يبلغ عدد المنتسبين إلى وزارة التربية والتعليم نحو ستة ملايين من المعلمين والمعلمات والموظفين والموظفات والطلاب والطالبات، ومع ذلك لا يوجد مستشفيات تابعة لوزارة التربية والتعليم ولا يوجد تأمين صحي ولا سيما أن لدى الوزارة نواة هذه المستشفيات، وهي الوحدات الصحية المدرسية، فإن لهذه الخطوة فوائد منها العلاج الميسر للمنتسبين جميعاً، ولا يخفى على الجميع الناحية الصحية وأثرها على مستوى المتعلمين، فالعقل السليم في الجسم السليم، ومن فوائدها إيجاد فرص عمل وتأهيل الأطباء والأطباء المساعدين من حيث يتم اختيارهم من الميدان وابتعاثهم لإكمال دراستهم التخصصية في داخل المملكة أو خارجها، ومنها كذلك زيادة الوعي الصحي المناسب مع الدور الوقائي والعلاج الذي تقوم به وزارة التربية، لأن الدور الوقائي أو التوعوي من دون المقدرة على الأخذ بالجانب العلاجي يسبب ارتباكاً نفسياً يزيد من الأمراض الجسمية، أو إذا رأت الوزارة أن إنشاء مستشفيات يزيد من الحمل الذي تقوم به اتجاه التربية والتعليم، فيمكن أن يطرح على أحد الشركات بموجب سعر رمزي لا يتجاوز خمسة ريالات للفرد، إذ سيصل الدخل الشهري لهذه الشركة أكثر من ثلاثين مليون ريال تقريباً، ويتم هذا العقد بين الشركة والوزارة ببناء مستشفيات تابعة للوزارة تقوم فقط بالتشغيل والتأهيل والإشراف، ولمدة معينة يتم التجديد أو التبديل لضمان خدمات صحية جيدة. إن تقديم الخدمات التعليمية والتربوية الصحية لهذه الشريحة من سكان المملكة إنما هي خدمة للمجتمع بأسره، ولا يمكن إهمال الدور الذي تقوم به الوحدات المدرسية خلال السنوات الماضية (أكثر من خمسين عاماً) في خدمة الطلاب والطالبات والمنتسبين إلى وزارة التربية والتعليم في الناحية الوقائية والعلاجية.. فلهم الشكر والتقدير ولكن نتطلع إلى خدمات أوسع وأشمل بابتعاث الطلاب للدراسة في المجالات الصحية المختلفة أسوة بابتعاث المعلمين للدراسة في المجالات العلمية المختلفة في الجامعات الداخلية والخارجية، والاستفادة من المنح الدراسية والمقدمة من بعض الدول، وسعودة القطاع الصحي للمساهمة مع الجهات الصحية الأخرى لتقديم خدمات صحية مميزة للمجتمع. وتعاني المدن الرئيسة من كثافة في عدد الطلاب في المدرسة، إذ إن بعض المدارس يزيد عدد طلابها على ألف طالب، وكثافة في الفصول، إذ يصل عدد طلاب الفصل الواحد إلى أكثر من أربعين طالباً، ولا يخفى على المربين أن كثافة الطلاب في مدارس لم تعد لذلك أو فصول لم تعد لهذا العدد بأنه يؤثر تأثيراً سلبياً على المتعلمين وعلى المعلمين وعلى العملية التعليمية، فالغالب في هذه المدارس بأن المعلم لا يعرف أغلب الطلاب وهذا من الأخطاء التربوية وخصوصاً في مراحل التعليم العام، ما ينعكس سلباً على العلاقة بين المعلم والمتعلم، فتصبح العلاقة مفقودة ومشكلات الطلاب التعليمية والنفسية والاجتماعية لا تجد من يقوم به إذا كان المعلم مهتماً في إعطاء الدرس وبالطريقة الإلقائية، والإرشاد الطلابي والاجتماعي لا يؤدي دوره بسبب قلة المرشدين ولا سيما في المدارس ذات العدد الكبير. فالمرشد يشرف على أكثر من خمسمئة طالب، والخدمة الإرشادية تكاد تكون معدومة، فالكثافة الطلابية بالمدارس تزعج المعلمين وتأخذ من أوقاتهم وصحتهم، ولا سيما أنه لا يوجد لهم حوافز يتميزون بها عن زملائهم في المدارس ذات العدد القليل بل يمكن زملاءهم الذين يعملون في مدارس خارج المدن أو في المدارس القليلة العدد أحسن حظاً منهم، وطلابهم يتمتعون في رعاية واهتمام من قبلهم، فتكون لديهم رعاية ومتابعة وعلاقة جيدة. وإن الطلاب في المدارس ذات الكثافة الطلابية يحتاجون إلى وقفة وزارة التربية والتعليم لإيجاد البدائل من أجل رعايتهم تربوياً وعلمياً ونفسياً؛ لأنهم نواة المجتمع والاهتمام بهم من المهام الرئيسة في العملية التعليمية والمساواة في إتاحة الفرص وتقديم الخدمات التربوية المناسبة. ومع الأسف الشديد إن بعض المدارس الأهلية تسرب إليها كثافة الطلاب في المدارس التي تحرص في غياب المتابعة الإشرافية إلى زيادة أرباحها على حساب النواحي التربوية والعلمية، فلو قامت وزارة التربية والتعليم بعمل دراسة ميدانية للوقوف على آثار كثافة الطلاب في المدارس وفي الفصول وعلى العملية التربوية والتعليمية وما يتبعها من آثار نفسية وصحية على المعلمين وعلى الطلاب والمجتمع ينتج عنها حلول تربوية مناسبة للطلاب والمعلمين.