انتشرت مقاهي الإنترنت في مدن ومحافظات المملكة، وأصبحت تشكل بالنسبة للكثير من الشباب وصغار السن مصدر جذب، خاصةً أنَّ غالبية هذه المقاهي لديها القدرة على اختراق وكسر أنظمة الحجب وفك شفرات القنوات الخليعة من خلال وسائل وأدوات متعددة وبمساعدة بعض الشركات الإقليمية والدولية والعاملين الأجانب في هذه المقاهي، في ظل ضعف الرقابة والمتابعة الميدانية لهذه المقاهي من قبل الجهات ذات العلاقة، بل إنه وجد أن بعض هذه المقاهي تتنافس في تقديم ما يبحث عنه الشباب والمراهقون من خلال الدخول إلى المواقع الإباحية المنتشرة على شبكة الإنترنت، حيث إن بعض هذه المقاهي يستقبل البث المباشر لقنوات خليعة ويقوم بنسخها ومن ثم تسويقها على فئة الشباب. الإنترنت وسيلة وليس هدفاً إذا ما استخدم على الوجه المشروع، ولا أحد ينكر روعة هذه التقنية والفوائد العديدة لهذا النوع من الخدمات المعلوماتية العصرية من تسهيل على الباحثين والمهتمين الحصول على المعلومات اللازمة، والاطلاع على تجارب في مجالات متنوعة وتبادل المعلومات حولها وغير ذلك من الأمور الأخرى المفيدة وبالسرعة والدقة المطلوبتين اللتين جعلتا العالم قرية صغيرة. إن شريحة الشباب هي المرتادة على هذه المقاهي بالدرجة الأولى، يقضون ساعات طويلة، خاصة تلك المقاهي التي تملك إغراءات من خلال تمكين الشباب من اختراق المواقع المحجوبة لتلبية رغبات ومطالب قد تؤدي بهم إلى مخاطر كبيرة، بل إن الأمر يتجاوز ذلك بتقديم تسهيلات أخرى للزبائن المتميزين!!. إن هذه المخالفات والتجاوزات من مقاهي الإنترنت تستوجب إعادة النظر في شروط تصاريحها وأسلوب عملها وآلية مراقبتها ومن يعمل فيها وبشروط ومؤهلات محددة، إلى غير ذلك من الضوابط الأخرى التي تكفل حسن الاستخدام وسلامته وحماية شبابنا من الانزلاق في المواقع المشبوهة أو الإباحية والمجاهرة بها وتداولها بين الشباب، مع أهمية اعادة النظر في تقييم تلك الشركات التي تقوم على خدمة الإنترنت وتكثيف الرقابة الميدانية من قِبَل الجهات المسؤولة. وبالرغم من دور هذه المقاهي في ظهور هذه المشكلة التي أصبحت مصدر قلق لأولياء الأمور الواعين، إلا أن مسؤولية الوالدين والمدرسين والخطباء والدعاة أمر في غاية الأهمية، حيث يقومون بتحصين أبنائهم وتربيتهم وتوعيتهم ونصحهم من الأضرار والسلبيات والمحاذير على الاستخدام السلبي لشبكة الإنترنت، فمن خلال التوعية المتوازنة التي توضح الإيجابيات والسلبيات سواء لاستخدامات الإنترنت أو غيره من المجالات الأخرى يمكن الحد من الممارسات الخاطئة، والأخذ بأيدي شبابنا إلى بر الأمان. ولعله من المناسب في هذا المقام أن نؤكد أن الحاجة لدراسة احتياجات وهموم الشباب ماسة ومطلب وطني، والعمل على توفير برامج تثقيفية وترفيهية تتناسب مع أعمارهم واهتماماتهم خصوصاً خلال أوقات الإجازات والمناسبات؛ لما لذلك من دور في إبعادهم عن اللجوء لمثل هذه المقاهي في غير الحاجة، وتفسح المجال أمامهم لممارسة هواياتهم وتعرفهم بأنشطة وبرامج أخرى تلبي رغباتهم وتشغل أوقاتهم وتنمي مهاراتهم وهواياتهم لتهيئتهم لمستقبل واعد بإذن الله.