حينما يقبل العيد فإننا نستقبل الفرح وحبنا إلى آفاق السعادة والمرح. في العيد نحس أن كل شيء في حياتنا يتغير أو أنه قابل للتغير، وأن بصيص أمل يجعلنا نستشعر أن الحياة تتقلب حينما تتبلور الحياة في هذا اليوم إلى أشياء كثيرة قد لا نراها إلا في العيد.. الوجوه ليست كالوجوه يوم أمس وأمس الأول.. والناس ليسوا كالناس في رؤيتنا في يومنا المغادر.. في العيد حتى الطقس يكون له نمط ونفح آخر.. فقط لا تغادرنا ذكريات الطفولة في مثل هذا اليوم السعيد الذي ينقلنا إلى حياة تتغير أمامنا فيه نمط الحياة وشكلها ولونها وطعمها وشعورنا نحوها.. في العيد للحزن نمط آخر.. وللفرح شكل آخر.. ونحن نحس بأننا فعلا لسنا نحن حينما تسيطر الابتسامة على مجمل وجوهنا، حينما يكون التسامح أقرب ما يكون لقلوبنا، حينما نتلذذ بنمط الحياة التي نحلم بأن نعيشها في جُلّ أوقاتنا.. في العيد أجمل لحظات عمرنا ودفاتر ذكرياتنا القديمة تتجدد.. بأيدينا أن نعيش أجمل ما يكون في حياتنا إذا آمنا بأننا لم نخلق في هذه الدنيا لسعادة أو راحة أو ديمومة.. ففي الشقاء لذة أيضا، وفي البكاء راحة أيضا، وفي الضحك والتسامح والحب ألبسة حقيقية للسعادة التي تهفو لها قلوبنا. يوم العيد يوم جديد ننتظر إشراقه، وها نحن نعيش أجمل اللحظات التي كنا نهفو إلى لقائها في حياتنا. في العيد تتبلور كل مقومات الفرح ومكنونات الخير في أنفسنا لتنمو وتكبر في هذا اليوم الذي نحسبه من أيام سعادة، وصفحة من صفحات العمر تُطوى وتُطوى إلى أجل يعلمه الله سبحانه. في هذا اليوم لا نهتم بالقلق.. فهو يندحر في إطلالة العيد، ونمرح ونمرح بفرح طفولي.. ففي هذا اليوم كلنا نهفو إلى أن نكون في مرح الأطفال. أيام العيد الخالية قبل عدة عقود مضت من سنوات عمرنا كنا في مثل هذا اليوم بنفس السعادة التي تغمر كوامن أنفسنا حينما تتردد كلمة العيد على كل الشفاه وتتناقلها الألسن ونتبادل التهاني والفرح بهذا اليوم. شمسه ليست كشمس الأمس.. فخيوطها التي أشرقت بها تبهر أعيننا ألوانها فننتشي فرحاً إلى المغيب. في العيد نسترجع ذكريات الماضي، لا تغيب عنا تلك الوجوه الطيبة التي التقينا بها ذات يوم، تصافحنا ابتسامتها كل صباحات العيد الجميلة المغروسة بأمل نتطلع إليه. كنا أطفالاً ننتشي فرحاً.. وها نحن لم يغادرنا الفرح.. يتجدد شباباً وحيوية صباح هذا العيد.. ونردد: عيدكم مبارك عيدكم سعيد.. كما كنا نردد أطفالاً: أقبل العيد وأيام السعادة.. (أقبل العيد والفرحة معه). لم تتغير الكلمات كثيراً، ولم يتغير النمط أيضا إلا ما كنا نأخذه من أولئك الذين يجعلون للعيد طعما حينما يحرصون على فرح الأطفال أكثر من فرحهم، يوزعون حلوى (الملبس) و(ضلوع الفاطر) و(البكيلة) المدعوكة بالسمن (الزهيري). أقبل العيد بنفس ثوبه القديم الذي يتجدد برؤيتنا أن السعادة نحن نصنعها ونبلورها حقيقة حتى ولو تصدرت (الشوكولاتا) المستوردة قائمة الفرح في عيدنا.