السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.. قرأت ما حرره الأخ صالح بن عبدالله العريني في عدد يوم 4-5- 1427ه رداً منه على خطيب جامع الأمير بندر بن محمد، الشيخ صلاح الدين آل الشيخ الذي حرر رداً على الكاتب الأخ محمد آل الشيخ، ولست حقيقة بصدد الدفاع عن الشيخ صلاح الدين، وعما حرره، فالمقام يقتضي أن يدافع هو عن نفسه، فهو أقوى في الحجة وأبلغ في العبارة من غيره في ذلك، ولكنني في هذه الأسطر المتواضعة أحتسبُ الأجر والمثوبة من الله سبحانه في الدفاع والذود عن صحابي جليل من صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم تطرق إليه الكاتب الأخ صالح فيما حرره، ووصفه بما لا يليق به، واختلق عليه ما لم يصح ويثبت عنه، وهو أبو ذر الغفاري - رضي الله عنه -، حيث جاء في مقاله عن هذا الصحابي ما نصه: (فحتى أبو ذر الغفاري رابع من أسلم لم يسمح له بالاحتساب في الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر في المدينة، ومع أنه لا يتقاضى راتباً على احتسابه إلا أن تشدده كان مرفوضاً حتى من الخلفاء الراشدين، فلم يولّ أمراً للمسلمين لا في القضاء ولا في الدعوة، وبسبب قسوته في هذا الأمر نفاه الخليفة إلى الشام، وحين واصل احتسابه بنفس الصرامة والتشدد قام معاوية بإعادته إلى المدينة ثم أخيراً نُفي للربذة.. إلخ ماذكر. فقد فاجأنا الأخ صالح -هداه الله- بجرأته على هذا الصحابي الجليل باختلاقات واهية وعبارات وألفاظ نابية، لا يليق إطلاقها على واحدٍ من عامة المسلمين، فكيف بإطلاقها على أحد صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم، الذين أشاد الله بفضلهم واختارهم لصحبة نبيه ومؤازرته ونصرته، فهم خيرة الأمة بعد نبيها، وأبر الناس قلوباً وأزكاهم إيماناً وأغزرهم علماً وأصدقهم قولاً، فسامح الله أخانا صالح، لِم تعرضت لهذا الصحابي الجليل الذي لو أنفقت مثل أحد ذهباً ما بلغت مُدّه ولا نصيفه، أما علمت أن النبي صلى الله عليه وسلم قال في فضله وصدقه (ما أقلت الغبراء ولا أضلت الخضراء أصدق لهجة من أبي ذر) أما علمت أنه أول من حيّا النبي صلى الله عليه وسلم بتحية الإسلام، وأنه من السابقين الأولين في الإسلام الذين أثنى الله عليهم بقوله: {وَالسَّابِقُونَ الأَوَّلُونَ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ وَالأَنصَارِ وَالَّذِينَ اتَّبَعُوهُم بِإِحْسَانٍ رَّضِيَ اللّهُ عَنْهُمْ وَرَضُواْ عَنْهُ وَأَعَدَّ لَهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي تَحْتَهَا الأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا ذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ} (100) سورة التوبة. فحاشا وكلا أن يكون أبو ذر متشدداً مرفوضاً عند الخلفاء الراشدين كما وصفته في ردك، وحاشا وكلا أن يكون نفاه الخليفة عثمان إلى الشام وإلى الربذة لتشدده وقسوته كما نقلته في مقالك، فكل ذلك اختلاق عليه رضي الله عنه، ولعلي التمس لك العذر بأنك نقلت هذه العبارات - من حيث لا تعلم - من أحد الكتب الدخيلة على المسلمين التي يستغل مؤلفوها بعض ما يحصل بين الصحابة من أمورٍ لتشويه صورتهم والحط من مكانتهم، وإلاَّ فإن كتب السيرة المعتمدة تزخر بفضله ورفعة مكانته في الإسلام. فغاية ما في الأمر أن أبا ذر لما انتقل إلى الشام بعد وفاة أبي بكر رضى الله عنهما حصل بينه وبين معاوية رضي الله عنه خلاف في مسألة الزكاة، حيث تأول أبوذر قول الله تعالى{(وَالَّذِينَ يَكْنِزُونَ الذَّهَبَ وَالْفِضَّةَ وَلاَ يُنفِقُونَهَا فِي سَبِيلِ اللّهِ فَبَشِّرْهُم بِعَذَابٍ أَلِيمٍ} (34) سورة التوبة. فأوجب على من يقتني مالاً من الأغنياء أن يصرف الفضل منه على الفقراء، ولما علم الخليفة عثمان رضي الله عنه بهذا الخلاف بينهما كتب إلى أبي ذر أن يقدم إليه في المدينة ليبين له الصحيح في المسألة، فقدم المدينة استجابة لأمر خليفة المسلمين، وأوضح له عثمان القول الصحيح في المسألة، هذا كل ما في الأمر، وقد أوضحته كتب السيرة المعتمدة كالبداية والنهاية لابن كثير، والإصابة في تمييز الصحابة لابن حجر وغيرها من المؤلفات المعتمدة، فارجع لهذه الكتب وتأملها لتعرف مكانة هذا الصحابي الجليل رضي الله عنه وعن بقية الصحابة أجمعين. علي بن فهد ابابطين عضو هيئة التدريس بالكلية التقنية في بريدة