أوضح معالي نائب وزير التربية والتعليم لتعليم البنين الدكتور سعيد بن محمد المليص في حوار خاص ل(الجزيرة) أن الوزارة أكملت استعداداتها لبدء العام الدراسي الجديد بكل جدية - بإذن الله - مؤكداً أن هناك جهوداً كبيرة بذلت - كل في اختصاصه - ليبدأ العام دون أية عوائق، إلا أن الخطأ والتقصير البشري واردان، ولا يعصم منهما البشر، ولكن الوزارة لن تترد في اتخاذ الإجراءات العملية للتعامل مع المخالفات عمداً أو تهاوناً. وقد تحدث معاليه في عدد من الموضوعات التربوية المتعلقة بالطالب والمعلم والمبنى المدرسي والمنهج، علاوة على عدد من الرؤى الصحافية في الشأن التربوي والتعليمي. فإلى نص الحوار: * نرحب بكم معالي النائب، ونشكركم على هذا الحوار.. في البداية: ما هي كلمتكم لأبنائكم الطلاب بمناسبة بدء العام الدراسي الجديد؟ - معالي النائب: أهنئ الأسرة التعليمية بالعام الدراسي الجديد، سائلاً الله تعالى أن يكلل الجهود بالتوفيق والسداد، وأن يجعله عام خير وبركة على الجميع، وأن يديم علينا أمنه وأمانه ونعمه وفي مقدمتها نعمة الإسلام العظيم، ثم الاستقرار ورغد العيش الذي أفاء الله به على بلاد الحرمين الشريفين، التي قامت على كتاب الله وسنة رسوله- صلى الله عليه وسلم- منذ أن تأسست على يد القائد المؤسس الملك عبدالعزيز بن عبدالرحمن آل سعود - رحمه الله - وصولاً إلى عهد خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز - حفظه الله - خير خلف لسلفه الصالح فقيد الأمة الإسلامية جمعاء خادم الحرمين الشريفين الملك فهد بن عبدالعزيز رحمه الله رحمة واسعة. وأقول لأبنائي الطلاب وبناتي الطالبات: إنكم اليوم تواصلون - على بركة الله - مسيرتكم العلمية في طريق النهوض التنموي الشامل لبلدكم الكريم (المملكة العربية السعودية) وتبدؤون عاماً دراسياً حافلاً، وأنتم غايتنا بتوفيق الله تعالى لكم، فعليكم يبني الوطن آماله وطموحاته، وعلى أيديكم كل شيء ينمو ويعظم.. جدوا واعملوا وثابروا، وأبشروا بالخير فبلدكم غني بالفرص التي تحتاج إلى سواعدكم وعقولكم. ولا تسمحوا لظاهرة الشكوى- التي لا يخلو منها مجتمع من المجتمعات- أن تنال من حماستكم! أو الكسل والخمول أن تثبط هممكم! فكما أن الوطن لن يعتمد على غير أبنائه، فكذلك أنتم ليس لكم إلا وطنكم الغالي، وإن مهمة المدرسة مساعدتكم على اكتشاف مواهبكم وطاقاتكم وقدراتكم وإعدادكم للحياة بتزويدكم بالمعارف والخبرات التي تعينكم على تحديد وجهتكم، لذا ضعوا لكم أهدافاً في الحياة وشاوروا معلميكم كيف تحققونها واعملوا من أجلها. * معالي النائب: يعد المعلم الركن الأهم في العملية التعليمية فما هي رسالتكم إليه من حيث آليات التدريس والتعامل العلمي مع الطلاب؟ - أقول للمعلمين: لقد قدر الله تعالى لكم أن تتولوا أعظم وأنبل مسؤولية على ظهر البسيطة، إنها رسالة الأنبياء والرسل جميعاً، إنها أمانة التبليغ وتعليم الناس الخير والهدى، فهنيئاً لكم هذه المنزلة الرفيعة التي اختاركم الله تعالى لها، ونحن اليوم نعيش في عالم المعرفة المذهل الذي أفرزته (التقنية)، فلم يعد الحصول على المعلومة بالأمر الصعب، إذ من اليسر الآن أن تستدعي المعلومة متى تشاء.. لكن الأكثر أهمية تمحيص المعلومة وتوظفيها والإضافة إليها، وأن نربي الأبناء على حسن استخدامها وتوجيهها بما يخدم أهدافهم وينفع بلدهم ويضيف جديدا إلى القاموس العلمي، لذا فإن المعلم اليوم مطالب بأن يكون مبادراً وفعالاً وحريصاً على تطوير نفسه وتنمية قدراته لفهم هذا الدور، كما