السلام عليكم ورحمة الله وبركاته,, وبعد أغبط الجزيرة على قراء كتاب امثال نزار بشير وحمدين الشحات واحمد البدر وآخرين يستحقون ان نقرأ لهم وأهنىء نزار وابارك له هلاله أن صار بدراً, بالامس اكثر نزار من التشبيب حينما كتب عن الشيب ولاشك انه,, لغوي ماهر لا اجاريه,, هو ولا حمدين الشحات ولكن تخصصي النفساني الاجتماعي يجعلني اتناول ما كتب من خلال هذا الجانب وهو مداعبة اخوانية ادبية لا أكثر. فنزار كأني به (قد وخطه الشيب او تفشغ به) فان كان ذلك فله ان يردد بيت الشعر لشاعر لم يفزعه الشيب: إن تكن شابت الذوائب مني فالليالي تزينها الاقمار نعم هناك من البشر من لم تفزعه (كرة) الشيب على مفرق رأسه وعارضيه بل يرحب به بحرارة كالشاعر الوراق سراج الدين المصري: وعمم نور الشيب رأسي فسرني وما ساءني ان السراج منور ولكن السواد الاعظم من الناس لايرحب بالشيب بل ويحزنه ان يرحب وقد عم شعره فبعضهم يراه بريد المنية ونذيرا بالرحيل كقول احدهم: الشيب عنوان المنية وهو تاريخ الكبر وبياض شعرك موت شعرك ثم انت على الاثر ولعلكم تعلمون ان اكثر ما بكت العرب عليه هو فقدان الشباب وفراق الاحباب وهذا في الزمن الاول اما في زمننا فما اكثر (المباكي) بعضها لم نعشها ونصفها ها هي تعاصرنا ثم تعصرنا (النكبة ثم تلتها النكسة واعقبتها الشرذمة العربية والآن الانتكاسة الاخلاقية ومع العولمة ما هو اعظم وأفدح). اعود لموضوع الشيب ونزار فاقول ان احدهم لما رأى شعرة بيضاء واحدة سارع الى نتفها ظانا انها لن تعود: ولا ئحة للشيب لاحت بمفرقي فبادرتها بالنتف خوفا من الحتف ولكنها قصمت ظهره حين قالت على لسانه: فقالت على ضعفي استطلت وانما رويدك حتى يلحق الجيش من خلفي نعم للشباب لذة وللشيب لذات لمن عرف وادرك سر وجوده فعمل لما بعد الموت ولا لذة للشيب ولا للشباب عندما يضيع العمر هوانا بالتفريط والتسويف. اذا كان عمرك رأس مالك فاحترز عليه من الانفاق في غير واجب. وفي الحقيقة اليوم اثبت الطب والعلم ان فقدان الشعرة لسوادها هو بسبب فقدانها لصبغة الشعر (الميلانين) ولكن ذلك لا يلغي ابدا علاقة الكبر بالشيب (وان كنا نرى شبابا قد شابت عوارضهم وكبار سن لم يظهر الشيب فيهم) ولكن الشيب عبره وعظة ونضج عقل وتجربة. لا يرعك المشيب يا ابنة عبدالله فالشيب زينة ووقار ولكن هنا شاعر اغرق في تشاومه عندما رأى اول شيبة في لحيته فقال: اشعرة بيضاء ام أول خيط الكفن ام تلك سهم مرسل لا يتقى بالجنن اما الفرزدق فبارك قدوم الشيب ولم يزعجه فقال: تفاريق شيب في السواد لوامع ولا خير في ليل بغير نجوم اما القاضي سواد فعبر عن قلقه عندما شاب رأسه فقال: يا شيبة طلعت في الرأس رائقة كأنما نبتت في ناظر البصر لئن حجبتك بالمقراض عن بصري فما حجبتك عن همي وعن فكري وكثير ممن شابوا يحاولون بشتى الطرق اخفاء الشيب فهذا القاسم بن يوسف يستجدي الحكماء والعطارين عن دواء للشيب ليخفي (شيباته): هل حكيم يرد داء المشيب ام لانغام دائه من طبيب فيقطع عليه ابن الرومي كل السبل والآمال بقوله: يا حليف الخضاب لا تخدع النف س فما انت للصبا بنسيب اما الاخطل فلقد اقنع نفسه بنفسه. هل الشباب الذي قد فات مردود ام هل دواء يرد الشيب موجود لن يرجع الشيب شبانا ولن يجدوا عدل الشباب لهم ما اورق العود وليطمئن نزار (فالخمسون) شيخوخة الشباب ولكنها شباب الشيخوخة وما اجمل الشباب الذي تزينه حكمة الشيوخ وما اعظم الشيخوخة التي تزدان بالشباب هذا كلام (هيجو) ولكن نحن نقول ان اسلامنا علمنا الا نفرط لا في الشباب ولا في الشيخوخة بل علمنا محمد صلى الله عليه وسلم ان نغتنم خمسا قبل خمس ومنها (شبابك قبل هرمك) واسفي على بعض من لا ينتبه من رقدته الا بعد فوات (السنوات والعمر والشباب والاصحاب والاحباب وكم من الناس سلبوا النضارة والنعيم فاصبحوا متوسدين وسائد الاحجار وما اكثر من بكى ثمانينه واشتكى سبعينه وتسعينه بل ومل من طول عمره كلبيد. ولقد سئمت من الحياة وطولها وسؤال هذا الناس كيف لبيد وبعضهم (شب حتى شاب ودب) كما يقال: وعموما الشيب رداء الوقار والادب والحلم وطول تجربة وهناك فريقان من البشر فريق رحب به كالشريف الرضي: وقالوا الشيب زار فقلت اهلا بنور ذوائب الغصن الرطيب وفريق شكا منه وبكاه كبهاء الدين زهير: نزل المشيب وانه في مفرقي لا غرو نازل وبكيت اذ رحل الشباب فآه آه عليه راحل ولو كنت صحفيا لسألت ابا بدر (حمد القاضي) استاذنا من اي الفريقين أنت؟ محمد ابراهيم محمد فايع خميس مشيط