تفتح مصر أحضانها يوم الثلاثاء القادم لاستقبال صاحب السمو الملكي الأمير سلطان بن عبدالعزيز ولي العهد نائب رئيس مجلس الوزارء وزير الدفاع والطيران المفتش العام في أول زيارة له للقاهرة بعد مبايعته وليا للعهد. ويتطلع المصريون بمختلف أطيافهم لهذه الزيارة بشغف نظراً لما يمتلكه سموه من مكانة خاصة في قلوبهم وما يتمتع به من حب كبير لديهم فمواقف سموه معهم لازالت محفورة في الذاكرة والشهود عليها كثيرون بدءاً بالطفلة المصرية سهيلة علاء الدين عبدالمنعم والعامل محمد صالح عبدالفتاح والإعلامي المصري سمير محمد عيسى مروراً بالكثيرين من أبناء مصر الذين شملتهم رعاية سموه والذين لا ينسون مواقفه الإنسانية مهما مرت عليها الأيام والسنون. وعلى المستوى الرسمي تحظى زيارة سمو الأمير سلطان باهتمام كبير من جانب القيادة السياسية والمسؤولين الذين تربطهم بسموه علاقات حميمة خصوصاً الرئيس مبارك الذي وصفه سمو الأمير سلطان بأنه من القادة الذين يتمتعون بالصراحة والإيجابية وصدق القول والعمل، واللقاءات بين سمو ولي العهد والرئيس مبارك متعددة وتتم وفقاً لما أكده سموه باللقاء الشخصي والاتصال الدائم مباشرة أو عبر الهاتف أو عن طريق القوات المسلحة عبر المشير حسين طنطاوي وزير الدفاع المصري. ضيف غير عادي وإذا كان شعب مصر يكن كل هذا الحب لشخص سمو ولي العهد السعودي فإن سموه أيضا يبادلهم نفس الشعور وكثيراً ما أعرب سموه في بداية زياراته السابقة لمصر عن سعادته بزيارة مصر التي وصفها بأنها بلد الشهامة والكرامة والتاريخ العريق كما يحرص سموه على إرسال برقية شكر إلى الرئيس مبارك عقب كل زيارة يعرب خلالها عن عميق الامتنان على ما أحيط به والوفد المرافق له من حفاوة وكرم الضيافة العربية في بلدهم الثاني مصر مشيداً بعمق العلاقات القائمة بين البلدين الشقيقين وقوتهما لصالح الشعبين المصري والسعودي ولأن سمو ولي العهد الأمير سلطان بن عبدالعزيز ليس ضيفاً عادياً على مصر التي تعتبره واحداً من أهلها فإن زياراته إلى مصر تستقبل استقبالاً خاصاً ويحرص كبار المسؤولين في مصر على أن يكونوا في استقباله ففي زيارة سموه لمصر في نوفمبر 1998 كان في استقباله بشرم الشيخ الرئيس مبارك والدكتور كمال الجنزوري رئيس الوزراء الأسبق والمشير حسين طنطاوي وزير الدفاع والسفير السعودي بالقاهرة وحرص الرئيس مبارك على إقامة مأدبة عشاء تكريما لسموه والوفد المرافق له حضرها كبار رجال الدولة كما حرص وزير الدفاع المصري المشير طنطاوي على اصطحاب سمو الأمير سلطان والوفد المرافق له في جولة بحرية عبر سواحل مدينة شرم الشيخ شاهد فيها سموه النهضة العمرانية السياحية الممتدة على طول شواطئ مدينة شرم الشيخ وحيا فيها السياح الأجانب. وأشاد سموه بما شاهده عبر الجولة البحرية من جمال الطبيعة بشرم الشيخ وهذا غيض من فيض. مباحثات مثمرة أما مباحثات سموه مع المسؤولين المصريين فتخرج دائماً بنتائج مثمرة سواء مباحثاته الهامة مع الرئيس مبارك حول القضايا العربية والإسلامية والقضايا المتعلقة بالعلاقات الثنائية بين البلدين أو مباحثاته المتكررة مع وزير الدفاع المصري المشير طنطاوي والذي أكد سموه أنه على اتصال مستمر معه ولقاء دائم لمراجعة التعاون القائم بين القوات المسلحة في البلدين وتضافر الجهود لخدمة الأمة العربية والإسلامية ومتابعة التحديثات التي أدخلتها مصر في مجال التسليح والاستفادة من الخبرة المصرية في هذا الشأن لمصلحة الشعبين المصري والسعودي. كما تناولت المباحثات التدريبات البحرية والعسكرية المشتركة المصرية السعودية التي تتم من وقت لآخر والاتفاق على مناورات عسكرية مشتركة وبحث أوجه التعاون بين القوات المسلحة في البلدين الشقيقين. وقد تميزت العلاقة بتعاون ثنائي عسكري وثيق بين القوات المسلحة المصرية والقوات السعودية- من حيث تبادل الخبرات والزيارات ودراسة العديد من السعوديين بالأكاديميات