المكرم رئيس تحرير جريدة الجزيرة المحترم.. السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.. وبعد: شاهدت كاريكاتير الأخ هاجد الذي نشر يوم السبت 12-6- 1427ه فما إن يستهل الصيف وتلوح بوادره حتى يبدأ بعض كتاب صحافتنا المحلية في الحديث عن المراكز الصيفية والمخيمات الشبابية ونحوها، وهذا الطرح وإن كان قد يظهر - أحياناً - من نية حسنة، إلا أن هذه النية لا تكفي إن لم يصحبها الصدق في هذا الطرح، والموضوعية في المعالجة، والحرص على ما ينفع شباب الوطن في دينهم ثم دنياهم. وأنا أجزم بأن هذا الكلام من الأخ هاجد هو كلام مبني على الوهم والظنون، وإلا فإن الواقع خلاف ذلك، والأخ هاجد مطالب بالبينة على كلامه هذا الذي سوف يحاسب عليه أمام الله تعالى، كما أني سأحاسب عما أكتبه هنا. ولو كان هدفه الإصلاح حقاً لنزل إلى ميدان المراكز الفسيح، ولرأى بعينيه ما يدور بين أسوارها مما يبهج النفس ويجعل الإنسان السوي العاقل يطمئن بتسجيل ابنه في أحد هذه المراكز العامرة، خصوصاً حين يرى التعامل الحسن من قبل المشرفين عليها الذين هم من أهل التربية والتعليم، ولا يعرف عنهم إلا حب الخير، والسعي في إصلاح الشباب وتوجيههم لما فيه نفعهم بعيداً عن التفريط والإفراط، ودعوتهم بحكمة ورفق ولين، لا كما صوره لنا الأخ هاجد من الغلظة والحماقة والجهل، وإلا فإن مشرفي الأندية الصيفية هم ممن اختارتهم وزارة التربية بعناية، وهم بهذا جعلوا من الأندية الصيفية محاضن تربوية تسهم في إصلاح شباب الوطن وإبعادهم عن الفتن والأهواء. يقول سماحة الشيخ العلامة محمد بن صالح بن عثيمين - رحمه الله وأسكنه فسيح جناته -: (فلا شك أن الحكومة - وفقها الله - تشكر على ما تنشئه من هذه المراكز الصيفية، لأنها تكف بهذه المراكز شراً عظيماً وفتنة كبيرة، فما الحال لو أن هذا الشاب وهذه الجحافل كثيرة العدد أخذت تجوب الأسواق طولاً وعرضاً أو تخرج إلى المتنزهات، أو إلى البراري أو الشعاب أو الجبال، ما الذي يحصل منها من الشر؟ أعتقد أن كل إنسان عاقل يعرف الواقع يعلم أنه ستحصل كارثة للشباب من الانحراف وفساد الأخلاق والأفكار الرديئة وغير ذلك.. أما ما يحصل فيها من إمتاع النفس بلعبة الكرة والمسرحيات المباحة وما أشبه ذلك فهذا من الحكمة؛ لأن النفوس لو أعطيت الجد في كل حال وفي كل وقت، ملت وكلت وسئمت..). وفي كلام يدلّ على حكمة العلماء وسعة نظرتهم قال رحمه الله: (ثم إن على ولاة الأمور من الآباء والإخوة ونحوهم إذا أدخلوا أولادهم هذه المراكز أن يتحسسوا أخبار هذه المراكز، وينظروا كيف يكون مثلاً خروج التلاميذ إلى البر، ومن الذي يخرج بهم، وهذا حتى يحافظوا على أولادهم، فنسأل الله للجميع التوفيق). ختاماً.. لا ينبغي لنا أن نهمل المراجعة والتقويم لوضع الأندية الصيفية، وإن حدث خلل في مثل هذه الأندية أو التجمعات الشبابية التي هدفها حفظ أوقات شباب الوطن وتوجيههم لكل خير، فإنه يعالج بالقدر الذي يضمن سلامة مسيرتها، واستقامة منهجها، والبعد قدر الإمكان عن الزلل، حتى نحارب الغلو والتطرف كما نحارب آفات أخرى كثيرة تفتك بالشباب يوماً بعد يوم، ومنها المخدرات والتسكع في الأسواق والطرقات والعنف والسرقة والاختطاف والسفر إلى الخارج. أسأل الله أن يحمي بلادنا من كل سوء، وأن يوحد كلمة المسلمين على الحق والخير، وأن يكفينا شر الفتنة وشر الأشرار.. اللهم آمين.