بالأمس القريب كان المسلمون يتراءون هلال رمضان استبشاراً وفرحاً بهذا الضيف الكريم والشهر العظيم شهر الروحانية والضياء والنور والمصابيح، شهر طالما انتظره المسلم داعياً الله سبحانه وتعالى أن يبلغه هذا الشهر وهو في صحة وعافية، فيه يتسابق المتسابقون إلى جنات عرضها السموات والأرض أعدت للمتقين، فحل الشهر بكنوزه وخيراته وجاءت الفرصة لمن كان له قلب أو ألقى السمع وهو شهيد، فتنافس المتنافسون فيه رافعين أكف الضراعة إلى المولى عزّ وجلّ أن يتقبل منهم الصيام وصالح الأعمال وأن يجعل صيامهم شاهداً لهم لا شاهداً عليهم. ومرت أيام هذا الشهر الفضيل تترى وتتسارع ويعقبها ليل ونهار. وهذه سنة الله في الكون، أنها أيام معدودة ويرحل هذا الشهر والمؤمن لا شك أنه يتحسر ويتألم لفراق هذا الشهر الكريم، فكم نفس تاقت إليه واستبشرت في أيامه ولياليه، فكم نفس تموت لا تدرك هذا الشهر! انطوت صفحة الأيام وتصرمت أيامه ولياليه ففاز من فاز وخسر من خسر، وعندالله مغانم كثيرة. نسأل الله سبحانه وتعالى أن يتقبل منا أيامه التي انقضت ويوفقنا لأيامه الباقية ويرزقنا قيام ليلة القدر إيماناً واحتساباً ويغفر لنا ولجميع المسلمين ذنوبنا وإسرافنا في أمرنا ويبلغنا رمضان أعواماً عديدة وأزمنة مديدة ونحن نرفل بأثواب الصحة والعافية إنه سميع مجيب.