وزير التخطيط والتعاون الدولي: المشاريع السعودية تسهم في تحسين الخدمات باليمن    وزير الدفاع والسفير الصيني لدى المملكة يستعرضان العلاقات الثنائية بين البلدين    محافظ الطائف يلتقي مديرة الحماية الأسرية    موافقة خادم الحرمين الشريفين على استضافة 1000 معتمر من 66 دولة    جمعية "إرادة" تحقق الذهبية في جائزة التجربة التعليمية    نائب أمير منطقة مكة يستقبل المندوب الدائم لجمهورية تركيا    الخريجي وسفير أمريكا لدى المملكة يستعرضان العلاقات الثنائية بين البلدين    أمير الشرقية يدشن مشروع كاميرات المراقبة الذكية بالمنطقة الشرقية    تعيين الشثري رئيساً تنفيذياً لهيئة المنافسة    إحباط 3 محاولات لتهريب أكثر من 645 ألف حبة محظورة وكمية من مادة «الشبو»    ترسية المشروع الاستثماري لتطوير مستشفى متخصص لعلاج الإدمان    المملكة تدين القصف الإسرائيلي على مدرسة أبوعاصي في غزة    رئيسة بالميراس عن ضم نيمار: لسنا مستشفى    وزير الصحة: 10 % نموي سنوي لقطاع الأدوية بالمملكة    مشاركة عربية قياسية محتملة في أمم أفريقيا 2025 وغياب غانا والرأس الأخضر أبرز المفاجآت    أكثر من 6 ملايين عملية إلكترونية عبر «أبشر» في أكتوبر 2024    تدشين 3 عيادات تخصصية جديدة في مستشفى إرادة والصحة النفسية بالقصيم    محافظ الطائف يلتقي مديرة الحماية الأسرية    مقتل المسؤول الإعلامي في حزب الله اللبناني محمد عفيف في قصف إسرائيلي على بيروت    انتظام اكثر من 389 ألف طالب وطالبة في مدراس تعليم جازان    رئيس مجلس الشورى يرأس وفد السعودية في الاجتماع البرلماني بدورته ال 29 لمؤتمر الأطراف في اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية في باكو    "سعود الطبية" تستقبل 750 طفلاً خديجًا خلال 2024م    "وزارة السياحة": نسبة إشغال الفنادق في الرياض تجاوزت 95%    نمو سجلات الشركات 68% خلال 20 شهراً منذ سريان نظام الشركات الجديد    "دار وإعمار" تختتم مشاركتها في "سيتي سكيب جلوبال" بتوقيعها اتفاقياتٍ تمويليةٍ وسط إقبالٍ واسعٍ على جناحها    "المواصفات السعودية" تنظم غدًا المؤتمر الوطني التاسع للجودة    "الأرصاد"سماء صحو إلى غائمة على جازان وعسير والباحة ومكة والمدينة    وزير الرياضة يشهد ختام منافسات الجولة النهائية للجياد العربية (GCAT)    المكسيكي «زوردو» يوحّد ألقاب الملاكمة للوزن الثقيل المتوسط لWBO وWBA    شمال غزة يستقبل القوافل الإغاثية السعودية    اللجنة المشتركة تشيد بتقدم «فيلا الحجر» والشراكة مع جامعة «بانتيون سوربون»    «الطاقة»: السعودية تؤكد دعمها لمستقبل «المستدامة»    بيولي ينتظر الدوليين قبل موقعة القادسية    منتخب هولندا يهزم المجر برباعية ويلحق بالمتأهلين لدور الثمانية في دوري أمم أوروبا    «إعلان جدة» لمقاومة الميكروبات: ترجمة الإرادة الدولية إلى خطوات قابلة للتنفيذ    5 فوائد صحية للزنجبيل    بيني وبين زوجي قاب قوسين أو أدنى    الإستشراق والنص الشرعي    المتشدقون المتفيهقون    تجاوز الدحيل القطري.. الخليج ينفرد بصدارة الثانية في «آسيوية اليد»    محافظ محايل يتفقد المستشفى العام بالمحافظة    أمن واستقرار المنطقة مرهون بإقامة دولة فلسطينية مستقلة    البيان المشترك الصادر عن الاجتماع الثاني للجنة الوزارية السعودية- الفرنسية بشأن العُلا    إطلاق النسخة الرابعة من «تحدي الإلقاء للأطفال»    السخرية    المؤتمر العالمي الثالث للموهبة.. عقول مبدعة بلا حدود    دخول مكة المكرمة محطة الوحدة الكبرى    الحكمة السعودية الصينية تحول الصراع إلى سلام    رحلة قراءة خاصة براعي غنم 2/2    حكم بسجن فتوح لاعب الزمالك عاما واحدا في قضية القتل الخطأ    ألوان الأرصفة ودلالاتها    وطنٌ ينهمر فينا    المرتزق ليس له محل من الإعراب    خطيب المسجد الحرام: احذروا أن تقع ألسنتكم في القيل والقال    أمير تبوك يطمئن على صحة الضيوفي    ختام مسابقة القرآن والسنة في غانا    أمير الباحة يكلف " العضيلة" محافظاً لمحافظة الحجرة    مركز عتود في الدرب يستعد لاستقبال زوار موسم جازان الشتوي    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



عبد الرحمن الفريح (*)
السَّبُعان - والأُجْفر - وزَرُود - وديار يربوع
نشر في الجزيرة يوم 18 - 09 - 2005

اطلعت على دراسة الأخ ناصر بن عبد الله البكر المنشورة في صفحة ورَّاق الجزيرة بعنوان (قصر دّواس بين روعة البناء وعظمة التاريخ) وبدا لي أن أشير إلى بعض الملاحظات التي أرى أنها تخدم ما جاء به الأخ ناصر ولا تنقص من قدره أو تعارضه.
