الحمد لله الذي أقام العدل وأمر به، والصلاة والسلام على سيدنا محمد وآله وصحبه ومَن اهتدى بهديه وسلم تسليماً كثيراً. أما بعد، فقد كنتُ طويل التفكير فيما نعيشه ويعيشه الأمن الداخلي من حرب على الإرهاب، وعلى رغم أن كل عملية نخرج منها تظهر لنا مدى تفوق رجال الأمن وشجاعتهم وثقتهم بأنفسهم وإقدامهم على فداء الوطن والمواطنين، إلا أن الأمر يستوجب منا التساؤل: متى ينتهي هؤلاء عن البعث بأمننا؟ ثم من أين يأتون؟ ثم هل من الممكن الوقاية منهم قبل انخراطهم في المعركة ضد الدين والوطن؟ ثم أين البيئة التي يتكاثرون فيها؟ ثم هل من علاج يمنع ذلك التكاثر؟ هذه أسئلة أجزم أن الجهات المعنية قد شرعت في الإجابة عنها عملياً، وسوف يكون من الإجراءات التنفيذية والوقائية ما يريح الوطن والمواطن ويقطع دابر الشر، لكن هل الحكومة وحدها هي مَن عليها هزم الإرهاب؟ أجزم أن على كل مسلم يعيش على ثرى بلاد الحرمين وأرض الله المقدسة التي أقسم مليكها وعاهد الله أن يحكم بكتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم وفتح الخزينة للإنفاق اللامحدود على مكةالمكرمة والمدينة المنورة والمشاعر المقدسة في منى وعرفات وسائر الجهات؛ أجزم أن على كل مسلم تطأ قدماه أرض المملكة أن يكون عوناً لولاة الأمر في المحافظة على الأمن بكل أشكاله وألوانه، وكل حسب مقدرته، فأهل الفكر والرأي والعلم والتأثير الاجتماعي في المقدمة؛ لأن المفكرين والعلماء هم الرواد لاستشراف واستكشاف المستقبل ينيرون الطريق ويجنبون الوطن مواطن الهلكة والمواضع الوعرة بما أعطاهم الله من علم وعقل، ثم من دونهم كل حسب اختصاصه وموقعه. ولقد تقدم الكل مفتي عام المملكة؛ إذ أصدر البيان الذي سمعتموه حيَّا فيه الأمن السعودي ورجاله ودعا إلى الوقاية من هذا الوباء الذي يكاد يسعر بالأمة، فالإرهاب والإخلال بالأمن وتجاوز الأنظمة والتعليمات وعدم المبالاة بالأعمال اللازمة كلها منكر عظيم يجب على كل منا أن يغيره، فيا أيها المواطنون لا بد أن توقنوا أن الأمن لكم، ولا حياة لوطن أو مواطن دون أمن واستقرار. وهذه الأعمال الإجرامية والانحرافات الفكرية ليست موجَّهة إلا للوطن والمواطن، فتفكروا واستيقظوا قبل أن يحاط بكم وأنتم غافلون، واستجيبوا لمن دعاكم إلى خير دينكم وبلادكم، وتعانوا لدفع هذا البلاء عنكم، وأقل ذلك بالإشادة بما تحقَّق لبلادكم من خير عظيم، والرد الفوري على كل منكر وجاحد ومروج لما يخالف ما عليه ولاة أمر هذه البلاد وعلماؤها وعقلاؤها من المنهج الثابت المستمد من الكتاب والسنّة ومصلحة الأمة. أسأل الله أن يكشف لكل مضلَّل زيف ما ضُلِّل به، وأن يحمي هذه البلاد ويدفع عنها كيد الأعداء؛ إنه سميع مجيب. وصلى الله على محمد وعلى آله وصحبه.