الحمد لله الذي شرع لعبادته حج بيته العتيق، وهو سبحانه الغني عن العالمين، والصلاة والسلام على نبينا محمد قدوة الحجيج، وأسوة المعتمرين وعلى آله وصحبه، ومن اقتدى بهم وسلك نهجهم إلى يوم الدين. أما بعد.. فإن مما امتن الله - عز وجل - به على المملكة العربية السعودية أن جعلها الدولة الإسلامية الرائدة في هذا العصر، فوفق قادتها المخلصين إلى تأسيسها على منهاج الشرع القويم، تستظل براية لا إله إلا الله محمد رسول الله وتتشرف بخدمة بيت الله الحرام، ومسجد المصطفى عليه الصلاة والسلام، الخدمة اللائقة بمكانتها في قلوب المؤمنين، فشرف عظيم لهذه البلاد المباركة عندما اختارها الله دون سائر بقاع الأرض لتحتضن أول بيت وضع للناس على وجه البسيطة وشرف سبحانه وتعالى هذا البيت الحرام بأن جعله ملاذاً للناس وأمناً يقصده ملايين المسلمين ملبين مهللين مكبرين استجابة لأمر الله لأبي الأنبياء إبراهيم عليه السلام: {وَأَذِّن فِي النَّاسِ بِالْحَجِّ يَأْتُوكَ رِجَالًا وَعَلَى كُلِّ ضَامِرٍ يَأْتِينَ مِن كُلِّ فَجٍّ عَمِيقٍ}وإقامة الركن الخامس من أركان الإسلام الذي ضاعف الله سبحانه وتعالى به تشريف هذه البلاد، فكانت مهد انطلاقه ومنبت الدعوة إليه في شتى الأرجاء والآفاق هداية ورحمة لكل من أراد الله به خيراً، كل هذا التشريف جعل مسؤولية المملكة العربية السعودية مسؤولية عظيمة لرعاية بيت الله الحرام، وإكرام ضيوف الرحمن، إذ هم وفد الله من الحجاج والمعتمرين، وهذه المسؤولية وهذا التكليف هو ما وعته حكومة خادم الحرمين، فقد أولت جل عنايتها واهتمامها بالبيت الحرام وتهيئته دوماً لاستقبال الأعداد الكبيرة من المسلمين الملبين القادمين من كل حدب وصوب ابتغاء رضوان الله، وسخرت لذلك الإمكانات كافة لراحة ضيوف الرحمن في جميع بقاع المشاعر المقدسة وهو ما يشهد به فلول الحجيج من وفود الرحمن، ويشعر به ويلمسه كل مسلم منَّ الله عليه بأداء فريضة الحج في هذه الأيام. وجاءت الإنجازات العظيمة من توسعة الحرم المكي الشريف والمشاعر المقدسة بمكةالمكرمة والحرم النبوي الشريف بالمدينة المنورة، ومد الطرق وشق الأنفاق، في جبال مكة الشاهقة.. لم تبخل المملكة - أعزها الله - بالمال والجهد في سبيل تهيئة السبل كافة لاستقبال هذه الأعداد الهائلة التي تفد إليها كل عام لأداء فريضة الحج، وعلى مدار العام للمعتمرين، كل هذه الإنجازات أضحت شاهد عيان لوفود الرحمن، فقد لمسوها بأنفسهم ورأوها بأعينهم، فتركت انطباعاً عظيم الأثر في نفوسهم حيث لقيت عمارة الحرمين الشريفين وعظمها وسعتها إعجابهم، وأشادوا بما وفر لهم من الخدمات وأسباب العناية والاهتمام، ورأوا فوق ما سمعوا، وكان هذا واضحاً منهم في وسائل إعلام بلادهم ولله الحمد والمنة. أسأل الله أن يتقبل هذه الشعيرة العظيمة من حجاج بيته الحرام بواسع رحمته وجزيل منته، وأن يكتب لها القبول بين الحجيج، وينفعهم بجوده وكرمه، إنه جواد كريم.