(تبارك الذي خلق الموت والحياة) وسبحانه مغير الأحوال فجعل السرور وأوجد الأحزان لتسير الحياة وفق سننه وقضائه سبحانه وتعالى. فجعنا بوفاة الأخ الغالي خليل عبد الرزاق المرهق الذي اختاره الله إلى جواره في الساعات الأخيرة من عامنا الهجري المنصرم بسكتة قلبية مفاجأة. وبوفاته فقدنا أخاً وأباً للجميع من خلال حرصه الدائم على متابعة الصغير والكبير أبو فهد - رحمه الله - كان مثالاً للرجل الشهم برهن بسيرته الاجتماعية والعملية بأنه المكافح الذي لا يعرف اليأس، شق سبيل الحياة بإيمان قوي بالله وعزيمة لا تلين وطموح لا يستكين بذل قصارى جهده لتحقيق التآخي والتآلف والزيادة في المحبة، بنى نفسه بنفسه منذ أن كان جندياً في القوات المسلحة السعودية إلى أن وصل إلى رتبة قيادية على مدى سبع وعشرين عاماً خدم فيها دينه ومليكه ووطنه، نال خلالها أوسمة الشرف والكرامة والإنسانية. لفراقه بكيت وتكدر خاطري وحزنت وعشت ساعات من الصمت بيد أني لم ألبث أن عدت واستعدت إلى ذاكرتي قول الحق تبارك وتعالى { كُلُّ نَفْسٍ ذَائِقَةُ الْمَوْتِ } (35) سورة الأنبياء، وقول الله - عز وجل -:{ وَلِكُلِّ أُمَّةٍ أجل فَإِذَا جَاء أجلهُمْ لاَ يَسْتَأْخِرُونَ سَاعَةً وَلاَ يَسْتَقْدِمُونَ } (34) سورة الأعراف. عزائي أن الموت حق وأن الناس إلى الفناء جميعاً وهذا قضاء الله وقدره. وفاته - رحمه الله - لم تكن شيئا هيناً في نفوسنا ونفوس زملائه في القوات المسلحة، حيث شدوا رحالهم من تبوك إلى الجوف لتقديم واجب العزاء، وموته استنزف الكثير من دموع الرجال في يوم عزائه فأدمت قلوبهم تلك الدموع الغزيرة الغالية عليهم لكنها رخصت لرحيله إلا أنها لم تروِ حقلاً صغيراً من المسافات الشاسعة التي زرع فيها الكثير من بذور الخير وزهور الإنسانية. من عرف أبو فهد لا ينكر الحقيقة.. يشارك الجميع أفراحهم وأتراحهم فقد كان - رحمه الله - صدراً رحباً واسعاً لكل من يأتي إليه فاسمه سيظل محفوراً في جميع جنبات أهله ومحبيه وجهده وخدمته وفعله سيظل متردداً مع هدير دبابات ومدافع قواتنا المسلحة حيث خدمها من صباه حتى جاء أجله ووافاه. انطفأ السراج بعد أن أضاء للكثير من زملائه ومحبيه وخفت الضوء في سريته العسكرية، وذابت تلك الشخصية المتوهجة المتربعة على منصة الضيافة والكرم. رحمك الله أخي خليل رحمة الأبرار وأسكنك فسيح جناته فقد كسبت ميتة يتمناها الجميع فاضت روحك في السويعات الأخيرة من عامنا المنصرم ووريت في الثرى في الساعات الأولى من عامنا الجديد فهذا مؤشر خير - إن شاء الله -. خليل أخي رحلت عنا لكنك لا تزال قدوة خيرة يقتدي بها كل من اعتبر العمل العسكري أمانة وشرفا وواجبا ورسالة لا وظيفة ومسؤولية لا مناص من أدائها بالإخلاص والتفاني، وهو ما وجده فيك زملاؤك العسكريون على مدى رحلة عمرك الوظيفية. رحمك الله يا أخي رحمة واسعة وعزائي أشقائي أبقاهم الله ذخراً ودعاؤنا جميعاً لك بأن يغفر الله لك ويسكنك فسيح جناته ويلهمنا الصبر والسلوان.. وأعلم أخي بأنك لا يمكن أن تغيب أو تسقط من نوافذ الذاكرة. {يَا أَيَّتُهَا النَّفْسُ الْمُطْمَئِنَّةُ * ارْجِعِي إلى رَبِّكِ رَاضِيَةً مَّرْضِيَّةً * فَادْخُلِي فِي عِبَادِي * وَادْخُلِي جَنَّتِي }. و{إِنَّا لِلّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعونَ }.