تعتبر المملكة العربية السعودية من بين عدد قليل من دول العالم التي يجرى فيها حاليا معالجة البهاق الجراحية بزراعة الخلايا الصباغية، حيث تجرى بنجاح حاليا في المركز الوطني لعلاج البهاق والصدفية. حول هذا العمليات وغيرها من الموضوعات التي تتعلق بالبهاق وعلاجاته المختلفة ونسب نجاحها كان لنا هذا اللقاء مع الدكتور سانجيف موليكر استشاري أمراض البهاق والصدفية في المركز الوطني لعلاج البهاق والصدفية. * نود أن نتعرف بداية على ماهية البهاق؟ د. موليكر: البهاق عبارة عن بقع جلدية بيضاء (فاقدة اللون) وحدودها واضحة عادة، ويكون الجلد فيها سليماً ماعدا فقدان اللون بسبب فقدان الخلايا الصباغية المسؤولة عن إفراز الصباغ الذي يعطي الجلد لونه. * ما طبيعة الحالات التي يستقبلها المركز الوطني لعلاج البهاق والصدفية ؟ - د. موليكر: نعالج في هذا المركز البهاق والصدفية فقط، وأعتقد أنه المركز الوحيد في الشرق الأوسط المتخصص في علاج البهاق والصدفية فقط، حيث نقوم بفحص المريض وتقييم حالته وإجراء التحاليل اللازمة ومن ثم نضع الخطة العلاجية المناسبة، وذلك تحت إشراف أطباء اختصاصين وطاقم تمريضي متمرس. * ما العلاجات التي تقدمونها لمرضى البهاق في هذا المركز؟ - د. موليكر: هناك العديد من العلاجات لمرض البهاق وتختلف باختلاف شكل المرض وحالة المريض، وتقسم إلى علاجات محافظة وعلاج جراحي. أما العلاجات المحافظة فمنها العلاجات الموضعية باستخدام الكريمات الكورتيزونية أو المركبات المضادة للأكسدة، وهناك العلاج الضوئي بمختلف أشكاله، ولدينا أجهزة متطورة من ضمنها جهاز الإكزايمر ليزر، فضلا عن العلاج الجراحي بزراعة الخلايا الصباغية حيث أننا أول من أجرى هذه العملية في المملكة. * ما الجديد في العلاج الجراحي للبهاق؟ - د. موليكر: هناك عدة أشكال للعلاج الجراحي للبهاق أذكر منها علاج البهاق بالطعم الجلدي المأخوذ بالشفط، والطعم الجلدي الرقيق، والطعوم الصغيرة، وزراعة الخلايا الصباغية التي يتم تكثيرها في المختبر، وأخيرا زراعة الخلايا الصباغية الذاتية المأخوذة من المريض مباشرة وهي الطريقة المتبعة لدينا وتعتبر الأفضل حسب الدراسات العالمية. * هل كل أشكال البهاق قابلة للعلاج جراحياً؟ - د. موليكر: بالطبع لا، فهناك عدة شروط لذلك منها أن يكون البهاق ثابتاً غير نشط لدى المريض، أي أن تكون بقع البهاق ثابتة الحجم لمدة لا تقل عن ستة أشهر، وعدم ظهور أي بقعة جديدة منذ أكثر من سنة. كما أننا لا نلجأ للجراحة إلا إذا كانت البقع معاندة على أنواع العلاجات الأخرى، كما يجب أن تكون بقع البهاق محدودة. * ما هي نسبة تحسن العلاج الجراحي للمناطق الطرفية مثل أطراف الأصابع ؟ - هي نسبة ضعيفة وعادةً لا ننصح هؤلاء المرضى بعمل هذه العملية لأن نسبة النجاح في مثل هذه الحالات ضعيفة كما ذكرنا. * وكيف تتم عملية إجراء العلاج الجراحي للبهاق؟ - د. موليكر: تجرى العملية داخل العيادة وتستغرق حوالي الساعتين، يكون المريض خلالها واعياً حيث تجرى العملية تحت التخدير الموضعي ولا تجرى تحت التخدير العام إلا في بعض الحالات كما عند بعض الأطفال. ثم يحدد مكاناً من مناطق الجلد السليم التي يراد أخذ الطعم (الشريحة) منها وتكون عادة في أعلى الفخذ، وتؤخذ هذه الشريحة بواسطة آلة خاصة لضمان الحصول على طبقة رقيقة جداً، يتم وضعها فوراً في محلول خاص ثم في حاضنة بدرجة حرارة معينة لمدة 45 دقيقة، ثم تغسل وتوضع في محلول آخر بحيث يسهل فصل الخلايا الصباغية عن غيرها، ثم توضع في محلول