شاب يصلي، له لحية كبيرة نسبياً، صلاته ولحيته تدلان على إسلامه، يدعو الله باستغراق ليهديه إلى الحقيقة، ويستفسر: هل الله رب المسلمين أم رب النصارى.. فهو إله واحد إما أن يكون إله هذا الفريق وإما ذاك؟ هو مسلم متشدد يتعامل مع المسيحيين بعنف وقهر، جلبابه القصير، ولحيته، وغلظته مع المسيحيين، وحرقه الكنائس، وقتله النفس التي حرم الله قتلها إلا بالحق، جعلت منه مسلماً إرهابياً، يستمر في الدعاء إلى الله والابتهال إليه أن يهديه إلى الصراط المستقيم، وما أن ينام حتى يرى شخصاً نورانياً يخبره بأنه المسيح عيسى بن مريم، وأن طريقه هو الطريق الحق، يقول له: (إن الإنجيل قد ضاع منه)، فيرد عليه قائلاً: (هذا لا يمكن أن يضيع)، يستيقظ من غفوته ليذهب إلى أمه ويقبل يدها ويحنو عليها، تتعجب الأم مما تراه من ابنها قائلة له: (إن هذه هي المرة الأولى التي يحنو فيها عليها)، فيأخذ رأيها - وهي مسلمة - في أن يتنصر وأن هذا هو الجديد الذي غير شخصيته، فتومئ إليه الأم دلالة على الموافقة، وأنها على استحياء تخبره بألا يُعلم أحدا بهذا الأمر، وأنها هي الأخرى قد تنصرت، لكنها تخفي هذا الأمر. تنتهي القصة وهذا الشاب قد حلق لحيته واتجه صوب كل النصارى يسألهم العفو، عما سلف منه تجاههم، وأنه قد وجد الطريق الذي لا يخاف فيه من الموت.. طريق التبشير. الفقرة السابقة هي ملخص حلقة من برنامج تم بثه مساء الجمعة السابع من أكتوبر (تشرين أول 2005م) على قناة (الحياة) الفضائية التبشيرية التي تبث برامجها على مدار الساعة دون انقطاع، تدعو فيه إلى النصرانية، مستغلة ما وصل إليه حال المسلمين الذين يقتلون ويروعون الآمنين تحت مظلة الإسلام. أنا لا أعيب على هذه القناة ما تفعله، بل على العكس فهي قناة دينية تدعم رسالتها عبر الفضائيات المفتوحة، التي يستطيع أي شخص أن يراها حتى ولو كان في مكةالمكرمة أو المدينةالمنورة. عصر السماوات المفتوحة جعل كل الناس تقول ما تريد قوله دون رقيب أو حسيب، هي قناة تبشيرية تدعو إلى النصرانية، لكن في إطار حرب واضحة على الإسلام، مستخدمة كل الأسلحة في هذه الحرب من استغلال نماذج سيئة في هذا الدين، القنوات الإسلامية الفضائية لا تتعرض إلى هذا الجانب الغائب عن قنواتهم، فلا بد من الدعاية للإسلام كدين، دون نسبته إلى أشخاص بعينهم، فالإسلام معروفة مصادره ما بين قرآن وسُنَّة، أما ما يحدث اليوم من فتاوى تصدر بقتل الأبرياء بدعوى أنهم كفار، وفي ظل سكوت العلماء المسلمين عن تصحيح المسار فهذا ليس إسلاماً، وإنما هو تأسلم سياسي معروفة أهدافه جيداً. هذه القناة ليست الوحيدة التي تبث حملاتها التبشيرية على الفضائيات وانما هناك مواقع كثيرة على الإنترنت تحاول التشكيك في معلومات إسلامية لا يستطيع الإجابة عنها صغار الشباب من مرتادي الشبكة العنكبوتية، وتطرح أسئلة في صميم النحو العربي وفي صميم فقه اللغة والبلاغة وغيرها من علوم العربية، ممن لا يستطيع الإجابة عنها إلا المختصون، فأين المسلمون الغائبون عن المنافسة؟ [email protected]