وليسمح لي الباحث الكريم بأن أشير إلى ما استدركته على دراسته في النقاط التالية:
أولاً - بلدة السَّبُعان:
وددت لو أنَّ الأخ الفاضل توسع بالتعريف بالبلدة التي يوجد بها القصر وهي بلدة (السَّبُعان) وتمنيت لو أنه خدم موضوعه بما في المصادر البلدانية التي أشارت إلى الآتي:
ورد في المعاجم البلدانية أن السَّبُعان وادٍ في الجبلين يفضي سيله إلى (الأجيفر) من بلاد يربوع، قال الشاعر:
ولهم بلاد طالما عُرفت بهم
صحن (الملا) ومدافع السبعان
والَملاَ هو المنطقة الواسعة المحصورة بين بقعاء (اللوِّى) شمال شرق مدينة حائل وبين شري (شرج) ومدافع الوادي هي الأماكن التي يفضي إليها سيله ولا يُعرف الآن الوادي باسم السَّبُعان، إذ هو في أعلاه يُقال له وادي العش وفي أسفله يُقال له وادي العدوة وفي الأجيفر قال الفرزدق:
ديار بالأجيفر كان فيها
أوانس مثل آرام الصريم
وما أحدٌ يسامينا بفخر
إذا زخرت بحور بني تميم
وقد نص صاحب بلاد العرب على أن وادي السبعان ينتهي إلى الأجيفر في أرض يربوع ونقل عنه ذلك الشيخ حمد الجاسر في معجم شمال المملكة.
والمعروف الآن من وادي السبعان بلدة عامرة تُعرف بهذا الاسم في أعلاه في سفح جبل سلمى الغربي على بعد 65 كيلاً جنوب شرق حائل بقرب ما يعرف باسم الشرَّى وهو منفذ في جبل سلمى يخترقه من الغرب إلى الشرق وفيه استشهد الصحابي الجليل عُكاشة بن محصن الأسدي قبيل وقعة بُزاخة ولا يعرف على وزن فُعلان في لغة العرب سوى السَّبُعان.
قال ابن مالك صاحب الألفية: (كذا إذا كسُبَعان صيّرة) وورد من الشعر الجاهلي القديم قول أحدهم (وهو من بني عقيل):
ألا يا ديَارَ الَحيَّ بالسَّبُعان
خَلَت حِجَجُ بَعدي لَهُنَّ ثَمانِ
فَلمْ يَبقَ منها غَيْرُ نؤيٍ مُهَدَّمٍ
وغيرُ أَوَارٍ كالرّكِىِّ دِفانِ
إلى قوله:
جمعتُ رُدَينيَّا كأنَّ سِنانَهُ
سَنَا لهبٍ لَم يستعِنْ بدُخَانِ
السَّبُعان: بتشديد السين وضم الباء على وزن فُعلان ولم يرد في العربية على هذا الوزن غيره، ذكر ذلك ابن مالك في ألفيته في النحو والصرف وينظر في ذلك شرح ابن عقيل لألفية ابن مالك.
وقال الأصمعي في شرح هذه الأبيات: شبَّه الشاعر السنان في صفائه بصفاء لسان النار وهذا أشعر بيت في وصف السِّنان.. وأوردها الدكتور عادل البياتي مع حديث له عن فلسفة الحياة الجاهلية عند العرب وعن المعنى الرمزي في قول القائل فلان كثير الرّماد وقال إنه لا يرى معنى أكثر إيجاءً بالرمز من هذه الأبيات.. ويحمل اسم وادي (السَّبُعان) بلدة في أعلاه وتنطق بإسكان الباء (1).
ثانياً - فتك وجلديَّة:
من المعالم الطبيعية بالقرب من بلدة السبعان جبل فتك ويقع إلى الشمال منها وللشيخ أبو عبد الرحمن ابن عقيل الظاهري بحث نشره في جريدة الجزيرة قبل سنوات عنوانه (من أجل خُفاف) إثر جولة ميدانية هدفها تحديد مكان جبل خُفاف الذي اختفى اسماً وحلَّ بدله اسم جديد.
استشهد الظاهري بشعر لعبد العزيز بن زرارة العامري ذكر فيه فتك وجلدية وخُفاف وقد رجّح أن يكون خُفاف هو ما يعرف الآن باسم (جانين) فيما بين جلدية وفتك.
وجلدية جبل صخري وجميع الجبال والتلال في هذه المنطقة مثل جُلدية وعُنيزة وأُم شطن والبويب والجانين (جانان) كلها بقايا الطبقة الأرضية الشديدة الصلابة التي سبق أن غطت المنطقة بأجمعها على ارتفاع أكثر مما هو الآن بكثير.
وجانين إلى الشرق من حائل وإلى الشمال الشرقي من فتك الواقع شمال بلدة السبعان، قال عبد العزيز بن زرارة:
فلما بدت جلديَّة من أمامنا
وفتك وجاوزنا بلاد تميم
وبدأ رعن من خفاف كأنه
نعائم ربد بينهن ظليم
وفي بحث الشيخ الظاهري حديث عن ديار يربوع في شمال شرق حائل حبذا لو أن الباحث الكريم رجع إليه.
ثالثاً - قفار وحزن يربوع:
مرّ الأخ ناصر على قفار المدينة التاريخية مرور الكرام وهو يتحدث عن السُّبَعان المنبثقة عنها وليته أطال المكث عندها لأهميتها.
لم يطلق اسم حائل على مدينة حائل إلاّ في عهد متأخر كما ذكر الشيخ حمد الجاسر في معجم شمال المملكة، وكانت الشهرة إلى ما قبل قرنين من الزمان لمدينة قفار ذلك أن اسم حائل كان يطلق على الوادي الذي تقع قفار على ضفته الغربية.. وحائل تُعرف باسم القرَّية، وقد أفاض فالين في الحديث عن قفار كأكبر بلدة في المنطقة إبان زيارته لها في عام 1845م وأغناها، وقد وصف ما يتميَّز به أهلها من الزهو والخيلاء وبأنهم ارستقراطيون في هيئتهم ومظهر حياتهم، وقال فالين وفي الطَّرف الشرقي من القرية آثار خراب من بيوت وأسوار طين تثبت أنَّ السكان تحركوا مع الزمان غرباً مقتربين من الجبل وهو بهذا يشير إلى أسوار قلعة (غيّاض) العتيدة.. ومضى فالين يتحدث عن أهل قفار في لغتهم وملامح وجوههم وأحجام أجسامهم وطول قاماتهم اللافتة للنظر، والمميزة لهم حتى قال: إنَّ بدو الجهات الغربية في شبه الجزيرة ومثلهم المصريون والسوريون يسألونني عن مميزات هؤلاء القوم.. ولم يزد ألويس موزل الذي زار قفار في عام 1915م في وصف قفار، وقد فتكت الحمى بأهلها سوى أنْ قال بلغة شعرية: (ثم اختفت جبال الفرع المهيبة التي يلفها شعاع ذهبي بين الماردية والكشرية، فيما وراء بساتين قفار التي تغطي منطقة واسعة لكنها توحي بانطباع حزين يرمي بظلاله على الأطلال الكئيبة والبيوت المهجورة كانت قفار في أحد الأوقات أكبر من حائل..إلخ).