آخر لتسهيل زرعها داخل مناطق البهاق. وخلال هذه المرحلة ينصرف الطبيب إلى مناطق الجلد المصابة بالبهاق حيث يستعمل الليزر أو جهازاً خاصاً لتقشير هذه المناطق لتصبح جاهزة لتلقي الخلايا الصباغية. وبعد وضع الخلايا الصباغية بطريقة خاصة يتم تغطية هذه المناطق بمواد تمنع دخول الماء والهواء لمنع التلوث ثم يعود المريض إلى المنزل، وليس هناك لزوم للراحة التامة، ما عدا عدم التحريك العنيف للمناطق المزروعة خاصة في الثلاثة أيام الأولى، ويتم متابعة المريض كل أسبوع ثم كل شهرين بعد الشهر الأول من العملية. * متى تبدأ بقع البهاق بالتصبغ بعد العملية؟ - د. موليكر: يبدأ عادة بعد 3 إلى 4 أسابيع ويستمر كذلك بإذن الله لمدة أشهر إلى حين التصبغ الكامل. * نود أن نتعرف على بعض النتائج لديكم في المركز الوطني لعلاج البهاق والصدفية؟ - تم إجراء ما يقارب على 500 عملية زراعة خلايا في المركز الوطني لعلاج البهاق والصدفية، وتم إجراء دراسة تحليلية عليهم، وكان هؤلاء المرضى مصابين بأشكال مختلفة من البهاق، وكان البهاق القطعي هو الأكثر شيوعاً، ثم الموضعي ومن ثم المنتشر وأخيرا البهاق الطرفي، كما حددنا في هذه الدراسة انتشار البهاق وفقاً للعمر والجنس وحددنا نسبة التحسن من ممتازة، إلى جيدة، ثم متوسطة، ثم ضعيفة. وكانت النتائج متوسطة إلى ممتازة لدى 80% من المرضى وضعيفة لدى 20% من المرضى. ولكن علينا أن نذكر أن هذه النتائج ترتبط بنوع البهاق المعالج، حيث أن البهاق الموجود في مركز الجسم، أو في مناطق فيها شعر تكون استجابته للعلاج الجراحي أفضل بكثير من البهاق الموجود في الأطراف البعيدة من الجسم، أو في المناطق غير الحاوية على شعر. وعلينا أن نذكر أن مضاعفات هذه العملية نادرة وتكاد تكون معدومة. * وماذا عن التأثيرات النفسية والاجتماعية للبهاق؟ - رغم أن البهاق مرض سليم ليس له أي تأثيرات ضارة للبهاق، إلا أن له تأثيرات سلبية على المصاب به وعلى المجتمع الذي يعيش فيه المريض، لدرجة أنه للأسف قد يمنع الشخص من الزواج، أو الحصول على وظيفة مناسبة، وقد يصاب جراء ذلك بأمراض نفسية متعددة. * بماذا تنصح المرضى المصابين بالبهاق؟ - على مرضى البهاق أن يتصرفوا وكأنهم ليسوا مصابين بأي مرض، وعليهم أن يمارسوا نشاطاتهم بشكل كامل، وأن يقرؤوا عن مرضهم لتزداد ثقافتهم عنه ليستطيعوا مناقشة الآخرين في مجتمعهم، وعليهم أن يتذكروا أن أبواب العلاج مفتوحة فيجب ألا ييئسوا، حيث توصل العلم لعلاجات حديثة مثل زراعة الخلايا الصباغية الذاتية، كما على مرضى البهاق أن يبنوا جسوراً من الثقة بينهم وبين أطبائهم. * علمنا أنك أجريت أكثر من 1000 عملية زراعة للخلايا الصباغية لمعالجة البهاق خارج المملكة و500 عملية داخل المملكة حدثنا عن النتائج التي حصلت عليها إلى الآن؟ - نعم هذا صحيح، لقد أجريت أكثر من 1500 عملية إلى الآن، وبالطبع تختلف النتائج باختلاف المنطقة المعالجة من الجسم، فالمناطق الطرفية قد لا تتجاوز فيها نسبة النجاح 30%، في حين أن هذه النسبة ترتفع لتفوق ال 90% في المناطق الموجودة في مركز الجسم أو القريبة منه، والمحتوية على شعر، ولكن يمكن زيادة نسبة النجاح حتى في الحالات الطرفية بإعطاء المريض كميات قليلة جداً من الكورتيزون بطريقة خاصة بحيث نحصل على التأثيرات العلاجية المرغوبة ونتجنب ما أمكن التأثيرات الجانبية، وكما ذكر زملائي فيجب متابعة المريض دورياً بعد الجراحة لتقييم وضعه والوقوف على نتائج العملية. * المركز الوطني لعلاج البهاق والصدفية