دائماً نبحث عن الأطباء الجيدين لنجد علاجاً يشفي ألماً بداخلنا ولا نفلح.. نتعاطى الكثير من العلاجات والمنومات لنهدأ دقائق ثم نعود لذات الحالة.. ألم نتساءل يوماً أين يكمن المرض في جسدنا؟؟ أهو في أحد أعضائنا؟ لو كان كذلك لاستطاع الأطباء بمختلف شهاداتهم أن يفلحوا بإيجاد الدواء المناسب لإبادة المرض لأنحيه جانباً.. لم لا يكون داخلنا.. في أعماقنا.. في روحنا.. يكمن المرض. لم لا نجلس مع أنفسنا لدقائق ونبحث عن الألم بداخلنا ونعالجه بأنفسنا؟ لأننا نحن من نخلق المرض بأنفسنا من دون أعراض ولا وراثة ولا عدوى.. أكبر علاج نداوي به مرضى أرواحنا هو الرضا عنها وعن غيرنا، والقناعة بما حولنا وعدم النظر إلى غيرنا.. إننا حينما ننظر إلى غيرنا وننتظر منه اعتذارا على الخطأ أو شكرا على العرفان فستبدأ بنا الأعراض.. نحن من نوهم أنفسنا بوجود خلل في جسدنا.. لقد قرأت قصة قصيرة قبل فترة في رواية مائة عام من العزلة لغابرييل غارسيا ماركيز أن طبيباً بل رجل يدعي أنه طبيب كان يسرق الناس بادعائه.. يأتونه مرضى ويطلبون العلاج فيمزج الملح مع الماء بغير دراية منهم ويصنع منه كرات صغيرة ويعطي كل مريض ذاتها حتى لو اختلفت العلة فيعودون في الغد شاكرينه وهم معافون تماماً. إذاً أين اختفى المرض؟ هل أخفاه أو داواه مزيج الملح والماء؟ ربما سيقول الكثير: إن الحياة كفيلة بخلق الأمراض جميعها في كل شخص.. إن الحياة لوحة نحن نرسم ملامحها بيدنا رسم السواد، وبيدنا أيضاً رسم الطيف.. نحن مركبة يجب علينا أن نقاوم الرياح لئلا تتحطم أخشابنا. لم نر بعد من الحياة ما يكفي لأن نضعف نرضخ لكل ألم وهم.. ما زالت الحياة تخبئ الكثير. مجهول كبير.. لنكن أقوياء الآن ونحتفظ بضعفنا للقادم.. لنكن أطباء أنفسنا لنعالج دواخلنا كل ما علينا فعله هو أولاً أن نضع في فكرنا بأننا لسنا ضعفاء لنكون مرضى ثم ثانياً نجلس مع أنفسنا ونتصالح معها.. أصبحنا أطباء بلا شهادات. ولا دراسة. أطباء أنفسنا بأنفسنا.