وأنت تدخل إلى بيت من بيوت الله في رمضان بالذات تعقد النية على استثمار هذه الأيام المباركة فيما يعود عليك بالأجر الكبير في الدنيا والآخرة والانقطاع عما يلهيك، حتى من المباحات، وما ذاك إلا لما لهذه الصلاة والمكان من أهمية لدى المسلمين، ولكن مما يلفت الانتباه ويشدك انتشار ثقافة العبث في بعض المجالات، ومنها ما يشاهد في بعض المساجد من انتشار المراسلة بتقنية البلوتوث بين فتيان وقعوا فريسة الترف الزائد في ظل إهمال أولياء أمورهم الذين اصطحبوهم للمساجد لينتهكوا قدسية العبادة ويعكروا صفو خشوع المصلين من خلال التراسل بما لا يرضي الله تعالى ولا رسوله - صلى الله عليه وسلم - وقد يصل الأمر إلى رسائل متحركة تحوي مشاهد يأثم من يطلع عليها، ناهيك عمن يقوم بإرسالها وتبادلها، ناهيك عن أن يكون ذلك في بيت الله وفي وقت فاضل وزمن فاضل. وهذه الخلاصة لا تحتاج إلى من يقوم بالاستنتاج بها؛ فيكفي أن تقوم بالبحث من خلال جوالك عن أجهزة البلوتوث العاملة في محيط المسجد الذي تصلي فيه لتجد العجاب من التسميات التي لا تدل على خير؛ فمن أحدهم يسمي نفسه جند الشيطان، وآخر الحيران، وثالث... النساء، وغيرها مما يندى له الجبين.إن تخفي الإنسان في ممارسته السلبية هذه يحمل نذير شؤم كبير؛ إذ إن اقتراف الذنب في مثل هذا التوقيت تحت حجاب المراسلة ليعبد الطريق أمام المجاهرة بذلك في مرحلة لاحقة تليه ثم يتدرج الأمر لما أكثر من ذلك وفي النهاية تكون العواقب وخيمة على المجتمع.إننا ونحن ندق ناقوس الخطر نطلب من الجميع بذل الجهد من آباء ومربين وأئمة مساجد لاحتواء ظاهرة استخدام الجوانب التقنية مع تهميش أطرها الشرعية. إن ضعف الوازع الديني في نفوس الناشئة يحمل معاني خطيرة تدق ناقوس الخطر، ونحن في تحقيقنا هذا نقصد إيصال الصوت لمن ينتفع به وتنبيه الغافل. ******* صيحة جديدة الشيخ أحمد علي أبا الخيل رئيس مركز هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر المكلف في الصفراء تحدث بداية عن سلبيات البلوتوث والإنترنت والقنوات الفضائية وأثرها في الأجواء الرمضانية قائلاً إنها حملت سياسة الإشغال عن قراءة القرآن الكريم وغيرها من القربات والطاعات، إلا إذا راعت الجوانب الشرعية علاوة على استخدامها بشكل منضبط بالضوابط الشرعية كالدعوة إلى الخير واستخدامها في المباحات كالمعلومات المفيدة وغيرها. وأضاف أن استخدام تلك التقنيات يستغرق الوقت الكثير من الاطلاع على المواقع ومتابعة المسلسلات لمن يريد الاطلاع السريع فيكف بمن يدمن استخدام هذه التقنيات كالتجوال بالإنترنت غير المنضبط من تنقل بين المواقع المخلة بالآداب فإن ذلك يؤدي إلى إفساد الفكر والعمل وإضاعة الوقت والمال وإهدار نعمة البصر فيما يسخط الله ويضيع عمره وكذلك القنوات الفضائية؛ حيث تحمل نفس الجانب السيئ وغيرها. ولا شك أن ذلك مفسدة للأوقات ومتلفة للوقت في رمضان وأجواء العبادة فيه. أما مشكلة البلوتوث فهي مشكلة دهمت العقول والأبصار، وأضاعت الأوقات دون فائدة، وهذا شيء ملموس لأن وسائل البلوتوث تأتي من مجهول والمجهول لا ضوابط له بل تحمل الضرر من جهاز إلى آخر، كما أن خاصية رسائل الوسائط إذا كانت تصدر من رقم صاحبه مجهول فهي تحمل غالباً مفاسد وسرعان ما تنشر صور ومقاطع سيئة أفسدت بيوت وفرقت أسراً وحرفت أفكار مستقبليها؛ فكيف إذا كان الإنسان في شهر رمضان شهر الصيام والقيام والطاعات وقراءة القرآن..