التعليم عبارة عن عملية إحداث تغيير في سلوك الفرد ينتج عنه قيامه بعمل ما تجاه مشكلة تواجهه في حياته. والتربية لها أهداف من أهمها إعداد الفرد للحياة وذلك عن طريق تنمية قدراته واستعداداته ومهاراته ومساعدته على التكيف مع المجتمع الذي يعيش في داخله، وكل كائن يولد في داخله قدرات، والطالب كائن لديه استعدادات وميول وحاجات، ومن الأهمية بمكان أن يقوم المعلم برسالته ليساعد هذا الطالب على إظهار ما لديه. إلاّ أن نجاح العلم مرهون - أولاً - بقدرته على التحلي بالحب من مطلع العام إلى نهايته، وفي كل مهامه وأعماله وعلاقته برؤسائه وزملائه وطلابه وأولياء أمور الطلاب، بعد ذلك تأتي مباشرة جهود المعلم في تفهم أهداف التربية وكيفية تحقيقها وتحديد أيّ الطرائق أفضل في تنمية قدرات طلابه وإعدادهم للمستقبل ومهنيته في ممارساته التربوية والعلمية. إذاً.. المطلوب من المعلم أن يجعل حياة الطالب المدرسية أمتع سنوات عمره وذكراه التي لا تنسى وصوره الجميلة التي يظل يستدعيها كلما عادت به سنوات العمر إلى الوراء تذكراً واشتياقاً. وطلابنا اليوم لم يعودوا كطلاب الأمس لاعتبارات كثيرة أقربها أن وسائل المعرفة لم تعد مقصورة على المعلم، ولم يعد يعيش داخل حدود ونطاق محيطه الفكري والاجتماعي. طلابنا يحتاجون من معلميهم إلى التعبير اللطيف البعيد عن التعنيف، وأن يشعروا بقيمة وجودهم من خلال إتاحة الحوار وفرص النقاش وتعزيز الثقة بنفوسهم واحترام آرائهم والتعرف على احتياجاتهم المعرفية والعاطفية والنفسية. طلابنا يطلبون من معلميهم التجديد والابتكار والبُعد عن نمطية سادت في عملية التعلم لم تعد صالحة؛ لأنها اعتمدت على أسلوب التلقين والحفظ والاستظهار مصحوباً بالعصا والفلكة واللغة الساخنة. يريد طلابنا من معلميهم إعطاءهم الثقة بنفوسهم وتدريبهم على تحمل المسؤولية ومساعدتهم على التخطيط لأحلامهم ومستقبلهم وربطهم ببيئتهم ومجتمعهم وتعزيز روح الانتماء عندهم لوطنهم ولولاة أمرهم بالقول والفعل؛ لأن الحس الوطني يحتاج إلى ممارسات فعلية عملية؛ فالطالب عندما يستشعر أهمية الأمن والاطمئنان الذي يحياه داخل وطنه ويعرف قيمة ومكانة الوطن بين الأوطان، ويدرك ما عليه تجاهه من واجبات، ويرى في معلميه القدوة الحسنة عندما يراهم محافظين على رسالتهم التربوية أداءً وانضباطاً والتزاماً، عندما يراهم في أماكن تليق بهم في المكتبات وداخل قاعات المعرفة، وعندما يلمس في آرائهم وكلامهم الصدق والأمانة والإخلاص في الشارع وفي مجالسنا الاجتماعية فهم جزء من درس الوطنية والمواطنة الصادقة يريد طلابنا اليوم من معلميهم أن يعلموهم كيف يتعلمون وكيف يكتسبون المهارات الحياتية! وكيف يتعايشون مع بعضهم بعضاً بحب واحترام وسلام ولن يتحقق لهم ذلك إلاّ من خلال مهارة المعلمين في عملية التواصل الفعال مع طلابهم وطرقهم لجميع الأساليب التربوية والوسائل التعليمية الصحيحة داخل الفصل وخارجه وفي بيئة المدرسة وخارجها، وقدرتهم على تشجيع طلابهم على التعبير والمناقشة وتقبل أفكارهم وإعطائهم وقتاً كافياً للتفكير وتقدير وتعزيز نشاطاتهم وإيجاد بيئة صفية ومدرسية رائعة تقوم على حسن التواصل والاحترام وتنويع مصادر التعلم وأساليب التقويم واختيار أنسب الأنشطة لهم وتنمية مهارتي التفكير الإبداعي والنقدي وهما أحوج ما يكونون إليه وأن ينوع المعلمون في طرائق تدريسهم بعيداً عن النمطية والتقليدية في التدريس التي تعتمد على الحفظ والتلقين ويركزوا على طرائق تستحث عقول طلابهم وتصعد بها إلى أرقى أساليب التعلم مستعينين بكثير من مهارات التفكير بحسب كل مادة وموضوع، مع أهمية امتلاكهم مهارة في غاية الأهمية، وأعني بها مهارة طرح الأسئلة وفي الوقت نفسه أن يلغوا من قاموسهم جملة إجابتك خطأ، بل يقبلوا أفكار وطروحات طلابهم ثم يعززوا الصواب ويصوبوا الخطأ ويشجعوا المبادرات ويراعوا ظروف ومشاعر وقدرات جميع طلابهم، عندئذ نستطيع أن نقول إن تعليمنا يبشر بخير وإن طلابنا سيبقون محبين للمدرسة والمعلم والعلم.