بدأت تظهر بعض الكتابات، ويتحدث آخرون في مجالسهم عن مشاريع تفطير الصائمين الجماعية في المساجد وحولها، وصار بعضهم يهمز ويلمز إلى أن هؤلاء المفطرين غير محتاجين! ولا أدري من أين أتوا بلفظة: محتاجين؟ فإن الرسول صلى الله عليه وسلم قال: (من فطر صائماً فله مثل أجره)، ولم يقل من فطر فقيراً فله مثل أجره؛ فلو فطرت أصحاب المليارات فإن الأجر ينالك بمشيئة الله. ومنهم من يشير إلى أن هناك أسراً محتاجة! وكأن تفطير هؤلاء يمنع التصدق على الأسر. ونظير ذلك ما يتحدث به البعض عن التبرعات للفقراء والمنكوبين في الخارج عن طريق المؤسسات الخيرية وأن ذلك سيعود سلباً على فقراء الداخل، ومن قال ذلك! إن أبواب الخير كثيرة والمحتاجون في الداخل كثر والخارج كذلك، بل إن فقراء الخارج كما شاهدناهم أشد حاجة وأكثر عدداً دون مجال للمقارنة. وأطمئن هؤلاء (الحريصين) إلى أن الدخل القومي لن ينخفض بسبب هذه التبرعات بل العكس هو الصحيح، فقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (ما من يوم يصبح فيه العباد إلا وينزل ملكان فيقول الأول اللهم أعط منفقاً خلفاً؛ ويقول الآخر اللهم أعط ممسكاً تلفاً). وللفائدة فإن الأقربين أولى بالمعروف ليست آية ولا حديثاً ولكن الآية التي في هذا المعنى هي قوله تعالى: {وَأُوْلُواْ الأَرْحَامِ بَعْضُهُمْ أَوْلَى بِبَعْضٍ فِي كِتَابِ اللّهِ} فتقديم الأقربين مبدأ لا خلاف عليه. والخلاصة أن مشاريع الخير للموطنين والوافدين في الداخل والخارج الاختلاف بينها ليس اختلاف تضاد بل هو اختلاف تنوع وتكامل؛ والهمسة في آذان هؤلاء هي قول خاتم الأنبياء عليه السلام: (ولا تحاسدوا وكونوا عباد الله إخواناً)، وياليت الفائض من أموالنا يكون لفقراء الداخل والخارج، لكن المشاهد المؤسفة أن كثيراً من الأموال تصرف على الكماليات التافهة أو السفريات الفارغة، والنفقات هنا تكون في الخارج، حيث لا يأخذها الفقراء بل الشركات السياحية ذات الخمس نجوم، فلماذا لا يركز هؤلاء المتحذلقون عليها؟! وخلاصة الخلاصة أن البخل والحسد وتوطين الوظائف ليست هي سبل إحلال الرزق؛ بل السبب الحقيقي لكثرة الخيرات والأموال والبركات هو الإيمان والتقوى كما قال تعالى: {وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْقُرَى آمَنُواْ وَاتَّقَواْ لَفَتَحْنَا عَلَيْهِم بَرَكَاتٍ مِّنَ السَّمَاء وَالأَرْضِ}. [email protected]