أقبل علينا الصيف وأقبلت ايضا معه الإجازة الصيفية, والصيف في بلادنا أو بالأصح في معظم مناطق بلادنا صيف لاهب مفرط الحرارة, ويأتي مع الصيف الحار خمول الذهن والجسد والحاجة إلى الراحة والاستجمام, والإجازة الصيفية التي تقبل على الطلاب بعد جهاد عام كامل من الدرس والتحصيل وأداء الواجبات المدرسية وتوتر الامتحانات، إجازة بالتأكيد ضرورية للطالب بعد طول عناء. وقد تميز الصيف وإجازته في بلادنا بكثرة حفلات النكاح حيث تساعد الإجازة الصيفية أرباب العائلات في الإعداد والتنظيم, وقد سعدت كثيراً وانا اتابع في السنوات الماضية ما يسمى بالحفل المشترك لعقد عدد كبير من الأنكحة فرأينا في ذلك الترابط بين أصحاب وأبناء القرية الواحدة والمساواة والمحبة وترشيد الإنفاق. ومن خصائص الصيف والإجازة الترحال للسياحة والنزهة فمنها ما كان في داخل البلاد ومن ذلك ما كان على طريقة الشاعر الكبير ابن زريق البغدادي حين قال: لا تعذ ليه,, فإن العذل يوجعه قد قلتِ حقا,, ولكن ليس يسمعه أسرفت في عذله حدا أضرَّبه من حيث قدرت أن العذل ينفعه كأنما هو في حل ومرتحل موكل بقضاء الله يذرعه واخلص من هذه المقدمة لحديث الصيف إلى الغرض الأساسي الا وهي الطريقة التي اهديها للطلاب التي كم اتمنى ان يفيدوا منها, ووقت الإجازة الصيفية وقت ليس بالهين ورغبة من كاتب هذه السطور في اسداء النصيحة فإنني اقترح عليهم بعض المقترحات. فأول ما يطلب من الطلاب والطالبات في العطلة الصيفية هو اداء الواجبات الشرعية على أكمل وجه وهذا أمر مطلوب في العطلة الصيفية وفي غيرها كما أوصيهم بالمواظبة يومياً على قراءة القرآن الكريم, وبالنسبة للشاب القادر على العمل فإن التحاقه بعمل في الصيف وكسب الرزق الحلال بعرق الجبين من الأمور الحسنة وعلى القطاع الخاص في بلادنا ان يستفيد من الطلاب في الصيف بل عليه واجب في وضع الخطط الفعالة في هذا المضمار وعليهم ان استطاعوا وان كان ذلك ممكنا ان ينهلوا من علوم العصر التطبيقية وفي مقدمتها الحاسوب. ثم نأتي على أمر مهم بالغ الأهمية وهو الإطلاع على المكتبة العربية. يقول ابو الطيب المتنبي: أعز مكان في الدنا سرج سابح وخير جليس في الزمان كتاب والكتاب صورة الحياة وليس شيئا معزولا عنها, يقول الأستاذ عباس محمود العقاد: ولكن ما هذه الساعات بين الكتب وماذا عسى ان يكون محصولها الذي نخرج به منها على الإجمال؟ اهي ساعات منقطعة للطروس والمحابر ننقلب فيها من الدنيا الحية النابضة الى دنيا اخرى من الحروف والأوراق؟ أهي ساعات بين الكتب لأنها ليست بين الأحياء؟ كلا,, ليس للأوراق في علم صناعتي مادة اللحم والدم وليست المكتبة أيا كانت ودائعها بمعزل عن الحياة التي يشهدها عابر الطريق ويحسها كل من يحس في نفسه بخالجة تضطرب وقلب يجيش وذاكرة ترن فيها أصداء الوجود, وإنما الكتاب الخليق باسم الكتاب في رأيي هو ماكان بضعة من صاحبه في أيقظ أوقاته وأتم صوره وأجمل أساليبه، هو الحياة منظورة من خلال مرآة انسانية تصبغها بأصباغها وتظللها بظلالها وتبدو لك جميلة أو شائهة,, عظيمة أو ضئيلة محبوبة أو مكروهة فتأخذ لنفسك زبدتها الخالصة وتعود بها وأنت حي واحد في اعمار عدة او عدة احياء في عمر واحد, ذلك هو ما استحبه واطلبه وعلى هذا لا تكون ساعاتنا مع القارىء بين الكتب إلا ساعات نقضيها في غمار هذه الدنيا بين الأحياء العائشين أو بين الأموات الذين هم أحياء من الأحياء . ومن الكتب التي انصح بقراءتها لطلاب العلم في العطلة الصيفية وحي القلم للأستاذ مصطفى صادق الرافعي والنظرات والعبرات لمصطفى لطفي المنفلوطي والفصول للعقاد وعلى هامش السيرة للدكتور طه حسين وحصاد الهشيم للاستاذ المازني, وكل إجازة صيفية وأنتم بخير.