قال تعالى على لسان يعقوب (عليه السلام): {قَالَ إِنَّمَا أَشْكُو بَثِّي وَحُزْنِي إِلَى اللّهِ} «86» سورة يوسف.. نعم إننا نشكو إلى الله سبحانه وتعالى وحده دون غيره فهو حسيبنا وهو الأعلم بحالنا بعد فقد أخي وحبيبي وقرة عيني الرائد البطل (خالد)، فها هي السنة الثانية تنطوي بحلوها ومرها.. وخيرها وشرها.. وتتبدل بنا الأيام من فرح إلى حزن.. ومن سعادة إلى ألم.. ويبقى على الرغم من ذلك أنين في القلب موجع.. وجرح عميق غائر بين الضلوع، مهما سلينا أو لهينا لا نلبث أن نحس بنغزاته بين الحين والآخر. ففي لحظات السكون نسمع ذلك الأنين مما يسلب النفس الراحة ويقطع عليها الفرحة ويترك العين للدمعة، والروح للحزن.. وعلى الرغم من كل هذا الحزن والكمد، فالله جلت قدرته وعزته قد سكب علينا الرضا بمشيئته والإيمان المطلق بقضائه وقدره. فاللّهم لك الحمد والشكر كما ينبغي لجلال وجهك وعظيم سلطانك، كنا نظن أنه بمرور الوقت مع تعاقب الزمن سوف ننسى شيئاً من الحزن ونسلى وأن الدنيا ستأخذنا بمعتركاتها.. ولكن الحقيقة التي اكتشفتها أن جراح الفراق عميقة.. والشوق إليه جعل الدموع كالأنياب.. ورياح الفراق تلفنا قاسية باردة.. تطاردنا ذكريات جميلة في كل مكان وفي أي بيت من بيوتنا لا نلبث عندها إلا الدعاء للحبيب بالمغفرة والرحمة.. فاللهم يا مالك الملك أجمعنا به في مستقر رحمتك. وفي خضم تلك الأحزان وطوال هاتين السنتين نجد أن هناك أيادي حانية من الدولة ممثلة بوزارة الداخلية في ظل أميرها صاحب السمو الملكي الأمير نايف ونائبه صاحب السمو الملكي الأمير أحمد وصاحب السمو الملكي الأمير الشهم النبيل محمد بن نايف - حفظهم الله -، وصاحبات السمو الأميرات.. الذين قد شدوا على أيدينا وربتوا على أكتافنا وآزرونا في محنتنا.. وكانت لهم مواقف مشرفة منذ خبر استشهاد الغالي وحتى هذه اللحظة، فما وجدناه منهم من مواساة على كافة الأصعدة تجعلنا نقدم باقات الشكر والعرفان والدعاء لهم بطول العمر والعمل الصالح.. وإن كان لنا أن نذكر شيئاً من الاهتمام فهو التفضل باستضافتنا لأداء مناسك الحج، وقد تم ذلك بكل راحة ويسر وجهود جبارة بذلت.. فجزاهم الله عنا خير الجزاء وجعل ذلك في موازين أعمالهم.. وللإدارة العامة للمباحث الشكر والتقدير على ما تقدمه من رعاية لأسر شهداء الواجب. ولا ننسى إدارة العلاقات العامة بوزارة الداخلية التي تبذل جهوداً جبارة في التنسيق بين المسؤولين وذوي الشهداء. كما نتقدم بالشكر لإدارة شؤون الشهداء بوزارة الداخلية ممثلة في العقيد عبيد البقعاوي وزملائه، وما يبذلون من تجاوب واهتمام بما يهم أسر شهداء الواجب.. وأريد أن أنوّه بشيءٍ كان له الأثر العميق في نفوسنا وأعطانا الإحساس بالفخر والاعتزاز لما قدمه الشهيد البطل لهذا اللوحة التي كانت مكتوبة على الحافلة التي تقلنا بين المشاعر وقد كتب عليها: (ضيوف وزارة الداخلية أهالي وذوو شهداء الواجب). بخط واضح.. وهذا ليس بمستغرب على رجال هذا الوطن والمسؤولين في هذا البلد المعطاء نحو من قدم روحه ودمه في سبيل الله وخدمة دينه ووطنه ومليكه.. وأقسم على الولاء والطاعة فكلنا جنود تحت راية: (لا إله إلا الله محمد رسول الله).. وسنحارب بيدٍ من حديد كلَّ من يحاول المساس بأمن هذا البلد أو الإفساد فيه. كلمة لكلِّ من مشى على هذه الأرض الطيبة المباركة من مواطن أو مقيم ذاق حلاوة الأمن ونعمة الاستقرار والعيش الرغد في ظل حكومة تقوم على شرع الله وتطبق منهج الإسلام. أقول لهم إن أقل وأبسط ما نقدمه لهؤلاء الشهداء (بإذن الله) هو الدعاء لهم بالرحمة والمغمرة والقبول عند الله وأن يلهم أهلهم وذويهم الصبر والسلوان، وأن يبارك في أبنائهم ويجعلهم خير خلف لخير سلف. وفي الختام - اللّهم انتقم لنا من كلّ من هو إرهابي حاقد وكل من سفك معصوماً بغير حق. ومن خطط له أو عمل معه، أو تستر عليه وتعاطف معه أو حتى وجد له عذراً فيما يفعله بوطنه ومواطنيه.. وحمى الله رجال أمننا البواسل وحفظهم الله من كل سوء في حربهم ضد الإرهاب والغدر والخيانة والإفساد في الأرض.. ورحم الله من استشهد منهم وسجل لنفسه ولأهله ولوطنه ملحمة رائعة في البطولة والفداء والإخلاص لله ثم للوطن.. وقدم دمه الطاهر في سبيل كشف أوكار الخفافيش أو إحباط مخططاتهم بكل إقدام وشجاعة وجسارة.. وجعل درجتهم في عليين مع الشهداء والصالحين والصادقين والتابعين وحسن أولئك رفيقاً. اللهم آمين.. اللهم أمين. أخت الشهيد (بإذن الله) الرائد (خالد عبدالعزيز الحميدان)