العسكرية المصرية بالإضافة إلى التدريبات العسكرية المشتركة في المجال الجوي من خلال تدريبات تعرف فيصل( وأخرى بحرية تسمى (مرجان). قوات للسلام ويرى الخبراء في مصر أن القوات المسلحة السعودية شهدت تحت قيادة سمو الأمير سلطان تطورات في كافة فروعها البرية والجوية والبحرية وقوات الدفاع الجوي حيث بذل سموه جهودا حثيثة لتحديث الجيش السعودي وضاعف أعداد أفراد القوات المسلحة النظامية لأكثر من 100 ألف فرد واشترى أسلحة متقدمة من الشرق والغرب وعني سموه بإعادة بناء القوة البشرية للقوات المسلحة بإنشاء وتوسيع الكليات العسكرية والمعاهد والمدارس ومراكز التدريب العسكرية الجديدة التي تم توسيعها وتطويرها كما اهتم بإيفاد أفراد وضباط القوات المسلحة في بعثات دراسية وتدريبية خارج المملكة وبعد مبايعته وليا للعهد أكد سمو الأمير سلطان أنه سيتم تنظيم وتخطيط الدعم للقوات المسلحة في جميع القطاعات مشيرا إلى اعتماد خطة خمسية لتطوير القوات المسلحة، ورغم اهتمام الأمير سلطان بتطوير وتحديث القوات المسلحة السعودية دائما إلا انه كثيرا ما أكد على أن تقوية القوات المسلحة يتم من أجل السلام وأمان المواطن وليس للاعتداء. ولا يزال الشعب المصري يذكر للقوات المسلحة السعودية هبّتها في عام 1967 عندما نشبت الحرب بين إسرائيل والدول العربية المجاورة لها ومنها مصر حيث سارعت القوات المسلحة السعودية بإعلان التعبئة العامة وتحركت القوات البرية الضاربة بأسلحتها للمساندة الكاملة واحتلت المواقع الأمامية على طول ساحل خليج العقبة واتخذت مراكزها العسكرية المقررة لمساندة أشقائها العرب في هذا الخليج العربي وفي حرب اكتوبر 1973 صدر أمر التعبئة للقوات المسلحة السعودية وتحركت في اليوم التالي إلى الجبهة السورية واستمر تدفقها على الجبهة بضعة أيام واتخذت مواقعها في الجبهة واشتبكت مع العدو فور وصولها وصدت هجوما كان العدو قد شنه على القطاع الذي تمركزت فيه القوات السعودية ظنا من أنه خال من القوات العربية وكان دوراً مشرفاً للقوات المسلحة السعودية في مساندة القوات المصرية والسورية في حرب اكتوبر 1973. الشخصية الإنسانية ولا شك أن جائزة الشخصية الإنسانية لعام 2002 وجائزة الخدمة الإنسانية لعام 1998 اللتان حصل عليهما سمو الأمير سلطان لم تأتيا من فراغ وإنما كانتا أقل تقدير لمجهوداته الحثيثة على المستوى الإنساني في العالم العربي والإسلامي فالجائزة الأولى حصل عليها سموه من مركز الشيخ زايد لعلاج ورعاية الطفولة بدبي تقديرا لإنجازاته في المجالات الإنسانية ووقتها تبرع سموه بمبلغ 10 ملايين ريال للمركز مانح الجائزة. أما جائزة الخدمة الإنسانية فمنحتها لسموه جمعية الأطفال المعاقين بعد أن أجمعت على ترشيحه الهيئات والجمعيات والعاملين في مجال رعاية المعاقين ومنحت الجائزة تثميناً لمواقف سموه الإنسانية المتميزة لخدمة قضايا المعاقين والإعاقة داخل وخارج المملكة واهتماماته بإنشاء المؤسسات التطوعية ذات البعد الإنساني ومساندته الكبيرة لمسيرة البحث العلمي والدراسات التخصصية في هذا المجال. وقد طالت خدمات سموه الإنسانية الكثير من المصريين سواء في داخل مصر أو من العاملين في المملكة وكثيرا ما تقدم سفراء مصر بالمملكة ومنهم السفير محمد عبدالحليم قاسم بالشكر لسمو الأمير سلطان للدعم الكبير الذي يقدمه لأبناء الجالية المصرية في السعودية والذين لمسوا كثيراً من مواقف سموه الإنسانية كما حدث في مايو عام 2003 عندما تكفل سموه بعلاج الطفلة المصرية هيلة علاء الدين عبدالمنعم التي أصيبت بحروق 85% إثر انفجار اسطوانة غاز نتج عنه حريق مروع في منزل أسرتها بالدمام وراح ضحيته والدها وأمها وأختها الصغرى ووافق سموه على نقل الطفلة بطائرة الإخلاء الطبي لمواصلة علاجها في مستشفى الملك فيصل التخصصي بالرياض على نفقته الخاصة وأشاد السفير المصري بالرياض بموقف الأمير سلطان. وفي ديسمبر 1999 أمر سموه