وقال السويداء كانت قفار قاعدة الشمال بعد أن زادت أهميتها بعد القرن التاسع الهجري، وقال الزركلي في موسوعة الأعلام وهو يتحدث عن عاد إن عاداً قبيلتان: الأولى (عاد إرم) وقد بادت وأصبح اسمها رمزاً للقدم حتى قيل (مجد عادي) أي قديم والثانية (بنو تميم) ومنازلهم في رمال عالج المتصلة بوبار وعالج هو الرمل الواقع شمال حائل، أما وبار ففي رمل بني سعد.. وقال الشيخ حمد الجاسر عن قفار: إنها قديمة جداً لكنها مجهولة التاريخ.
وورد في المصادر القديمة من كتب البلدانيات أن (الهييماء) التي أصابت فيها تميم طيئاً مورد في الجبلين.
ويفهم من خبر وقعة (الهييماء) وأنها داخل الجبلين، وأن تميماً أصابوا الطريفين: طريف بن مالك، وطريف بن عمرو، ومنازل هؤلاء في جبل أجأ في طرفه الجنوبي، وما ورد في مفاخرات الشعراء من تميم كالفرزدق والبُعيث أن الهييماء هي قفار.
وليس بالقرب من أجأ في السهل أمواه جاهلية إلا (بُزاخة)، ولو كانت الواقعة في بزاخة لعرفت باسمها، وقول البكري: إن الهييماء مويهة لبني أسد وهذا لا يصطدم بكونها قرب جبل أجأ لأن للأسديين حق الاختصاص ببعض الأمواه في سفح أجأ الشرقي ك (بُزاخة) وفي سفح سلمى الغربي ك (السّبعان)، حتى بعد انتشار طيء في الجبلين، وقد اشار إلى ذلك حمد الجاسر في حديثه عن وقعة بُزاخة في حروب الردة.
وعن سكنى القبائل العربية في بلاد الجبلين قال فالين: وفي منتصف القرن الثالث الميلادي نلقى بني أسد العدنانيين - ويظن أن جدهم هو أسد بن خزيمة المولود سنة 101م - يقيمون في هذه المنطقة، ولا يذكر الشمريون بني أسد بين الذين سكنوا ديارهم في القديم، غير أن قبائل كثيرة كبني ربيع - وسمعت عرباً يقولون: إنهم يرجعون بنسبهم إليهم - وكبني قيس وتميم وهلال، الذين عرف عنهم أنهم نزلوا الجبلين، وتعاقبوا على امتلاك المنطقة كانوا من أنسباء بني أسد العدنانيين.
وقال فالين: (إن الكتب العربية لا تشير أية إشارة إلى منطقة الجبلين في الزمان الذي سبق الميلاد حين بدأ العدنانيون بالهجرة من الحجاز إلى نجد, ويحسب (كوسال دي بريسفال) أن جدهم عدنان ولد حوالي سنة 130ق.م)، وأشهر العدنانيين تميم، وأسد، وغطفان، وفي المصادر أن طيئاً نزحت من اليمن بعد خراب سد مأرب وحالفت بني أسد العدنانيين في الجبلين.
واشتهرت قفار بكثرة من هاجر منها من الأسر والبطون، ولها في نفوس أحفاد أولئك ذكريات طيبة باعتبارها محلهم الأقدم، ومركز بيضتهم الأول، قال حمد الجاسر في الجمهرة: إن كثيراً من الأسر التميمية تتناقل من تاريخها أن أوائلها انتقلوا من قفار البلدة الواقعة في سفح جبل أجأ، ومن هؤلاء آل حماد، الذين هم أصل فروع كثيرة من بني تميم في سدير، وحوطة بني تميم، وغيرهم ممن ينتسب إلى بني العنبر بن عمرو بن تميم.. وقال إنَّ سكنى بطون من تميم في حائل قديم إذ كانت بطون من تميم تسكن بعض الأماكن التي احتلتها قبيلة بني أسد في صدر الإسلام كما يفهم مما أورد صاحب كتاب (بلاد العرب) في كلامه عن الأجفر، فقد ذكر أنه كان لبني يربوع - من تميم -.
وقال أيضاً: يسكن مواضع هذه الإمارة - بقصد إمارة عرعر، الحدود الشمالية - فروع من بني تميم في جنوبها وفي الدهناء، والَحزْن (التيسيَّة) إلى قرب سهول الفرات.. وقال عن وادي حائل الذي تقع قفار على ضفته الغربية بينه وبين جبل أجأ: إنه واد يفلق بين الرمل وأجأ ليس ثم وادٍ غيره يصب في الحزن - حزن يربوع من تميم - نقل هذا عن الهجري (2)، وقال: وقول الهجري بأن هذا الوادي يفلق بين الرمل وأجأ ليس ثم وادٍ غيره يصب في الحزن، إن هذا قد يكون قبل تراكم الرمال الحاجزة بينه وبين الحزن، ووجود مناهل أحناء تلك الرمال وأرض جلد يؤيد رأي الهجري.
وقال عن حزن يربوع الذي ينتهي إليه سيل وادي حائل نقلاً عن ياقوت: هو قرب فيد وهو من جهة الكوفة، وهو من أجل مراتع العرب، فيه قيعان، وكانت العرب تقول: من تربَّع الحزن، وتشتَّى الصمان، وتيقظ الشرف فقد أخصب، وقيل حزن يربوع ما شرع من طريق الحاج المصعد، قال جرير:
ساروا إليك من السهباء ودونهم
فيحان فالحزن فالصمان فالوكف
وقال السكري: الحزن بلاد يربوع، وهو أطيب البادية مرعى ثم الصَّمان، وقال الأصمعي حزن بني يربوع قف غليظ مسيرة ثلاث ليال في مثلها، وخياشيمه أطرافه.
ونقل الشيخ حمد ما ورد في كتاب بلاد العرب من أن الغبيط، وإياد، وذا طلوح، وذا كريب، أودية بحزن يربوع، وأن بالغبيط وقعة تميم وبكر بن وائل، ودار يربوع الحزن، ومياههم أعشاش، والفردوس، وأنصاب، ونقل عن ياقوت قوله: حزن مليحة وهو حزن بني يربوع إذ مليحة من مواضعه وبها وقعة لبني تميم على بكر بن وائل.
