تشهد منطقة المدينةالمنورة طوال العام حركة دؤوبة من قبل زوار المنطقة ومنها عقب أدائهم لفريضة الحج. وفي هذه الأثناء اغتنمت الرئاسة العامة لهيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر بالمنطقة من خلال فرعها هذه الحشود لاستثمار رسالتها السامية وتفعيلها من خلال برامج هادفة وأسلوب راقٍ يتعاطى مع واقع ضيوف بيت الله الحرام الذين وفدوا بمشارب متعددة وثقافات متنوعة. وفي هذا التحقيق استضفنا ثلة من مسؤولي فرع الرئاسة العامة لهيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر بمنطقة المدينةالمنورة لاطلاعنا على نموذج من هذه الجهود وآلية عملها من خلال استعراض جهودها في (البرنامج التوجيهي لخدمة الحجاج) فإلى هناك: ***** البرنامج التوجيهي في البداية بيّن فضيلة مدير عام فرع الرئاسة العامة لهيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر بمنطقة المدينةالمنورة الشيخ سليمان التويجري أن للفرع إسهامات فعالة ومباركة وخصوصاً في مواسم الحج في كل عام، ضمن الجهود التي تبذلها حكومة خادم الحرمين الشريفين حفظه الله في خدمة حجاج بيت الله الحرام وإرشادهم وتوجيههم بما يعود عليهم بالنفع والفائدة ويصلح دينهم ودنياهم، ومن تلك الجهود والإسهامات البرنامج التوجيهي لخدمة الحجاج والذي يتضمن مجموعة من الأنشطة والبرامج في مقدمتها استقبال الزوار والحجاج أثناء قدومهم للمدينة، والترحيب بهم، وإهداؤهم بعض المطبوعات الإرشادية التي تسهم في رفع مستوى وعيهم الشرعي؛ وتبين لهم ما يجب عليهم أداؤه في مناسك الحج والعمرة؛ والطريقة الصحيحة لأداء هذه الواجبات، وإسداء النصح والتوجيه لهم بالأسلوب الحسن الذي دلت عليه الشريعة الإسلامية بما يعكس الدور الحقيقي الذي تقوم به المملكة والرسالة السامية التي تسعى لنشرها، والمكانة الصحيحة التي تحتلها في قلوب المسلمين في أنحاء المعمورة. وبيّن التويجري أن هذا البرنامج وغيره من البرامج التوجيهية جزء رئيس من المهام المناطة بالهيئة، إضافة إلى مهامها الاحتسابية الموجهة لإنكار المنكرات والمخالفات ومعالجتها كذا الحيلولة دون انتشارها في المجتمع. وأشار فضيلته إلى أن الإعداد لهذا البرنامج يتم قبل موسم الحج ويستعان فيه بمجموعة من المترجمين باللغات المهمة التي يتحدث بها غالب الحجاج، من الذين يتميزون بالعلم الشرعي ويحسنون التعامل مع الآخرين، وتقام لهم ولجميع الأعضاء المشاركين في البرنامج الدورات التأهيلية والإرشادية اللازمة، وتوفر الكميات المناسبة من المطبوعات الإرشادية بعدة لغات ليتسنى إهداؤها لكل حاج كهدية مقدمة من المملكة بشكل عام ومن مدينة رسول الله صلى الله عليه وسلم بالذات. وأكد فضيلته أن هذه الجهود التي تقوم بها الهيئة تتكامل مع سائر الجهود التي تقوم بها الجهات الحكومية المختصة في هذا المجال وتنتظم معها في منظومة واحدة متناسقة ومترابطة لتحقيق الهدف الأسمى من هذه الجهود والمتمثل في خدمة الحجاج والمعتمرين وإبراز وتعزيز الصورة الإسلامية المشرقة لبلاد الحرمين الشريفين. وسأل الله تعالى أن يبارك في هذه الجهود، وينفع بها، ويجزي حكومة خادم الحرمين الشريفين خير الجزاء على ما تقوم به من جهود مشكورة في خدمة حجاج بيت الله الحرام. مراحل البرنامج ومن جهة أخرى أوضح فضيلة مدير إدارة التوعية والتوجيه بالفرع والمشرف التنفيذي على البرنامج الشيخ رباح السلامة أن البرنامج التوجيهي المذكور تم تقسيمه إلى مرحلتين، تبدأ الأولى منها من أول يوم من شهر ذي القعدة وتستمر إلى يوم الثامن من شهر ذي الحجة، والمرحلة الثانية تبدأ بعد قضاء الحجاج لمناسك الحج والعمرة وتوجههم إلى المدينة من يوم الثالث عشر من شهر ذي الحجة وإلى نهاية يوم الخامس عشر من شهر محرم، ونستوعب في المرحلتين كلاً من حجاج الداخل والخارج مع إيلاء الأهمية للحجاج القادمين من الخارج. وذكر أن إدارة التوعية والتوجيه قامت بتهيئة طاقم متكامل للقيام بهذا البرنامج تم دعمه بأكثر من مائة مترجم باللغات المهمة والحيوية للحجاج، وهؤلاء المترجمون من طلبة العلم والدارسين في الجامعة الإسلامية بالمدينةالمنورة، كما تم إخضاعهم لبرنامج تدريبي قبيل موسوم الحج ولمدة أسبوع كامل، نوقشت فيه أهداف هذا البرنامج، والموضوعات التي ينبغي التعامل معها، ومهارات التعامل مع الزوار، وتم من خلال توزيع أفراد الطاقم على خمس نقاط توجيهية في المواقع التي يكثر تردد الحجاج عليها لزيارتها وهي: مقبرة البقيع ومقبرة الشهداء ومنطقة الخندق (المساجد السبعة) والمنطقة المركزية بجوار المسجد النبوي، إضافة إلى موقعين آخرين يتم فيهما استقبال الحجاج أول مقدمهم للمدينة في محطة حجاج البر ومحطة الجو والبحر. وأكد السلامة حرص الرئاسة من خلال هذا البرنامج على أن تبين للحجاج الأماكن المشروع زيارتها في المدينة، والزيارة الشرعية للمقابر وآدابها، وحرمة الأماكن المقدسة، وأهمية احترام الأنظمة والتعليمات والتعاون من الجميع على تأدية الحج والنسك بالطريقة الصحيحة والسليمة، يضاف إلى ذلك تحذير الحجاج من بعض المخالفات الشرعية العقدية كالبدع والشركيات وغيرها بالأسلوب الحسن. وعن الجهود المبذولة لحجاج الداخل ذكر أنها تبدأ من يوم السادس من ذي الحجة وتستمر لثلاثة أيام متتالية وجعلت في نقطتي توجيه الأولى في مسجد الميقات والثانية أول طريق مكة السريع، استمر فيها العمل على مدار الساعة. وبالنسبة لعدد المطبوعات الإرشادية الموزعة على الحجاج ذكر فضيلة مدير التوعية بالهيئة أن إجماليها الموزع ضمن هذا البرنامج في هذا العام بلغ (ما يزيد عن المليون والسبعمائة ألف مطبوعة) وزع منها في الموسم الأول أكثر من (350000) مطبوعة وفي الموسم الثاني أكثر من (400000) مطبوعة وزعت من خلال إدارة التوعية والتوجيه في الفرع في حين وزع مركز هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر القائم بجانب مقبرة الشهداء ما يقارب المليون مطبوعة. وختم مدير إدارة التوعية بالتأكيد على النتائج الإيجابية التي حققها البرنامج والتي تمثلت في تقبل أغلب الحجاج للتوجيه والمناصحة، وإقبالهم على المواد المهداة لهم عن النسك وغيرها، وشعورهم بالامتنان لحسن الاستقبال وكرم اللقاء حيث سمعنا السنتهم تنطلق -بمخلتف لغاتهم- بالشكر والدعاء للعاملين على هذه الجهود القيمة، وسؤال المولى القدير أن يحفظ لهذه البلاد وأهلها دينهم وأمنهم وإيمانهم. كما استقبلت الهيئة العديد من الزوار من حجاج بيت الله الحرام في مواقعها الميدانية ومكاتب الإدارة تعبر جميعها عن الأثر الإيجابي الذي يلمسونه على حجاجهم من تنفيذ البرنامج التوجيهي، ويقدمون شكرهم وامتنانهم لهذه البلاد المباركة وأهلها على ما يبذلونه ويقدمونه، وأن يجعله الله في موازين الحسنات يوم الدين. من جانبه بيّن الشيخ منصور السلامة رئيس مركز هيئة الشهداء أن إسهامات المركز في البرنامج التوجيهي برزت من خلال تنفيذ المركز لمجموعة من البرامج والأنشطة التوجيهية للمعتمرين أثناء زيارتهم لبعض المواقع التاريخية التابعة لقطاع المركز كمقبرة شهداء أحد وذلك في جهود تهدف الحيلولة دون إرتكاب المنكرات من قبل بعض الزوار والتي تصل للبدع والشركيات، حيث ركزت على بيان الزيارة الشرعية من خلال ثماني لوحات إرشادية بعدة لغات نصبت بجوار المقبرة. مشرفو النقاط الشيخ مساعد الأحمدي المشرف على ثلاث من نقاط التوجيه في البرنامج أوضح للرسالة أنّ من أهداف البرنامج