كل من تابع أحداث مباراة الهلال والشباب الماضية شاهد عياناً بياناً فشل الحكم ممدوح المرداس، وهو الفشل الذي أكده كبار محللي قانون الكرة كجاسم مندي وعبد الرحمن الزيد ومحمد فودة بالإضافة إلى رئيس لجنة الحكام مثيب الجعيد الذي اعترف بجملة الأخطاء الكارثية التي وقعت من المرداس الذي كان من سوء حظه وحسن حظ التحكيم أن خبير التحكيم الإنجليزي جون بيكر عضو لجنة حكام الفيفا والمحاضر الدولي كان متواجداً في الرياض وشاهد بأم عينه ماذا فعل المرداس بالقانون وكيف عاث به، وأجزم أن مسؤولي اللجنة وعلى رأسهم الجعيد قد كانوا في قمة الخجل (والفشيلة) من تواجد خبير الفيفا وهو يشاهد حكماً مصنفاً دولياً يذبح القانون من الوريد إلى الوريد. ولا شك أن بيكر سينقل إلى مرجعيته في الاتحاد الدولي هذه الصورة السيئة عن التحكيم السعودي. وأخطاء المرداس في تلك المباراة لا يمكن أبداً تبريرها بسوء التقدير أو زاوية الرؤية كما تفعل اللجنة مع أخطاء حكامها أحياناً لسبب واحد فقط وهو أن سوء التقدير أو زاوية الرؤية يمكن قبولها (على مضض) لو كانت أخطاء الحكم على الطرفين..!! أما إذا كانت الأخطاء ضد طرف واحد وبشكل مركز ومتكرر طوال التسعين دقيقة وبحجم إلغاء هدف صحيح وعدم احتساب ضربة جزاء صريحة والتغاضي عن طرد أكثر من لاعب من الطرف الآخر بسبب المخاشنة فتلك لا تسمى إلا استهدافاً تحكيمياً صارخاً. ومن يفعل ذلك لا ينفع معه التقويم ولا التحذير ولا حتى الإيقاف فالتخلص منه نهائياً هو الحل جزاء له وردعاً لأمثاله. فهو ليس بحكم مبتدئ ولا مستجد ولا في بداية الطريق بل دولي وذلك يعني أنه يعي تماماً ماذا فعل خلال المباراة، فتوجه أخطائه نحو فريق واحد طوال المباراة وبشكل متكرر يعني أنه كان مركزاً وحاضر الذهن ويعرف ماذا يفعل داخل الميدان. أشعر حقاً بمدى الإحباط الذي أصاب لجنة تطوير الحكام ولجنة الحكام الرئيسية مما فعله المرداس، فهذه الجهات كلما خطت خطوة نحو تطوير التحكيم والارتقاء به جاء مثل المرداس وأعادها للوراء خطوات، وكلما تفاعل الجميع بقرب موعد إسدال الستار على مرحلة الاستعانة بالحكام الأجانب جاء مثل المرداس وأكد وجوب استمرار الاستعانة بهم وكرَّس في أذهان وقناعات الجميع أن حضور أولئك الأجانب ضرورة حتمية وحاجة لا غنى لملاعبنا عنها لتحقيق العدالة بين الأندية. لذلك يجب على اللجنة أن تبدأ في تطبيق منهج صارم وحازم وبالأخص ضد الحكام الدوليين الذين يفعلون ما فعله المرداس من استهداف واضح لفرق معينة ومحددة. لقد كانت لجنة الحكام ومعها كثير من حكامها يبررون نجاح الحكم السعودي خارجياً وإخفاقه داخلياً بالتأثير عليه من مسؤولي الأندية والضغط الذي يواجهه من الإعلام المحلي، ولكن حالة المرداس أبطلت هذه الحجة التي كانت اللجنة تتخفى وراءها طويلاً واستطاعت إقناع البعض بها، فمباراة الهلال والشباب الماضية كانت هادئة تماماً إعلامياً وجماهيرياً وحتى من مسؤولي الناديين ولم يحدث قبلها ما يمكن أن يؤثر على الحكم أو يضغط عليه رغم أنها كانت تمثل قمة الدوري، كما لم يحدث خلال المباراة أي توتر أو شد من اللاعبين بل كانوا جميعاً مستجيبين لقراراته ومتقبلين لها بكل رحابة صدر. وذلك ما يوجب على اللجنة أن تكون أكثر حزماً وصرامة في مواجهة مثل تلك الإخفاقات من حكامها وأن تستفيد من الطرق والأساليب الخاطئة وغير المجدية التي كانت اللجان تنتهجها في التعامل مع مثل تلك الحالات. فلا سبيل لإنقاذ التحكيم وتطويره إلا بالتخلص من العينات السيئة والعناصر الفاشلة التي تسير في الاتجاه المعاكس للتقدم والتطور وتحبط كل الجهود المبذولة للارتقاء بهذا القطاع المهم من قطاعات الرياضة السعودية والذي توليه القيادة الرياضية اهتماماً كبيراً ولكنه اهتمام لا يوازيه للأسف اهتمام مماثل من اللجنة بتطوير آلياتها في معالجة مثل حالة المرداس ومن هم على شاكلته.