قد يقول قائل إن أي نظام أو تجربة لا بد من تحديات وصعوبات تواجهها، وإن المسألة مسألة وقت وبعد ذلك يتم التكيف معها.. وهذا الرأي قد يكون صحيحا في بعض الأحيان، ولكن البيئة التعليمية لها خصوصية تحكمها في كل المجتمعات دون استثناء، فهناك جوانب اقتصادية وسياسية وتربوية واجتماعية وأمنية، وكل واحد من هذه له إيجابي وسلبي خصوصا في مجتمعنا العربي الذي تفتقر فيه المؤسسات التربوية إلى خطط مستقبلية بعيدة المدى؛ لأن واقعنا الحالي هو الذي أوصلنا إلى ما نحن فيه الآن.. فاختبار القدرات يفترض أن يطبق في وقت ملائم تكون فيه العملية التعليمية مؤهلة تأهيلا كاملا وكل المقومات التي تخدمها تكون موجودة بدءا من المنهج والمعلم والمبنى المدرسي المتكامل من حدائق وملاعب ومطاعم ومراكز مصادر التعلم، حيث لو تمعنا في بعض مدارسنا وبأنصاف نجد أن هذه الأشياء التي أشرت إليها غير مكتملة، فهنا يتفاوت عطاء الطلاب بين طالب يدرس في مدرسة حكومية أو أهلية تتوافر فيها كل هذه المقومات ومدرسة أخرى تفتقر إليها وإلى بعض منها.. إذن سوف يكون اختبار القدرات على حساب بعض الطلاب إن لم يكن معظم الطلاب في مملكتنا الغالية. وحقيقة الأمر أنه - اختبار القدرات - في هذه الظروف غير عادل ولم يكن منسجما مع واقعنا التعليمي الذي يحتاج إلى بعض الوقت حتى يكون أبناؤنا مهيئين لتطبيقه عليهم. ويكفي أن طالب اليوم وأسرته يعيشون تحت ضغوط قوية جدا منصبة على مستقبل ابنهم الدراسي.. فالاختبارات الشهرية ومنتصف العام ونهاية العام الدراسي جندوا لها كل شيء، ولكن اختبار القدرات هبط من عزائم الكثير من الطلاب لا سيما المتفوقين منهم، حيث إنه لو سلمنا بإمكانية تطبيقه فإنه لا يعطي الطلاب وقتا للإجابة، فنجد أكثر من مائة وخمسين سؤالا تعطى للطلاب ويحتاج السؤال إلى أكثر من دقيقة؛ ما يجعله يعيش تحديا مع نفسه ويجعل تفكيره مشتتا خوفا من ضياع الوقت ولم يسعفه الحظ بالإجابة وهذا هو الصحيح الذي سمعته من بعض الطلاب. فمن هذا المنبر أطالب المسؤولين في مؤسسات التعليم العالي بإعادة النظر في هذا النظام والتريث في تطبيقه حتى تكتمل مقومات وأسس العملية التربوية التي أشرت إليها. وإذا كان لا بد من تطبيقه فيجب مراعاة خصائص الطلاب النفسية والاجتماعية والوقت الزمني المحدد للاختبار بحيث يكون مريحا للطالب. كذلك من الأمور التي يجب الاهتمام بها أن يكون قبول الطلاب في جميع المؤسسات الجامعية وكليات المعلمين والكليات التقنية مصنفا حسب الدرجات والتخصصات، المهم أن يكون جميع الطلاب مقبولين. بهذه الطريقة نكون قد أسهمنا في سد ثغرة قد تستغل في تجنيد أبنائنا لممارسة سلوكيات دخيلة علينا مثل الإرهاب والمخدرات والسرقات والخطف وخلافها. هذا ما نرجوه وبالله التوفيق.