استثمار موسم الحج في تعزيز المشاعر الأخوية وتقوية أواصر المحبة بين المسلمين فيما أشار الشيخ أحمد جميل وهو مشرف آخر على بعض نقاط التوجيه في البرنامج انتشار الجهل بين كثير من الحجاج ووقوعهم في بعض المخالفات العقدية أو في المخالفات المتعلقة بالنسك وذلك عن جهل وغفلة، وأن هناك حاجة ماسة لتوجيههم وإرشادهم، ونشر العلم الشرعي بينهم في أصول الدين وأركانه، وبين الجميل أن موسم الحج فرصة ذهبية لنشر العلم الشرعي بين المسلمين في أنحاء العالم والتحذير من خطر الشرك وصرف العبادة لغير الله تعالى وبيان توحيد الله الذي بعث الله الأنبياء به وفضله. وفي لقائنا مع الحاج عبدالله أحد حجاج دولة نيجيريا ذكر أنه وجميع زملائه في البعثة سعيدون بهذه الحفاوة التي لقوها في بلدهم الثاني المملكة العربية السعودية وقال إن الهديا التي يحصل عليها أحدنا من المملكة وبالذات من المدينة لها في قلوبنا مكانة خاصة لذا توقع أن تكون آثارها الإيجابية على الحجاج كبيرة. وتمنى أن تبذل المزيد من الجهود في المستقبل من الجهات الدعوية والخيرية لتشمل برامج الإرشاد جميع الحجاج القادمين للمملكة حيث إن موسم الحج فرصة على حد تعبيره عظيمة للدعوة إلى الله. المحور الأول وفي تعليق من فضيلة الشيخ عبدالله الزهراني مدير إدارة القضايا بفرع الرئاسة العامة لهيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر بمنطقة المدينةالمنورة على هذا البرنامج التوجيهي، أشار إلى أن هذه الجهود الإرشادية تنتظم في المحور الأول من شعيرة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر التي تقوم بها الهيئة وهو محور الأمر بالمعروف والذي يعني الحث على أنواع المعروف الذي جاءت بها الشريعة الإسلامية ونشرها وبالذات إذا ظهر ترك الناس لها أو تقصيرهم فيها، وهي بذلك تعد جهوداً بنائية ووقائية في الوقت نفسه حيث إنها تبني المعروف في قلوب الناس وتنشره بينهم وتدعم الوازع الداخلي الذي يدفعهم إلى البعد عن المنكرات وعدم مقارفتها، وبذلك تقي المجتمع من وقوع كثير من المنكرات. والمحور الثاني وهو النهي عن المنكر ويعني الاحتساب على المنكرات الشرعية إذا ظهر فعل الناس لها، ونهيهم عن مقارفتها مع الإلزام بذلك حسب السلطة الممنوحة لها من ولي الأمر، والقبض على مرتكبيها واتخاذ الإجراءات اللازمة بحقهم حسب جرمهم فمنهم من يتم الستر عليه ويتم إنهاء إجراءاته داخل المركز وهذا في أغلب الحالات ما لم يفض ذلك إلى مفسدة شرعية راجحة، ومنهم من يحال إلى جهات القضاء لتقرير ما يستحقه من عقوبة، وتتنوع جهود الهيئة في المحور الثاني إلى: 1- الاحتساب في جانب العقيدة، فتمنع الهيئة مظاهر البدع والشركيات والسحر والشعوذة وسائر الأمور المخلة بالعقيدة. 2- الاحتساب في جانب العبادات، فتحث الهيئة على إقامة الصلوات في المساجد وترك الإفطار في نهار رمضان. 3- الاحتساب في جانب الأخلاق والإعراض، فتمنع الهيئة المعاكسات والعلاقات المحرمة بين الجنسين والاختلاط والتبرج والسفور، وما يترتب على ذلك من جرائم أخلاقية. 4- الاحتساب في جانب حماية العقول من المؤثرات العقلية، فتمنع الهيئة انتشار المسكرات والمخدرات في المجتمع. 5- الاحتساب في جانب حماية النواحي الثقافية والفكرية في المجتمع، فتمنع الهيئة المطبوعات المخلة بالشرع والآداب أو تدعو إلى العقائد المنحرفة. لقطة * أحد حجاج الداخل في نقطة توجيه خط الهجرة أثناء ذهابه لأداء مناسك الحج ذكر لأحد أفراد الطاقم أنه لم يشتر أي مطبوعة عن المناسك على أمل أن يأخذها من إخوانه في الهيئة، كعادتهم كل سنة. * فرع الرئاسة العامة لهيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر بمنطقة المدينةالمنورة.