وقال إن حزن يربوع من أوسع الحزون يبدأ من الطرف الشمالي للصمان يفصل بينهما وادي الحفر، المعروف قديماً باسم فلْج، ويمتد شمالاً مسيرة ثلاثة أيام للإبل، ومن الغرب إلى لينة حتى يقرب شرقاً من الشّجي، والرَّحيل غرب البصرة، والقيصومة، وحومانة الدراج بطرف رمل الدهناء، أي أنه يمتد غرباً إلى الدهناء، وتقع فيه (التيسية) ومياهها وأوديتها.. وقال عن التيسية: إن من أوديتها: وادي الأجردي في شرقيها ووادي الفويلق الذي يخترقها من الجنوب إلى الشمال، وشعيب أبا الجرفان في شمالها، وشعيب البدع يخترقها بقرب طريق الحج، وشعيب أخثال (خثال) في شمالها، ووادي الحسيان.(3)
ومن مناهلها: الطرّاق، والعبيد، وقبة، وعكيرشة، والطليحي، والبعيثة، والزبيرة، (في شمال شرق حائل) وسدحة، وأم الذيابة، والحفنة بقرب الزبيرة، والثعلبية (البدع وخضراء)، وقليب شيحان (شمال تربة بحائل)، وبركة العرايش، والحسيكي، وأخثال.(4)
ومن جبالها: روية، وجال الطليحي، وجال الضبيب، وجبلة وجبيلة (شمال حائل).. وتقع التيسية بين درجتي الطول 30 - 42 و 35 - 44 ودرجتي العرض 100 - 27، 50 - 28 .
وقال: التيسية أرض واسعة ممتدة ذات جبال، وأودية، ومناهل في حزن بني يربوع - من تميم.
وجاء في كتاب الأعلاق النفيسة لابن رسته عن الخزيمية: كان هذا المنزل يُسمى زَرُود فسُمي الخزيمية لأن خزيمة بن خازم صير فيها بركاً، وسواني للآبار، يستقي منها بالإبل، وربما لم يوجد في بركها ماء، فيوجد بالقرب منه في محلة بني تميم، والموضع رمل أحمر، والمتعشى العين على 14 ميلاً، ومن الخزيمية إلى الأجفر 24 ميلاً.
وأن سعد بن أبي وقاص لما خرج لحرب العراق نزل فيد، فأقام بها شهراً ثم كتب له عمر أن يرتفع إلى زَرُود فأتاها فأقام بها، وأتاه من حولها من بني تميم، بنو حنظلة، وأتته سعد, والرِّباب، وعمرو، وكان ممن أتاه عطارد، والزَّبرقان، وحنظلة بن الربيع، وهلال بن علقمة التميمي، والمنذر بن حسان الضبي، فقالت رؤساء حنظلة: يا بني تميم قد نزل بكم الناس وهم قبائل الحجاز، واليمن، وأهل العالية، وقد لزمكم قراهم فشاطروها الرسل، ففعلوا فمن كانت له لقحتان فض إحداهما عليهم، ومن كان له أكثر فعلى حساب ذلك، فقروهم شتوة ب (زَرُود) وتفرقوا فيما حولها وأقام سعد ينظر اجتماع الناس.
وجاء في معجم شمال المملكة في رسم (فلْج) وفلْج بفتح الفاء وإسكان اللام ثم الجيم، هو الوادي الواقع شرق الدهناء يخترق طرف الصمان الشمالي، ويظن أنه كان امتداداً لوادي الرمة وأن الرمال قطعته ويعرف باسم الباطن.
وقال: إن أقوال المتقدمين عن (فَلْج) كثيرة معروفة لا داعي للإطالة بذكرها، وكان من منازل (بني العنبر من بني عمرو من تميم) قال الراجز:
إنَّ بني العنبر أحموا فلجا
على أنَّ مما تجب ملاحظته أن العشائر التميمية قد اختلطت منازلها في صدر الإسلام، يدل على ذلك ما أورده الطبري في حوادث العام الرابع عشر للهجرة من أن سعد بن أبي وقاص قائد جيش القادسية رحل من فيد - شرق جبل سلمى - ونزل بأرض (زَرُود) بأمر من الخليفة عمر بن الخطاب لجمع المقاتلة من بني تميم وأسد وورد في الخبر أنه اجتمع لسعد ألف من بني عمرو من تميم، وألف من حنظلة، وألف من سعد، وألف من الرِّباب، وكان الجيش برمته في ضيافتهم وقد أمر الخليفة سعداً بأن يرتحل بالناس من (زَرُود) إلى ما بين الحزن والبسيطة.
ولا شك أن عصر صدر الإسلام قد شهد تحولات كبرى في أرض الجزيرة العربية خصوصاً فيما يتعلق بأرض الجبلين، فقد أزاحت غطفان أسداً وطيئاً عن جبل رمَّان، وحل (بنو جحاش) وهم غطفانيون في وادي الثَلبَوت (وادي الشعبة)، كما ذكر ذلك الطبري، وورثت طييء أراضي تميم على حد تعبير السويدي صاحب سبائك الذهب، وأصبح الأجفر لأسد بعد تميم، وها هو أحد الأسدين يصوِّر هذا الأمر في بلاد الجبلين بقوله:
أرى الثَلبوت يأنف نبته
قوم كأنهم أولو سلطان
ولهم بلاد طالما عرفت بهم
صحن الملا، ومدافع السَّبُعان
ومن الحوادث لا أبا لأبيكم
أنَّ الأجيفر قسمة شطران
ثم إن اشتراك تميم في فتوحات العراق وفارس بأعداد كبيرة جداً قد جعل من بقى من فروعها تتداخل في المنازل في شمال حائل وفي أنحاء مختلفة من الجزيرة العربية.
ومما تقدم يفهم أن استيطان بني تميم في قفار إن لم يكن نزوحاً من الديار الحنظلية - حزن يربوع - فهو بلا شك مما يلي الحزن في شرقيه الشمالي من الحفر، وماوّية، وأم العُشر، والطنيب، والصليعاء، وهذه بلاد عنبرية ومازنية، تحدث عنها حمد الجاسر في معجم شرق الجزيرة العربية باستفاضة، ونقل عدداً من روايات الإخباريين القدماء وأصحاب المعاجم التي تتحدث عن أولئك القوم.
