تقدير مشاعر الآخرين، ومراعاة خواطرهم، وعدم جرحهم، لا شك أنّ كلّ ذلك من الأخلاق الجميلة التي حثّ عليها إسلامنا، وأرشد إليها ديننا الحنيف، لأنّها تقوي أواصر المحبة والألفة بين أفراد المجتمع المسلم، وتجعلهم متحابين متآلفين فيما بينهم، كلٌّ منهم يقدّر الآخرين، ويراعي مشاعرهم، ولا يجرح أحاسيسهم أو يكدر خواطرهم، أو يوقعهم في الحرج، بل يحب لهم كلّ ما يحب لنفسه من الخير، ويكره لهم ما يكره لنفسه، ويأتي إليهم الذي يجب أن يؤتى إليه. لا شك أنّ هذا من مكارم الأخلاق، التي ينبغي أن نربي أبناءنا وبناتنا عليها. وما أحرانا أن نتخلّق بأخلاق الإسلام في كلِّ نواحيها، ومنها هذا الجانب. وهنيئاً لنا بفضل الله علينا بهذا الدين الحنيف، دين الرحمة والشفقة، واللين والرحمة، ومحبة الآخرين، والألفة معهم، ومشاركة الإخوة المسلمين أفراحهم وأحزانهم، قال تعالى: {قُلْ بِفَضْلِ اللّهِ وَبِرَحْمَتِهِ فَبِذَلِكَ فَلْيَفْرَحُواْ هُوَ خَيْرٌ مِّمَّا يَجْمَعُونَ} .. فما أجمل أن تسعد لسعادة أخيك المسلم! وأن تقف معه لتكتمل سعادته! وكذلك مواساتك له عند ألمه ومصيبته! ووقوفك إلى جواره بكلِّ قواك حتى يخرج من أزمته! وما أحرانا أن نحرص على إسعاد الآخرين، وإدخال البهجة إلى قلوبهم ونفوسهم! وما أحرانا بأن نكون دائما مراعين لمشاعر الآخرين، ورحم الله علماء الأُمّة الربانيين، الذين باشرت تسجيل البرامج الدينية معهم على مدار خمسة عشر عاماً، لم أجد منهم يوماً جرحاً لمشاعر أحد أمامي أو كسراً بخاطره، أو إحراجاً له، ولم أجد منهم إحراجاً لأحد في الفتوى، أو تعنيفاً له. بل لم أرهم إلاّ علماء نهلوا من المعين الصافي، من كتاب الله، وسنّة رسوله صلى الله عليه وسلم، ذلك الهدي الكريم العظيم، الذي هو أعظم هدي وأجمله وأحسنه، فما أحرانا أن نكون نحن أيضاً كذلك، وأن ننسج على نفس المنوال. وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.