهة الفقراءِ وفاكهة الشعراءِ تساقيتما بالخليطين: حمراً بريئاً وسحراً حلالُ أنت والنخل صنوانِ هذا الذي تدعيه النياشينُ ذاك الذي تشتهيه البساتينُ هذا الذي دَخَلت إلى افلاكه العذراء ذاك الذي خلدت إلى أكفاله العذراء هذا الذي في الخريف احتمالُ وذاك الذي في الربيع اكتمال أنت والنخل طفلان واحد يتردد بين الفصول وثان يردد بين الفصول: اصادق الشوارع والرمل والمزارع اصادق النخيل اصادق المدينة والبحر والسفينة والشاطىء الجميل أصادق البلابل والمنزل المقابل والعزف والهديل اصادق الحجاره والساحة المنُاره والموسم الطويل أنت والنخل طفلان طفل قضى شاهداً في الرجال وطفل مضى شاهراً للجمال أنت والنخل سيان قد صرتَ دَيدَنَهُنَّ وهن يداك وصرتَ سماكا على سمكهن وهن سمَاك وهن شهدن أفول الثريَّا وأنت رأيت بزوغ الهلال تسري الدماء من العذوق إلى العروق وتنتشي لغة البروق: أي بحر تجيد؟ أي حبر تريد؟ سيدي لم يعد سيدي ويدي لم تعد بيدي قال: أنت بعيد كماء السماء قلتُ: إني قريب كقطر الندى المدى والمدائنُ قفر وفقرُ والجنى والجنائنُ صبر وصبرُ وعروسُ السفائنِ ليلٌ وبحرُ ومدادُ الخزائنِ شطرٌ وسطرُ قالَ: يا أيها النخلُ يغتابك الشجر الهزيل ويذمُّك الوتد الذليل وتظلُّ تسمو في فضاء الله ذا ثمرٍ خرافي وذا صبر جميل قال: يا أيها النخلُ هل ترثي زمانك أم مكانك أم فؤاداً بعد ماء الرقيتين عصاك حين استبد بك الهوى فشققت بين القريتين عصاك وكتبت نافرة الحروف ببطن مكة والأهلة حول وجهك مستهلةُ والقصائد في يديك مصائدُ والليل بحر للهواجس والنهارُ قصيدة لا تنتمي إلا لباريها وباري الناي يا طاعنا في النأي اسلم، إذا عثرت خطاك واسلم، إذا عثرت عيون الكاتبين على خطاك وما خطاك؟! إني أحدقُ في المدينة كي أراكَ فلا أراك إلا شميماً من أراك النص الثاني أمضي إلى المعنى وأمتص الرحيق من الحريقِ فأرتوي وأعلُّ من ماء الملامِ وأمرُّ ما بين المسالك والمهالك حيث لايمّ يلم شتات أشرعتي ولا افقٌ يضم نثار أجنحتي ولا شجر يلوذ به حمامي أمضي إلى المعنى وبين أصابعي تتعانق الطرقاتُ والأوقات، ينفضُّ السراب عن السرابِ ويرتمي ظلي أمامي افتضُّ ابكار النجوم وأستزيد من الهموم وأنتشي بالخوف حين يمر من خدر الوريدِ إلى العظام وأجوب بيداء الدجى حتى تباكرني صباحات الحجا أرقاً وظامي إني رأيت,, الم تر!؟ عيناي خانهما الكرى وسهيلُُ ألقى في يمين الشمس مهجته وولَّى والثريّا حلَّ في افلاكها بدرُُ شآمي يابدرها وهدى البصيره يا فخرها وهوى السريره يا مُهرها وحمى العشيره يا شعرها ومدى الضفيره في ساحة العثرات ما بين الخوارج والبوارج ضج بي صبري وأقلقني مُقامي فمضيت للمعنى أحدقُ في أسارير الحبيبة كي أسمِّيهَا فضاقت عن سجاياها الأسامي ألفيتها وطني وبهجة صوتها شجني ومجد حضورها الضافي مُنايَ وريعها الصافي مرامي ونظرت في عين السما فخَبَت شرارات الظما وانشقَّ عن مطرِ غمامي للبائتين على الطَّوى والناشرين لما انطوى والناظرين إلى الأمام للنخل للكثبان للشيح الشماليّ وللنفحات من ريح الصبَّا للطير في خضر الربا للشمس للجبل الحجازيِّ وللبحر التهامي القصيدة الفائزة بالجائزة*