رابعاً - الأجْفر وزَرُود:
إذا كانت الحوادث التاريخية يرتبط بعضها ببعض ودراسة البلدانيات تضطر الباحث إلى الاستفاضة فإن الحديث عن الأجفر يستدعي الحديث عن زَرُود وديار يربوع فيما بين (فيد والكوفة) كما قال بذلك المتقدمون من أهل الموسوعات البلدانية كياقوت الحموي.. وزَرُود مجاشعية وإن كانت في أرض يربوع في شمال شرق مدينة حائل على بعد 170 كم في محافظة بقعاء وزَرُود من أشهر محطات طريق الحج المكي الكوفي، إن لم تكن أشهرها على الإطلاق ولا يوجد بزَرُود الآن سوى بئر واحدة مطوية غير أن لها شهرة مدوية في القديم وهي تقع في شامةٍ في وسط النفود وحبال النفود من حولها كثيرة وكانت لشهرتها تُضاف إليها هذه الحبال حتى عرق المظهور الذي كان يعرف باسم مربخ قديماً وهو إلى الشمال منها ويفصل بينه وبينها عدد من عروق (حبال) الرمل المتراكمة.
وكانت زَرُود تُعرف قديماً باسم المجاشعية نسبة إلى بني مجاشعية نسبة إلى بني مجاشع من بني حنظلة وسميت بزَرُود لأنها تزدرد الماء أي تبلعه، وفي العصر الإسلامي عرفت زَرُود باسم (الخُزيمية) نسبة إلى خُزيمة بن خازم الدارمي الذي استنبط بها عدداً من الآبار وأنشأ بأرضها عدداً من المباني وأقام فيها عدداً من المحلات، قال فارس العرادة:
فقلت لكأس إلجيمها فإنما
نزلنا الكثيب من زَرُود لنفزعا
وقال أُنيف بن جبلة الضبي:
أخذتك قسراً يا خزيم بن طارق
ولاقيت مني الموت يوم زَرُود
ومما يُنسب إلى زَرُود عزَّاف زَرُود وهو حبل من حبال النفود بجارها وقد يقال له: أبرق العزَّاف والعزيف هو الصوت عند تحريك الرياح للرمل ومن العرب قديماً من يَنْسب هذا العزيف إلى الجن! وفي عزاف زَرُود قال جرير:
بين المحيصن والعزاف منزلة
كالوحي من عهد موسى في القراطيس
وفي إحدى وقائع زرود قال طريف بن تميم في يوم بينهم وبين بكر بن وائل:
لقينا بالأجارع من زَرُود
بني شيبان فالتهموا التهاماً
وقيل أيضاً عن الثعلبية إنها محطة مشهورة في طريق الحج المكي الكوفي وتُعرف الآن باسم (البدع وخضراء) شمال جال الضبيب وعرق المظهور في شمال شرق منطقة حائل في محافظة بقعاء والثعلبية قديمة التاريخ اكتشف بها حديثاً بعض آثار الاستيطان القديم وهي واقعة في (التيسية) فيما كان يُعرف باسم (حزن يربوع), ومن الأسماء المشهورة حولها جُفاف وأُود وإلى الشرق منها وادي أخثال (خثال) ولهذه الأسماء شهرة تاريخية بالقرب من الزبيرة وسدحة وأم الذيابة.
وظلت بعض المصادر تتناقل أن ليس لبني مجاشع في البادية إلا وقيط وزرود إلى أن أبان الشيخ حمد الجاسر في المعجم الجغرافي لشمال المملكة إن هذا القول ليس صحيحاً على اطلاقه وإنه إن كان يصح على عصر قائله فلا يصح على غيره من العصور وإن أمواه المجاشعيين الجاهلية في شمال وشمال شرق صحراء العرب أكثر من أن تحصر في هذين الموقعين اللذين حدث بهما أيام عظام من أيام العرب قبل الإسلام.
وذكر الطبري خبر نزول سعد بن أبي وقاص بزَرُود بأمر الخليفة عمر في شتوة العام الرابع عشر للهجرة, وحدد أحمد عادل كمال بداية الثلاثة أشهر بالتاريخين الهجري والميلادي ونهايتها بعد أن عرَّف بزَرُود وحدد بعدها عن المدينة المنورة.
ومن الوهم ما وقع به الدكتور محمد البار حين خلط بين الهبير وزَرُود في كتابه أفغانستان وقال: إنهما موضع واحد والصواب إنهما موضعان.. الأول شرق الأجفر وبه أوقع القرامطة بالحجاج في مطلع القرن الرابع الهجري، وكان من بين الأسرى العالم اللغوي الأزهري الهروي، والطريف في أمر هذا الأسير القادم من هراة، والمنسوب إلى جده أزهر أنه وقع في أيدي عرب أقحاح من تميم أخذ عنهم اللسان الفصيح وصنّف بعد ذلك كتاب تهذيب اللغة.. وتجاوز هذا الكتاب حد الإفادة في معاني لغة العرب وألفاظها إلى أن يكون مصدراً مهماً في الدراسات البلدانية والنباتية والحيوانية، فيما يعرف باسم البحرين قديماً وما يدخل في مسماها كالصمان والدهناء.. أما زَرُود فهي إلى شمال الأجفر.(5)
وفي زَرُود حدث يومان من أيام العرب أغار في الأول منهما أحد فرسان بني تغلب على يربوع في زَرُود هو: خزيمة بن طارق من تغلب فأدركته يربوع ووقع في الأسر.
وفي تتمة خبر هذا اليوم أن أحد أشراف يربوع وسادتها، وهو فارس العرادة قد سقى فرسه قبل هذه الوقعة فلما ركبها في أثر التغلبي ظلعت ولم يدركه فقال:
فإن تنج منها يا حُزيم بن طارق
فقد تركت ما خلف ظهرك بلقعا
ونادى منادي الحي أن قد أتيتم
وقد شربت ماء المزادة أجمعا
فقلت لكأس ألجميها فإنما
نزلنا الكثيب من (زَرُود ) لنفزعا
أمرتكم أمري بمنعرج اللوى
ولا أمر للمعصي إلا مضيعا
وغير زَرُود وفي حزن يربوع هناك أخثال وفيه أسر بنو حنظلة الحوفزان والحوفزان لقب عُرف به الحارث بن شريك وأجداده من بني شيبان وعرف بهذا اللقب بعد أن حفزه قيس بن عاصم المنقري السعدي بالرمح في خرابه وركه في يوم جُدود.
وفارس العرادة اليربوعي - صاحب زَرُود - جاهلي لم يدرك الإسلام، لكن أخاه واقداً كان من المسلمين.. وهو الذي قتل عمرو بن الحضرمي في الشهر الحرام وفيه نزل قوله تعالى: {يَسْأَلُونَكَ عَنِ الشَّهْرِ الْحَرَامِ قِتَالٍ فِيهِ}(سورة البقرة جزء من الآية 217).