هذا الشهر الذي ميزه نزول القرآن، وهو ركن من أركان الإسلام. وأضاف أبا الخيل: ولا شك أن سوء استخدام تلك التقنيات مضيعة للوقت مفسدة للأخلاق، بل إنه ضياع للحياة، وقد تم رصد حالات ندم أصحابها على مشاهدتهم؛ وذلك لأنها ولدت تعاملاً سيئاً مع أهلهم، وفتيات كان هذا الاستخدام سبباً لانحرافهن وخروجهن مع أجانب عنهن. صيحة العصر أما الدكتور خالد بن عبد العزيز الشريدة دكتور علم الاجتماع فبين من جانبه أن المجتمع دائماً ما يمر بمراحل متعددة من المتغيرات، وقال: ما نحتاج إليه نحن كمسؤولين هنا هو أن نتابع هذه المتغيرات ونستوعبها لنسخرها في خدمة المجتمع لا في هدمه؛ فإذا كانت التقنيات وشبكات الاتصالات هي صيحة العصر وأداته المهمة في التواصل الاجتماعي فإن دراسة هذه القضية وأبعادها الاجتماعية تعدّ من الأهمية بمكان. وإنه من نعم الله أن يهيئ في كل الأوقات والأزمان من الأسباب ما يعين العباد على تبادل مصالحهم، ومن ذلك نعمة الاتصالات التي قربت البعيد، ليس بالصوت فقط بل والصورة كذلك. وإذا كان من المفترض في الإنسان المسلم، رجلاً كان أو امرأة، أن يستغل جل وقته بما يعود بالنفع عليه، فإن هذا المعنى يكون في الأماكن والأزمان الفاضلة آكد، ومن ذلك شهر رمضان الذي أنزل فيه القرآن. وإذا كان الأصل في الأدوات التي نستخدمها الإباحة ومنها تقنية البلوتوث والإنترنت فإنها تحرم على حسب طريقة استخدامها وعلى وجه أخص حينما تستخدم لتناقل عبارات أو صور محرمة وخليعة لمشاهدتها، ويزداد ذلك سوءاً وقبحاً حينما يكون في شهر رمضان. وإذا كانت احتياجات الناس تختلف في استخدام التقنيات فإن الحقيقة أن الإنسان هو الذي يوجد أو يخلق احتياجاته من خلال الممارسات التي يمارسها والسلوكيات التي يتبعها؛ ولذلك فإن تقنية البلوتوث أو متابعة شبكة الإنترنت تجدها عند بعض الناس إدماناً بحيث يصرف أغلب وقته فيها في أشياء ربما لا تعود عليه بالنفع بقدر ما تعود عليه بالضرر أو على أقل تقدير تضييع وقته الذي يمكن أن يستغله فيما هو أنفع من ذلك، خصوصاً في شهر رمضان كقراءة القرآن أو التسبيح والاستغفار أو غيرها من العبادات والأذكار والطاعات. إن الأسف يشتد ابتداءً من أن يتناقل المسلم أو المسلمة صورة محرمة في جواله أو يتصفحها في شبكة الإنترنت، ويشتد الأمر غرابة أن يحصل ذلك في شهر رمضان. وأضاف الدكتور الشريدة: إذا كنا نربأ بأي مسلم أو مسلمة عن أن يمارس ذلك فإننا نقول لمن ابتلي بذلك: استغل شهر رمضان المبارك في الإقلاع عن هذه الممارسات التي لا تليق بعاقل فضلاً عن مسلم وأشغل نفسك بشكر الله على ما أنعم عليك من الصحة والمال واصرف وقتك في طاعة الله؛ ذلك أن النفس ما لم تشغل بالإيجابيات انشغلت بالسلبيات. وما لم نملأ وقتنا بالخير امتلأ بنقيضه، وشهر رمضان هو محطة ونعمة إلهية؛ لكي يراجع الإنسان نفسه، ويقيم ما هو عليه سلوكا وفكرا، ثم يضع خطته للانطلاق لما يرضي الله - سبحانه -؛ لينجح في الدنيا ويفلح - بإذن الله - في الآخرة. الشباب يعانون ويظل الحديث مع الشريحة موضوع تحقيقنا من الأهمية بمكان حتى نرى عن كثب حال أحد المعنيين بالأمر. وحول ذلك أكد الطالب إبراهيم العبد الله أن الكثير من الشباب يعانون من أزمة كبيرة في استخدام التقنية الخاطئ. وأضاف: إننا نشاهد استخداما حسنا واستخداما سيئا للإنترنت؛ حيث نسمع عن تصفح بعض الشباب مواقع سيئة تنشر مواد إباحية يعقبها تداول هذا الفساد، وكذلك فإن الناظر إلى بعض القنوات الفضائية في شهر رمضان يجدها تتفنن في بث البرامج والمسلسلات الساقطة التي يستحيي الإنسان من النظر إليها في غير هذا الشهر فكيف بشهر العبادة والذكر والطاعات؟ مع ولي الأمر من جانبه بين ولي أمر الطالب خالد المري أن تلك التقنيات تكلف الآباء الأموال الباهظة التي تذهب دون فائدة؛ وذلك نتيجة الاستخدام السيئ للتقنية الذي نراه في وسط الشباب حيث إن منهم من يسبب له إدمانه الإنترنت الانطوائية وبعده من أهله وتركه أعمال الخير من طاعات وصلة أرحام بسبب ذلك، ناهيك عن البلوتوث فحدّث ولا حرج من حيث الآثار السيئة على المجتمع والشباب، خاصة حين يتداول بعض الشباب مقاطع أو صوراً مخلة بالآداب علانية ودون اعتبار لهذا الشهر أو الخوف من الله عز وجل. الملهيات والنفحات وعقب ولي أمر الطالب سعد. ق بقوله: في عصرنا هذا - للأسف - نلحظ كثرة الملهيات عن استغلال نفحات رمضان الربانية في صور عدة وأشكال مختلفة من اللهو المباح أحياناً، والمحرم في أحايين أخرى؛ فمنها - على سبيل المثال لا الحصر - وسائل الاتصال الحديثة من الإنترنت والبلوتوث. وأضاف: الناظر بعين فاحصة إلى حال كثير من الناس الذين تعلقت قلوبهم وعقولهم بهذه الشبكة العنكبوتية يجد العجب العجاب من أناس لم يضبطوا اتصالهم بهذه الشبكة العالمية بضابط الخوف من الله، بل تجدهم يتهافتون على المواقع المخلة بالآداب، وعلى غرف المحادثة القاتلة للعمر والمال، علاوة على انغماسهم غير المحمود في وحل المواقع الغنائية التي تبث الرديء من القول، بل المشاهد والصور التي تلهي المتصفح عن أمر أعظم هو التقرب إلى الله بالطاعات والعبادات، ولا سيما بر الوالدين وتربية الأبناء وصلة الرحم وإكرام الضيف وزيارة المريض التي فيها تعبد لله - عز وجل - الذي خلقنا لعبادته، ولم يقف الأمر عند هذا الحد بل تعدى إلى خدمة البلوتوث الجديدة التي أصبحت فاكهة لبعض المجالس المهدرة الأوقات في تناقل ما يجدونه في الإنترنت على أجهزة الاتصال، ومن ثم تناقل هذا الهراء بين شريحة ليست بالقليلة من شرائح المجتمع، ومع كل هذا الغثاء الذي تطرقنا إليه يوجد من الدعاة الصادقين العاملين لهذا الدين من يستغل هذه الوسائل في نشر الخير.واستدل والد سعد. ق بقول الرسول - صلى الله عليه وسلم - في الحديث الذي يرويه معاذ بن جبل - رضي الله عنه -: (ألا أدلك على أبواب الخير)؟ قلت: بلى يا رسول الله، قال: (الصوم جنة والصدقة تطفئ الخطيئة كما يطفئ الماء النار) حاثاً على اغتنام الشهر. المتابعة وختاماً حث الشيخ أحمد بن علي أبا الخيل رئيس مركز هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر المكلف في الصفراء على أهمية المتابعة الجادة من الفرد لنفسه ومن ولي عليهم؛ لأن النصيحة الفردية والتوعية الجماعية والدعوة إلى المعروف والنهي عن المنكر هي من السبل ذات القوة في معالجة هذه الاستخدامات، كما يتطلب الأمر التعاون على البر والتقوى بمحافظة الإنسان على نفسه وقيامه بمتابعة أسرته وتوعيتهم. * إدارة العلاقات العامة والإعلام في الرئاسة العامة لهيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر.