يعتبر الارتفاع المستمر للسكر بالدم هو المشكلة الأساسية للعديد من المضاعفات المصاحبة لداء السكري وقد أوضحت العديد من الدراسات أن المحافظة على مستويات مثالية لسكر الدم عن طريق تناول الأدوية والحمية الجيدة بالإضافة لممارسة الرياضة بانتظام (حوالي 150 دقيقة / الأسبوع) تساعد على الوقاية أو بمعنى أدق تأخير مضاعفات داء السكري بنسب تصل إلى 76% لأمراض العيون وحوالي 60% لأمراض الكليتين وتلف الأعصاب كما أن قصور الشرايين التاجية قد انخفض بنسبة 35% مقارنة بهؤلاء الذين لا يهتمون بالحفاظ على مستوى مثالي للسكر بالدم. * لماذا تحدث المضاعفات ؟ - إن نقص إفراز هرمون الأنسولين يؤدي إلى زيادة نسبة الجلوكوز بالدم ومن ثم تحوله كيميائياً إلى مادة سامة للأنسجة تسمى السوربيتول كما أن هذه الزيادة ترفع معدلات إرتباط الجلوكوز بالبروتينات المكونة لخلايا الجسم المختلفة (تسكر البروتينات glycated Protein) مما يؤدي إلى خلل في عمل هذه الخلايا ومن ثم اعتلال القلب والكليتين والعيون وغيرهم. 1- القلب و الأوعية الدموية: - إن المصابين بالداء السكري ترتفع لديهم نسبة الإصابة بأمراض القلب كقصور الشرايين التاجية وضعف عضلة القلب إلى أربع مرات كما أن خطر الإصابة بالسكتات الدماغية تصل إلى خمس مرات مقارنة بغير المصابين بداء السكري والسبب الرئيسي لهذه الزيادة هو تصلب الشرايين وضعف وصول الدم محملاً بالأكسجين إلى الخلايا الحيوية نتيجة انسداد الأوعية الدقيقة نظراً لارتفاع شحوم الدم مثل الكوليسترول والدهون الثلاثية كما أن داء السكري يؤثر على الصفائح الدموية التي تلعب دوراً أساسياً في تجلط الدم فتزيد من فرص جلطات القلب والمخ. - وقد وجد أن أكثر من 60% من داء السكري النوع الثاني يعانون بعد فترة من ارتفاع ضغط الدم كما أن ارتفاع ضغط الدم في النوع الأول لداء السكري هو دلالة مباشرة على تلف الكليتين وتتضاعف فرص الإصابة بأمراض القلب والأوعية الدموية في حال مصاحبة ارتفاع ضغط الدم مع داء السكري. * وللوقاية من أمراض القلب والأوعية الدموية ينصح بالتالي: - الحفاظ على مستوى مثالي للسكر بالدم. - إنقاص الوزن. - ممارسة الرياضة بانتظام وزيادة النشاط البدني. - حمية خاصة تعتمد على وجبات منخفضة الدهون. - الإقلال من ملح الطعام في الأكل. - الإقلاع عن التدخين. - علاج الضغط المرتفع. 2- الكلى: - يعتبر داء السكري هو السبب الأول للفشل الكلوي في الولاياتالمتحدة في حال عدم تنظيم سكر الدم حيث وجد أن أكثر من 40% من حالات الغسيل الكلوي هى بسبب داء السكري. - تعمل الكليتان على تخليص الجسم من المواد الضارة فقط في حين تمنعان مرور المواد المفيدة وفي حال ارتفاع السكر في الدم فإنه يمر عبر الأوعية الدموية المسئولة عن عملية الترشيح والفلترة مما يؤدي إلى ترسب السكر بها فتصبح صلبة ومع مرور الوقت تختل عملية الفلترة فتسمح بمرور بروتينات لم يكن مسموحاً بمرورها من قبل وتتوقف عن ترشيح مواد كان يجب التخلص منها ويترتب على ذلك حدوث الفشل الكلوي لاحقاً. * وللوقاية من أمراض الكلى ينصح بالآتي: - السيطرة المثالية على سكر الدم. - السيطرة على ضغط الدم بحيث لا يزيد عن 130 للضغط الانقباضي ولا يزيد على 85 للضغط الانبساطي. - السيطرة على شحوم الدم بحيث لا يزيد الكوليسترول منخفض الكثافة أو الضار عن 100مج / دل. - التحليل الدوري للبول للتأكد من عدم وجود بروتينات بالبول. - قياس الميكروالبيومين بالبول بصفة دورية حيث إن ارتفاعه دلالة على اعتلال مبكر للكلى- استخدام مثبطات الأنجيوتنسين التي تعالج ارتفاع ضغط الدم وفي نفس الوقت تقلل مرور البروتينات عبر الكليتين وفي حال وجود اعتلال مبكر للكلى فإنه ينصح باستخدام هذه النوعية من الأدوية حتى ولو كان ضغط الدم طبيعياً. - علاج التهابات المسالك البولية بحزم خصوصاً في كبار السن. - الحمية المتزنة. 3- العيون: مرضى الداء السكري هم أكثر عرضة للإصابة بأمراض العيون مثل الكتاركت أوالمياه البيضاء وذلك لأن ارتفاع سكر الدم يؤدي إلى ترسب السكر ببروتين العدسة المسئولة عن الرؤية ويسبب تعتيمها مبكراً مقارنة بهؤلاء غير المصابين بداء السكرPresenile Cataract كما أنهم عرضة للإصابة بالمياه الزرقاء أو الجلوكوما (ارتفاع ضغط العين) نظراً لضيق أو انسداد القنوات لسائل داخل العين الأمامي. - أما مرض ضعف الشبكية فهو من المضاعفات الخطيرة ويعتبر السبب الأول لفقدان البصر في الولاياتالمتحدةالأمريكية في حال عدم السيطرة على سكر الدم وقد لوحظ أن الإرتفاع المستمر للسكر بالدم يقلل من نسبة الأكسجين اللازمة لعمل الشبكية مما يضطرها لصنع شرايين جديدة ولكنها للأسف تكون ضعيفة وعرضة للنزف داخل السائل الزجاجي ومن ثم تكون الندبات والتليف بالشبكية. * وللوقاية من أمراض العيون ينصح بالتالي: - الفحص الدوري الدقيق للعينين مرة سنوياً إلا إذا رغب طبيب العيون في غير ذلك. - الحفاظ على مستوى السكر بالدم تحت السيطرة الدائمة قد يحول دون تلف الأوعية الدموية خصوصاً بالشبكية أو بالأحرى تأجيل مشاكلها. - داوم على فحص ضغط الدم حيث إن تلف الشبكية قد يتضاعف في حال وجود داء السكري مع ضغط الدم. - ممارسة الرياضة المناسبة فبعض الأنشطة الرياضية قد تؤدي إلى رفع ضغط العين أو نزيف بالشبكية. - في حال حدوث تلف بالشبكية ينصح بالتدخل المبكر للعلاج بالليزر حيث أنه يوقف خطر فقدان البصر بنسبة أكثر من 80%. - السيدات اللاتي لديهن داء السكري يجب عليهن تجنب تناول أقراص منع الحمل في حال تلف الشبكية لأنه تزيد من تجلط الدم وقد تسبب ارتفاعاً في ضغط الدم. * استشر طبيبك في حال ظهور أي من العلامات التالية: - اضطرابات بصرية مثل النقط الطائرة أو وجود خيوط عنكبوتية في مجال الرؤية. - تشوش بالرؤية أو وجود مناطق عمياء في مجال البصر. - ألم أو احمرار دائم بالعيون. - صعوبة في تمييز الأشياء المألوفة من قبل. - صداع شديد ودائم مع آلام بالعين (واشتباه الجلوكوما). 