الإرهاب بجميع صوره وأشكاله ترفضه الفطرة الإنسانية؛ لكونه جريمة وتعديا على حقوق الآخرين وأرواحهم، وفي الوقت ذاته وسيلة ممقوتة لا مبرر لها مهما كانت الظروف والمسببات. فما حدث في القصيم صباح يوم الثلاثاء الخامس والعشرين من شهر ذي القعدة 1426ه من قتل رجال الأمن هو جريمة بشعة لا يقبلها العقل ولا يقرها الدين. لقد أثبت هؤلاء الإرهابيون أنهم لا يحترمون الأوقات الفاضلة ولا يتورعون عن إزهاق الأنفس المعصومة وإتلاف الأموال المحترمة في أي وقت ومكان. والمسلم الواعي المدرك صاحب الفطرة السليمة يستنكر ما حدث؛ لكونه مساساً بأمن الوطن والمواطن وقتلا للأنفس البريئة وإتلافا للأموال والممتلكات المصانة. إننا في هذه البلاد المباركة التي تُحكّم شرع الله وتُقيم حدوده ندين هذا العمل الإجرامي الخطير الذي يستهدف إشاعة الفوضى وانعدام الأمن وقتل الأرواح. فالإسلام عقيدة صافية، ومعاملة تدعو إلى العدل والتسامح وتحريم الظلم والتعدي قال سبحانه:{وَتَعَاوَنُواْ عَلَى الْبرِّ وَالتَّقْوَى وَلاَ تَعَاوَنُواْ عَلَى الإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ وَاتَّقُواْ اللّهَ إِنَّ اللّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ} (2)سورة المائدة. فهذه الأعمال الإرهابية تثبت أن هؤلاء ابتعدوا عن هذه العقيدة وأهدافها، وأصبحت النزعة العدوانية والإرهاب والجريمة هي الصفات التي يتمتع بها هؤلاء القتلة في مسلكهم المشين، ولا شك أن الانحراف الفكري يقود صاحبه إلى المخاطر ويلغي عقله السليم ويقضي على صاحبه ويحقق له عكس ما أراد فيجعله يقدم على هذه الأعمال المنافية للدين بدوافع مبنية على ضلال وانحراف فكري وتصور فاسد، وفي ذلك علامة شذوذ وتنكب عن الطريق المستقيم، ولن يغير من واقع الأمة والمجتمعات شيئاً، بل يؤكد الطبيعة العدوانية والنزعة الدموية لأصحاب هذه التوجهات المنحرفة. إن القيمة الحقيقية للإنسان المسلم هو تمسكه بدينه وأخذه العلم عن العلماء المحققين الذين يبينون الحق من الباطل، أما أولئك المنحرفون عن الصراط المستقيم الذين ارتبطوا فكرياً بأشخاص مضللين وتبنوا أفكاراً وتصورات تخالف الدين الصحيح ومنهج السلف الصالح فإنهم لا يجنون من أعمالهم وتوجهاتهم إلا الخسارة والذلة والصغار في الدنيا والآخرة. إن الإسلام بمبادئه السمحة يحرم العنف والظلم والتعدي على الآخرين، فما بال هؤلاء يقتلون النفس التي حرم الله قتلها بغير الحق، والله يقول في كتابه الكريم:{مِنْ أَجْلِ ذَلِكَ كَتَبْنَا عَلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ أَنَّهُ مَن قَتَلَ نَفْسًا بِغَيْرِ نَفْسٍ أَوْ فَسَادٍ فِي الأَرْضِ فَكَأَنَّمَا قَتَلَ النَّاسَ جَمِيعًا} (32) سورة المائدة، ويقول النبي - صلى الله عليه وسلم - (ما يزال المرء في فسحة من دينه ما لم يصب دماً حراماً).. من هنا يكون انعدام المنطق في سلوك الإرهابيين، وهذا هو ضعف الإيمان وانحراف الفكر وتلوثه. إنه يجب علينا جميعاً أن نكون يداً واحدة، وأن نتصدى لهؤلاء وغيرهم؛ فهذا من الواجب الذي يجب القيام به، وهو من المساهمة في حفظ الدين والأمن وجميع المكتسبات، وهو مسؤولية الجميع. إننا - بإذن الله تعالى - مطمئنون في هذه البلاد المباركة على أنها لن تتأثر بهذه الأعمال الإجرامية، وإنما ستزيد الجميع - بتوفيق الله - تماسكاً وتلاحماً وبناءً مع ولاة أمرنا - حفظهم الله - ولن يشاد الدين أحد إلا غلبه. اللهم احفظ علينا ديننا وأمننا ومقدساتنا، وأدم علينا نعمة الأمن والأمان، واكفنا شر الفتن ما ظهر منها وما بطن.