بعلاج عامل مصري يدعى محمد صالح عبدالفتاح على نفقة المملكة وكان العامل قد أصيب أثناء تأدية عمله على إحدى الآلات الزراعية لحرث الأراضي بمحافظة الخرج السعودية مما أدى إلى بتر قدمه اليسرى. وفي يونيو من نفس العام أمر سموه بنقل طفل مصري على متن طائرة مجهزة لتلقي علاجه من إصابة خطيرة بالمخ إثر انقلاب اتوبيس بالقرب من عرعر أصيب خلاله 23 مصرياً وسعوديان وذلك بعد تعذر علاج الطفل في مستشفى عرعر وسوء حالته الصحية. كما قدم سموه مليون ونصف مليون ريال تعويضات ل18 مصرياً توفوا وأصيبوا في حادث كان قد وقع بطريق المدينةالمنورة في يوليو عام 1996 أسفر عن وفاة 12 وإصابة 38 آخرين وكان أسر الضحايا قد لجأوا للقضاء للمطالبة بتعويضات وحكم القضاء بدية يدفعها السائق إلا أنه تعثر تنفيذ الحكم على السائق لعدم قدرته على دفع مبلغ الديه فبادر سمو الأمير سلطان بدفع التعويضات. وفي داخل مصر كانت هناك العديد من المبادرات الإنسانية لسمو الأمير سلطان لازالت محفورة في ذاكرة المصريين ومنها تبرع سموه بمبلغ 10 ملايين جنيه لجامعة الأزهر في مايو 2003 وذلك لشراء معدات وأجهزة طبية ومستلزمات طبية لمستشفيات جامعة الأزهر التي يستفيد من علاجها آلاف المصريين. كما أمر سموه في مارس 1999 بعلاج الإعلامي المصري سمير محمد عيسى بمستشفى الملك فيصل التخصصي على نفقته الخاصة وأرسل الصحفيون والإعلاميون المصريون برقية شكر لسموه على عمله الإنساني مع زميلهم. مواقف ثابتة ويشتهر سمو الأمير سلطان بين المصريين بالمدافع الصلب عن القضايا السعودية والعربية والإسلامية ولازال المصريون يذكرون لسموه مواقف وعبارات شهيرة في هذا الشأن خصوصاً في الفترة التي أعقبت أحداث 11 سبتمبر التي تعرضت فيها المملكة لحملة إعلامية مغرضة واتهامات بالإرهاب، حيث أكد سموه أن المملكة أول من ابتلي بالإرهاب ولذلك لا يمكن اتهامها بمساعدة الإرهاب بأي حال من الأحوال. كما أكد سموه أن المملكة قيادة وشعباً ضد الإرهاب وضد الإجرام، موضحاً أن الإسلام ينبذ هذه الأعمال ويشجبها وأن كل عمل إرهابي إجرامي يعتبر مخالفاً للشريعة الإسلامية. ونفى سموه المزاعم التي أوردها تقرير الكونجرس الأمريكي حول وجود دور للسعودية في هجمات 11 سبتمبر قائلاً: إنها مجرد كلام لن يضر بالعلاقات الثنائية بين البلدين. وقال إن جميع أعضاء الكونجرس يعرفون السعودية والحكومة الأمريكية برئاسة بوش أعلنت رسمياً أن المملكة ليست طرفاً في هذه الأمور. وأضاف، إننا واثقون في أنفسنا وفي الأمر متسع ما دامت الأمور كلام في كلام أما إذا تعدى الوضع الكلام فسيكون لنا رأي في وقتها. ودافع سموه عن اتهام الإسلام بالإرهاب قائلاً: إن الإسلام بعيد تماماً عن الإرهاب وأضاف، (نحن لسنا إرهابيين ولسنا طفيليين على الإسلام، نحن ندعو إلى الإسلام في كل شعيرة ونؤمن بالأديان الإلهية ولكل هذه الأسباب عليهم جميعاً أن يؤمنوا بمحمد وما نزل على لسانه من رب العزة). وأكد على التزام السعودية بعروبتها وعقيدتها الإسلامية ووقوفها إلى جانب المسلمين في أصقاع الأرض وانها لن تتردد في تقديم يد العون لهم. أما عن مواقفه من القضايا العربية خصوصاً القضية الفلسطينية فقد كانت تأكيدات سمو الأمير سلطان واضحة عقب القمة العربية الطارئة التي عقدت في القاهرة عام 2001 حينما قال إن العرب جميعاً اتفقوا على أنه لا يمكن المساومة على مبدأ الأرض مقابل السلام ولا يمكن العدول عن قرارات مجلس الأمن المعروفة للجميع ولا يمكن أن يمس القدس الشريف بأي شكل من الأشكال وهذه أسس ثابتة. كما أكد سموه في تصريحات سابقة اننا لن نعترف بإسرائيل إلا بعد إقرار السلام وانسحابها من الأراضي العربية كافة. كما حرص سمو الأمير سلطان على تقديم الدعم المادي للشعب الفلسطيني من خلال رئاسته للجنة الشعبية لمساعدة مجاهدي فلسطين التي كان يأمر بتحويل مبالغ كبيرة من إيراداتها إلى منظمة التحرير الفلسطينية.