وأشار جرير الشاعر - وهو يربوعي كفارس العرادة - إلى زَرُود في نقائضه مع الفرزدق والفرزدق مجاشعي، وكلا البطنين من حنظلة فقال:
أني ابن حنظلة الحسان وجوهم
والأعظمين مساعياً وجدودا
والأكرمين مُرَكبا، إذ رُكبوا
والأطيبين من التراب صعيدا
ولهم مجالس لا مجالس مثلها
حسباً يؤثّل طارفاً وتليدا
إنَّا إذا قرع العدو صفاتنا
لاقوا لنا حجراً أصم صلودا
ثم عطف في شعره على مجاشع وزَرُود (الخزيمية).(6)
وفي خبر نزول جيش القادسية بزَرُود ثلاثة أشهر في شتاء العام الرابع عشر من الهجرة ورد أن رؤساء بني حنظلة من تميم قالوا لقومهم قد نزل بكم الناس وهم قبائل الحجاز واليمن وأهل العالية وقد لزمكم قراها فشاطروها الرَّسل ففعلوا فمن كانت له لقحتان فضَّ إحداهما عليهم ومن كان له أكثر فعلى حساب ذلك فقروهم شتوة بزَرُود.
وكان سعد لما وجهه عمر لحرب العراق خرج فنزل فيد، فأقام بها شهراً ثم كتب له عمر أن يرتفع إلى زَرُود فنزل الناس معه في أول الشتاء بزَرُود وتفرقوا فيما حولها.. وأقام سعد ينتظر اجتماع الناس ثم كتب عمر إلى سعد: أنْ سر حتى تنزل شرافاً.. وقد نقل الشيخ حمد من كتاب الروض المعطار للحميري خبر نزول الجيش الإسلامي بزَرُود وورد في هذا الخبر: إن من بين قدموا على سعد بها هلال بن علقمة ولا شك أن في هذا الاسم تصحيفاً، فالصحيح أنه هلال بن عُلفه من تيم الرباب لا علقمه وهو قاتل رستم قائد جيش الفرس في القادسية.
خامساً - الشعر والشعراء:
عندما تحدث الأخ ناصر عن الشعراء وددت لو أنه أشار إلى عدد من الشعراء العاميين الملهمين في السبعان مثل: علي المزيد وإبراهيم بن شايع وبدر السعد وعبد الله الفريح السليمان ومحسن العلي البراهيم التميمي, وتمنيت لو أورد من قصائد محسن قوله:
يا راكب اللي ربعت بالشنان
عمانية بالقفر قامت تثنَّا
أو قوله:
يا راكب اللَّي ربعَّت بالحنّيه
منجوبةٍ من راعي الجيش عياد
أو قوله:
يا راكب اللي لا مشت ما لها اجناس
وصفه شوي مبطي يذكرونه
أو قوله:
يا راكب اللي فوقه الكور وشداد
ظبي عفر مار انْ فوقه دلالي
وحيث عرّف الباحث بدواس بن عفنان ووصفه بالشجاعة والكرم وأنه نال حظاً وافراً من مدائح الشعراء المعاصرين له، وودت لو أنه أورد بعض القصائد كقول مناور بن غمر:
صينية يشبع بها كل جيعان
تقول للأكَّال عفو وعوافي
أو قول ابن خربوش:
يا فريح أبوك الجزل حنا فقدناه
يتمى علينا كلنا فاقدينه
والصعل جدك ما تسدد هواياه
حلحيل ذربين اللحي هايبينه
أو قوله:
الشايب اللي ما تسدد هواياه
ستر المحارم يوم حرب البلادي
سادساً - حائل وأيام العرب:
إن من أهم المصادر لمن يبحث في تاريخ العرب القديم مصادر الأيام ومنطقة حائل غنية بأخبار الأيام، وحبذا لو أن الباحث الكريم أفاد من هذه المصادر.. قال الفرزدق يذكر يوم بُزاخةَ:
ملكين يوم (بُزاخة) قتلوهما
وكلاهما تاج عليه مكلّل
ومن أيام العرب الشهيرة في حائل يوم وبال وفي وبال قال صيّاد الفوارس التميمي:
جلبنا الجياد من (وبال) فأدركت
أخاكم بنا في القد والمرء قعنبا
ومنها يوم (الرَّقم) ويوم (السَّاحوق) ويوم (طُوالة) في طرف جبل العلم.
وتغنَّى ابن مقروم بيوم (بُزاخة) في قصيدة بائية وردت في المفضليات وذكر مصرع ملوك بني غسان على يد تميم ووقعه تميم وطيء في (أُبضة) (بجبل سلمى) (فرير وبحتر ومعن وجَديلة وعميرة والصّخْم).
تقع (بُزاخة) جنوب بلدة قفار على الطريق المتجه من حائل إلى محافظة الغزالة، فالمدينة المنورة و بُزاخة أرض ذات آكام ووقعة بُزاخة من أشهر أيام التاريخ العربي وفيها قتل زيد الفوارس الضبي التميمي المحرّق الغساني ملك الشام وأخاه زياداً واستنفذ قوماً من طيء.. ويأتي يوم بُزاخة حلقة في سلسلة وقائع متتالية بين تميم والغساسنة ملوك الشام هي: كنهل وإضم والترويح.
و(وبال) إلى الشرق من الأجفر ومن أقوال البلدانيين القدماء القول بأنّ وادي السبعان يفضي إلى الأجفر حين ذكروا أن (الملا) هو مدافع السبعان قالوا وهذا الوادي يأتي من بين الجبلين يقصدون ما يعرف الآن باسم وادي العدوة.
ومن الأيام يوم (خوَّ) في أرض سميراء بين أسد وتميم، و(الرَّقم) بين عامر وغطفان، و(الأجول) و(الهييماء) و(أُبضة) بين تميم وطيء، و(زرود) بين يربوع من تميم وتغلب، و(زرود) بين بني العنبر من تميم وبكر بن وائل، و(وبال) بين تميم وبكر بن وائل و(أخثال) (خثال) بين تميم وبكر بن وائل، و(ظهر الدهناء) بين أسد وطيء، و(الساحوق) و(طوالة) بين عامر وغطفان، و(ضرغد) بين تميم وطيئ، ومحجر (المسمى) بين تميم وطيئ، و(جنفاء) (الشملي) بين تميم وغطفان، و(بُزاخة) بين تميم وملوك الغساسنة، و(أعيار) (جُش عيار) بين تميم وعبس، و(غسل) بين أسد وبني عامر، و(بُرقة غَضْور) بين غطفان وأسد، و(وتدة) بين تميم وبني هلال، و(الهبير) بين تميم وأسد.
ومن الأيام ما يحتفظ موقعه باسمه القديم مع قليل من التحريف فيوم (خوَّ) مثلاً حدث في موقع يعرف قديماً بهذا الاسم ويُقال له الآن الخوّة في شرق سميراء بجوار جبل حبشي، وفي ذلك اليوم غدر ذؤاب بين رُبيّعة الأسدي بصيَّاد الفوارس التميمي، وأسرت تميم ذؤاباً ولا تعلم أنه قاتل صيّاد الفوارس، وفادت به أبيه على ابل يحضرها بعكاظ وحضر الأب بالإبل فلما تأخرت تميم نظم شعراً يذكر مقتل صيّاد الفوارس على يد ابنه فلما حضر بنو تميم وعلموا بالشعر ظلوا يلهزون ذُؤاباً بقباع رماحهم حتى مات.
رثى الحصين بن القعقاع ومالك بن نويرة صيّاد الفوارس وسميّاه عقيد تميم قال البياتي وبعض العرب تعبد الشمس وأورد رثاء آمنة بنت صيَّاد الفوارس لأبيها حينما قالت:
تروَّحنا من (اللعباء) عصراً
فاعجلنا الآلهة أن تؤوبا
قال البياتي الآلهة هي الشمس ثم أورد أبيات آمنة في رثاء أبيها صيّاد الفوارس عتَّاب بن ميَّة وهو عتيبة بن الحارث بن شهاب الملقب بسم الفرسان، وقال أيضاً وكان للشمس صنم باسمها لذلك انتسبت الأسماء إليها وعبادة الشمس قديمة عند الساميين وليست مسلَّة حمورابي ببعيدة عن أذهاننا وفيها يتسلَّم هذا العاهل قوانينه الألهية من يد الإله الشمس واستدَّل الباحثون على أن الإله (بعل) الذي عُرف ببطن الجزيرة في الواحات ومساقط الأمطار التي كان يؤمَّها البدو انتجاعاً للماء والكلأ وإيفاء للنذر كانت له بالشمس علاقة فهو الروح والشمس جسد والآلهة عندهم روح وجسد الإنسان وبعل هذا إله بابلي كبير.
وقال حمد الجاسر بعد أن ذكر أكثر من موقع اسمه اللَّعباء إن اللَّعباء الواردة في شعر آمنة التميمية لا بد أن تكون بأرض بني أسد أي بقرب خوّ وسميراء، وتحدث الجاحظ عن ضربات السيوف واستخدام العرب لها مشيراً إلى الضرب بكلتا اليدين وأورد على ذلك شاهداً من رثاء آمنة لأبيها صيّاد الفوارس وهو قولها:
وكان أبي عُتيبة سمهرياً
فلا تلقاه يدّخر النصيبا
ضروباً باليدين إذا اشمعلّت
عوان الحرب لا ورعاً ولا هيوبا
الهوامش:
(1) السَّبُعَانُ: بفتح أوله وضم ثانيه وآخره نون: قيل: وادٍ شمالي سلمى، عنده جبل يقال له العْيدُ، أسود، ليست له أركان، ولا يُعرف في كلامهم اسم على فعلان غيره، قال ابن مقبل - وقيل ابن أحمر:
أَلاَ بَا ديَارَ الحَي بالسَّبُعَانِ
أَمَلَّ عَلَيهَا باليلَى المَلَوَانِ
أَلاَ يَا دِيَارَ الحَيِّ لاَ هَجرَ بَينَنَا
ولكنَّ رَوعات منَ الحَدَثَانِ
نَهَارٌ وَلَيلٌ دَائِمٌ مَلَوَاهُمَا
عَلَى كُلِّ حَالِ النَّاسِ مُخْتّبِفَانِ
وقال رجل من بني عُفيل جاهلي:
أَلاَ يَا دِيَارَ الحَيّ بِالسَّبُعَانِ
خَلَت حِجَجٌ بَعدِى لَهُنَ ثَمَانِ
وفي كتاب (بلاد العرب): (والمَلاَ مدافع السَّبُعان، والسَّبُعان واد يجيء من الجَبَلَين، والأجَيفِرُ في أَسفل هذا الوادي، وأَعلاه الملا، وأَسفله الأُجفُر، وهو لِسَواءَة ونَصرٍ. وكان الأَجفر لبني يربوع.
وأقول: وادي السَّبْعان - وهم ينطقونه بإسكان الباء استسهالاً لها بدل الضمة - ينحدر من سفوح رمان الشمالية الشرقية، ومن سفوح سلمى الشرقية الشمالية، ثم يأتيه من أعلاه من الجهة الغربية الشمالية وادي العش فوادي العدوة، فإذا اجتمعت الثلاثة سميت وادي العِدوة، الذي يتجه موازياً لسلسلة جبال سلمى شمالها، ثم ينحرف بعد انتهاء السلسلة نحو الجنوب حتى يفيض شرق سلمى.
وليس للوادي مجرى بارز يدل على أنه يتصل بالأجفر، حيث تحجزه مرتفعات صخرية تدعى الردايف، وكذا جال السَّاقية - ساقية فيد - وقد يكون قديماً متصلاً بوادي الساقية الذي يفيض في فيضة الأجفر.
أما قول صاحب (بلاد العرب) أن وادي السبعان يجيء من الجبلين.. فالظاهر أن صواب العبارة: (يجيء من بين الجبلين) إذ سيوله تنحدر من رمان ومن سلمى، ومما بينهما من الجبال، ولا تأتي من جبل أجا.
وفي السبعان قرية بهذا الاسم فيها مدرسة ابتدائية، وتقع القرية شرق جبل رمان، غرب جبل سلمى، وجنوب وادي العش (بقرب الدرجة 5-41 طولاً و 2-27 عرضاً).
ومن الشعر العامي في السبعان:
عسى الوسم إذا بكر مداهسله السبعان
حيثه لمقرون الحجاجين مدهال
انتهى كلام الشيخ حمد الجاسر.