4- الأعصاب: - إن مستويات سكر الدم المرتفعة يمكن أن تؤذي الأعصاب إما مباشرة أو عن طريق الحد من تدفق الدم الخاص بها مما يؤدي إلى التهاب الأعصاب. - وهناك أنواع متعددة لالتهاب الأعصاب فمنها الطرفي فيصيب الأطراف بصورة متماثلة باليدين أو القدمين فيشعر المريض بالتنميل أو بالآلام أو بفقدان الإحساس ومنها ما يصيب المعدة والأمعاء فيكون سبباً لبطء حركتها وينتج عنه إحساس بالشبع مع قيء أحياناً أو إمساك و إسهال متناوب. - أما إذا أصيب العصب المسئول عن المثانة والجهاز التناسلي فإن المريض قد يعاني من عدم القدرة على التحكم في التبول أو في التفريغ الكامل للمثانة بالإضافة للاضطرابات الجنسية. * وينصح مرضى داء السكري بالآتي: - الحفاظ على مستوى مثالي للسكر بالدم. - ممارسة الرياضة والإقلاع عن التدخين. - الإكثار من الأطعمة التي تحتوي على الفيتامينات والأملاح المعدنية. - الإعتماد على وجبات صغيرة متكررة بدلاً من الأكل حتى الإشباع. - استخدام بعض الأدوية التي تساعد على تحسين حركة الأمعاء. - تحديد مواعيد منتظمة للتبول ولتكن كل ساعة أو ساعتين مع الضغط على المثانة للتأكد من التفريغ الكامل ويستحسن التبول مع الوضع جالساً. - مراجعة طبيب التناسلية لأن لديه العديد من الحلول لمشاكل الضعف الجنسي. 5- جهاز المناعة. - إن الارتفاع الشديد لمستويات السكر بالدم تؤدي إلى ضعف جهاز المناعة المتمثل في كريات الدم البيضاء بأنواعها المختلفة وبالتالي تزداد فرص الإصابة بالأمراض. - فمن المعروف أن كرات الدم البيضاء هى المسئولة عن مهاجمة البكتريا والفيروسات والفطريات التي تسبب العدوى ولكن زيادة نسبة السكر بالدم يضعفها ويجعلها غير قادرة على حماية الجسم كما أن هذه الزيادة تنشط الميكروبات وتقويها على مهاجمة جسم الإنسان في أجزاء كثيرة مثل: أ - القدمان: - تعتبر مشاكل القدمين لها أهمية خاصة بالنسبة للمصابين بمرض السكري بسبب ضعف الدورة الدموية لديهم أوتلف أعصاب الأطراف كما أن مرضى داء السكري يصابون بالعدوى التي تظهر غالباً في القدمين فحتى القرح الصغيرة يمكن أن تتحول إلى مشكلة خطيرة بسبب سوء انتظام السكر بالدم. - للوقاية من مشاكل القدمين ينصح بالتالي: - حافظ على القدمين نظيفة وجافة وقم بغسلها مرة يومياً بالماء والصابون وجففها جيداً خصوصاً ما بين الأصابع. - تفحص قدميك يومياً جيداً خصوصاً ما بين الأصابع واستخدم المرآة لفحص باطني القدم باحثاً عن أي مناطق للتورم أو الاحمرار أو أي تشققات أو جروح بالجلد. - ضع خارج يدك على قدميك باحثاً عن المناطق الباردة جداً أو الدافئة جداً فالأولى تدل على ضعف الدورة الدموية والأخيرة قد تعني الإصابة بتلوث صديدي. - لا تمشِ حافي القدمين أبداً حتى لا تعرض قدميك بالاصطدام بالحواف الحادة ومن ثم الإصابة. - قم بتغيير الجوارب يومياً بأخرى نظيفة وناعمة. - التزم بتقليم الأظافر مستقيماً وبالعرض حتى تتجنب إصابة جانبي الأظافر. - ارتدِ الأحذية المريحة. * اتصل بطبيبك فوراً في حال وجود: - قرحة مفتوحة بالقدم. - أي تلوث أو جرح أو دمامل. - تغير في الإحساس بالقدمين مثل التنميل والشعور بالحرقان أو الآلام. - أي تورم أو احمرار. - ظفر منغرس بالجلد. ب - الجلد: - عندما لا تتم السيطرة على مستوى الجلوكوز بالدم فإن الجسم يتخلص من السكر الزائد عن طريق التبول ومعه كمية كبيرة من السوائل مما يسب جفاف الجلد وهذا يجعله أكثر عرضة لالتهابات الجلد وللحكة مما يؤدي إلى بقع في أماكن الارتكاز كالأرداف والركبتين والكوعين ويعتبر الحفاظ على مستوى دقيق للسكر بالدم هو الحل الأمثل ضد جفاف الجلد. - للوقاية من مشاكل الجلد ينصح بالتالي: - حافظ على جلدك نظيفاً وفي حال إصابته بجفاف فمن المستحسن استعمال كريمات تحتوي على كميات كبيرة من الزيوت. - قم بتجفيف الجلد جيداً بعد الاستحمام خصوصاً تحت الإبطين وبين الفخذين حيث إن الفطريات تزداد أكثر في هذه الأماكن. - تجنب الاستحمام بماء شديد البرودة أو السخونة خاصةً إذا كان لديك أي مؤشرات لالتهاب الأعصاب الطرفي. - تجنب جفاف الجلد حتى لا تصاب بالحكة ومن ثم تحدث الجروح فتفتح باباً للبكتريا ولذلك ينصح أن يجفف جلدك جيداً بعد الاستحمام وتستعمل كريمات تحتوي على نسبة عالية من الزيوت ويمكن استخدام بودرة التلك تحت الإبطين. - ارتدِ ملابس داخلية قطنية فهى تسمح بالتهوية الجيدة. - لا تستخدم مزيلات العرق والعطور كبديل عن النظافة الشخصية لأنها قد تسد مسامات الجلد ويصير الجلد مأوى للبكتريا. - عالج الجروح سريعاً حتى لو كانت صغيرة وينصح باستعمال الماء والصابون فقط بالإضافة إلى كريمات أو مراهم المضادات الحيوية ولا داعي لاستخدام المطهرات المهيجة للجلد كالكحول ومنتجات اليود. * اتصل بطبيبك في حال وجود: - احمرار أو تورم أو صديد. - هرش شديد بالجلد أو بالمهبل لدى السيدات. - فطريات. - بثور في أي مكان خاصةً بين أصابع اليدين أو القدمين أو تحت الإبطين وكلها تشير إلى عدم السيطرة على سكر الدم. ج - الفم: - إن داء السكري يمكن أن يسبب أمراضاً حادة في اللثة والتهابات صديدية بالأسنان للصغار والكبار وذلك لأن ارتفاع معدلات السكر بالدم يجعل اللعاب أيضاً غني بالسكريات فيكون الفم عرضة أكثر للبكتريا المسببة لالتهابات اللثة والأسنان، ومتى بدأ التلوث فإنه من الصعب محاربته ولذلك فإن الوقاية من أمراض اللثة يعتمد أساساً على التحكم في مستوى السكر بالدم بالإضافة للاحتياطات التالية: - حافظ على نظافة الأسنان وقم بمراجعة طبيب الأسنان مرة كل 6 أشهر. - استخدم فرشاة الأسنان مرتين يومياً على الأقل واستخدم غسول مضاد للجير ولا بد من اختيار فرشاة ناعمة ومصنوعة من النايلون حتى تتجنب جرح اللثة. - استخدم خيط التنظيف مرة يومياً لإزالة الرواسب والبكتريا من بين الأسنان. - اتصل بطبيب الاسنان في حال: - نزيف باللثة عند تنظيفها بالفرشاة. - احمرار باللثة مع تورم وألم. - ظهور صديد بين الأسنان واللثة. - تغير في انطباق الأسنان على بعضها البعض أثناء المضغ. - انبعاث روائح كريهة من الفم. - ونظراً لأهمية الكشف المبكر لمرض السكري، فقد قام مركز الورود الطبي بافتتاح عيادة مجانية لقياس نسبة السكر وضغط الدم. * إخصائي الأمراض الباطنية والسكر