(2) يُعتبر الحزن من أطيب الأمكنة لرعي الإبل ففيه أودية وقفاف، ورياض ورمال، ونباته يختلف باختلاف مواضعه، وتنوع النبات يجعل المرعى طيباً.. قال السكري: الحزن بلاد يربوع وهو أطيب البادية مرعى ثم الضَّمَّان، وقال: قال محمد بن زياد الأعرابي: سُئلت بنت الخسِّ أي بلاد أحسن مرعى؟ فقالت: خياشيم الحزن، وجواء الصمان - قال: والخياشيم أول شيء منه - قيل لها: ثم ماذا؟ قال: أراها أجلى أنى شئت - أي متى شئت بعد هذا.. والحزن مائل من طريق الكوفة إلى مكة.
وقال الأصمعي: حزن بني يربوع قُفٌّ غليظ مسيرة ثلاث ليال في مثلها، خياشيمه أطرافه، وإنما جعلته أَمْراً البلاد لبعده من المياه فليس ترعاه الشاء ولا الحمير، ولا به دمن ولا أرواث الحمير فهو أعذى وأمرأ.
ومن مناهله: أنصاب وأعشاش والفردوس والقيصومة (قيصومة فيحان) وحومانة الدارج بطرف رمل الدهناء - أيب إنه يمتد غرباً إلى الدهناء: وتقع فيه التيسية ومياهها وأوديتها (أنظر هذا الاسم). (حمد الجاسر: معجم شمال المملكة).
(3) أَخْثَالُ: بالخاء المعجمة بعد الألف وبعدها ألف فلام - المهملة وقال أيضاً: أحثال قال أبو أحمد العسكري: يوم ذي أحثال بين تميم وبكر بن وايل، وهو الذي أُسر فيه الحوفزان بن شريك قائل الملوك وسالبها أنفسها، أسره حنظلة ابن بشر الدرامي التميمي، انتهى, وأورده أيضاً باسم (أحثال) بالحاء المهملة تصحيف.
قال الفرزدق:
ونحن الذين يوم أخثال قرَّنوا
أسارى بني بكر وفَلُّوا الكتائبا
(4) أعشاش: (في معجم ما استعجم): أعشاش جمع عش: موضع في ديار بني يربوع كانت لهم فيه وقعة على بكر ابن وائل، وكانت بكر أغارت عليهم هناك فهو يوم أعشاش ويوم العظالي ويوم مليحة.
قال أبو عبيدة: وهي مواضع متقاربة في بلاد بني يربوع. وقال الفرزدق:
عزفت بأعشاش وما كادت تعزف
وأنكرت من حدراء ما كنت تعرف
وفي (معجم البلدان): أعشاش موضع في بلاد بني يربوع بن حنظلة. وفي (النقائض): (يوم الإياد هو يوم العظالي ويود الأُفاقة ويوم أعشاش ويوم مليجة).
وعلى هذا فهو في أسفل حزن بني يربوع، ويؤيده ما جاء في كتاب (بلاد العرب): ودار يربوع ومياههم أعشاش والفردوس والصاف. انتهى.. ولا أشك أن (الصاف) تصحيف (أنصاب) وعلى هذا فأعشاش في جهة أنصاب الذي لا يزال معروفاً، وهو في حزن بني يربوع. ومليحة لا تزال معروفة من جبال التيسية (تياس) من حزن بني يربوع (حمد الجاسر: معجم شمال المملكة).
(5) الأجفُر - بضم الفاء جمع جفر، وهو لغة البئر لم تطو وقال محمد بن عبد الملك بن حبيب الفقعسي: سميت الأجفر لجفارها وسعة قاعها، وكانت فيها في كل جفرة أَقلِبة.. وهي من بلاد يربوع في أول الإسلام.
والأجيفر - بضم الألف وفتح الجيم بعدها ياء ساكنة ففاء فراء تصغير الأجفر أورد صاحب (بلاد العرب) من قصيدة لمرة بن عياش الأسدي من جذيمة أسد:
ولقد رأى الثَّلبُوت يأنف نبته
حى كأنهم أُلو سلطان
ولهم بلاد طالما عُرفت بهم
صحن الملا ومدافع السبعان
ومن الحوادث - لا أباً لأبيكم-
أن الأجيفر قسمة شطران
وفي (بلاد العرب) أيضاً: والسبعان: واد يجيء من الجبلين، والأجيفر في اسفل هذا الوادي، وأعلاه الملا، وأسفله الأجفر.
(6) الخزيمية: في (معجم البلدان): بضم أوله منسوبة إلى خزيمة ابن خازم فيما أحسب. وهو منزل من منازل الحاج بعد الثعلبية من الكوفة، وقبل الأجفر. وقال قوم: بينه وبين الثعلبية اثنان وثلاثون ميلاً. وقيل: إنه الخزيمية بالحاء المهملة، وسميت الخزيمية بخزيمية بن خازم بما أحدث فيها من البناء، وهي المنارة والمسجد, وبها ست آبار غليظة الماء: بئر رغوة، وبئر الحمام، والواشقية، وبئر البستان، وبئر الحنش.
جاء في كتاب (الأعلاق النفسية) لابن رستة ما نصه: (ومن البِطَانِيَّة إلى الثعلبية 29 ميلاً وهي مدينة عليها سور، وفيها حمامات وسوق، وهو ثلث الطريق إلى مكة، وفيها مسجد جامع، ومنبر، والماء من البرك والمتعشى بالمهلبية على 14 ميلاً.
ومن الثعلبية إلى الخزيمية 32 ميلاً، كان هذا المنزل يسمى زرود فسمى الخزيمية لأن خزيمية بن خازم صير فيها بركاً، وسواني للآبار، يستقي منها بالإبل، وربما لم يوجد في بركها ماء، فيوجد بالقرب منه، في محلة بني تميم، والموضع رمل أحمر، والمعشي العين على 14 ميلاً.. ومن الخزيمية إلى الأجفر 24 ميلاً. انتهى.
ويقول موزل: ويضع ابن خرداذبة المسافة بن الثعلبية إلى الخزيمية 32 ميلاً (4 - 54 ميلاً) والخزيمية تتوافق مع خرائب محطة زرود التي هي على مسافة 60 كيلاً من الثعلبية.. ويضع 24 ميلاً (8 - 40 كيلاً) من الخزيمية إلى الأجفر وهي 60 كيلاً.. والمسافة من الخزيمية إلى بطن الأغر 15 ميلاً (5 - 25 كيلاً) وبريكة الأغر المهجورة على مسافة 38 كيلاً من زرود (الخزيمية).
(*)عضو مجلس الشورى - مؤرخ عضو في العديد من اللجان العلمية والثقافية - نائب رئيس نادي حائل الأدبي


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.