أن على الوزارة مسؤولية كبيرة من حيث إيجاد الفرص التدريبية الملائمة، ويرى عدد من خبراء التربية أن الوطن العربي يخرج أعداداً من الطلبة والطالبات الذين تتجسد خبراتهم في تذكر واستدعاء المعلومة بصورة أساسية، وبالمقابل فإنهم يفتقرون إلى القدرة على استخدام ما تعلموه في التوصل إلى خيارات أو بدائل أو حتى خطوات عملية جريئة ومستنيرة للتعامل مع الواقع كاتخاذ القرارات الصحيحة أو حل المشكلات.. وهم نتيجة لذلك يقفون مشدوهين عاجزين أمام بعض المواقف مما قد يولد الشكوى غير المبررة والتنصل من المسؤوليات والكسل.. وأعتقد أن علينا إجراء تحولات في فلسفتنا التعليمية ومفاهيمنا حول أساليب التدريس في مدارسنا، ونبدأ من الأساس للتأكد من سلامة إعداد المعلم وتطوير قدراته ومهاراته الذاتية، علينا لبدء التحسين: أن نهتم أولاً بمراقبة السلوك التربوي، ذلك أن السؤال الحاذق المبني على فهم للواقع، المتطلع لإيجاد الحلول الذي يبرز عند التعامل مع أي معضلة - مهما كانت درجة حدتها - أكثر أهمية من الإجابة الفورية أو الحكم المتعجل، وهناك مقولة جميلة تقول: (أن تعمل هو أكثر أهمية من أن يكون عملك متقناً للغاية).. فالكمال لله وحده، ولسنا مطالبين - بالضرورة - أن يكون كل ما نحاول صنعه خارقاً للعادة، ومن المعتاد جداً أن يكون الأداء مناسباً لمرحلة معينة ومثرياً لها، لكن العالم يتطور باستمرار وليس أمامنا خيارات أخرى بخلاف فهم ما يدور حولنا والتأقلم معه بما يناسب مجتمعنا وبيئتنا التربوية، وليس عيباً أن نخطئ لأن الإنسان يتعلم بالمحاولة والخطأ، ولهذا يحدث الخطأ تلو الآخر، وطوال حياتنا كنا نصارع المهام التي كانت تبدو لنا عسيرة لكنها تبدو الآن في غاية اليسر. * ونحن في بداية العام الدراسي الجديد.. كيف تنظر إلى ما يتعرض له الشباب من ملهيات ومشتتات والدور المطلوب منا لحمايتهم؟ - يقول الله تعالى: {الْمَالُ وَالْبَنُونَ زِينَةُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَالْبَاقِيَاتُ الصَّالِحَاتُ خَيْرٌ عِندَ رَبِّكَ ثَوَابًا وَخَيْرٌ أَمَلًا} ويقول- صلى الله عليه وسلم-: (كلكم راع وكلكم مسؤول عن رعيته) فالله تعالى وهبنا البنين والبنات وجعلهم رونق الحياة الدنيا، وهم بهجتها، وأمنياتنا أن نراهم في أحسن حال، سعداء ناجحين في حياتهم، ناجين فائزين في آخرتهم. ولكن الأماني وحدها لا تكفي دون العمل! والعمل وحده لا يكفي إن لم يكن على هدى وبصيرة وسعة أفق. إننا اليوم نعيش ثورة هائلة من المعرفة في كل المجالات (بخيرها وشرها)، ويتعرض الأبناء كل يوم بل كل دقيقة في يومهم إلى سيل من المعلومات التي تقتحم عالمهم بلا استئذان، الأمر الذي يضاعف المسؤولية على أولياء الأمور لحمايتهم من مخاطر ما قد يتعرضون له من ملهيات تؤثر في عقيدتهم وعقولهم وتحبط من عزائمهم وتعطل ملكاتهم وتشتت أهدافهم! فلنتأمل.. كم من الأسر التي تفككت وتناثر أفرادها وتبدل بها الحال بعد أن كانت أسراً سعيدة ناجحة فعالة.. وكان المال والإهمال والإسراف في المتع والأنانية في تغذية الذات بالملذات واللهو أسباباً كافية لما آلت إليه!! فقد انشغل الآباء والأمهات وتركوا الأبناء عرضة لعابثين من وسائل إعلامية وإلكترونية تحيط بهم من كل جانب حتى أفسدت أخلاقهم وأضعفت هممهم.. أو أفراد سمموا عقولهم الغضة بأفكار مشبوهة واستغلوا حماسة بعض الشباب فعاثوا في البلاد تخريباً باسم الدين تارة وباسم الإصلاح تارة أخرى، فأساءوا إلى أنفسهم وإلى دينهم وإلى وطنهم وقيادتهم بل إلى الأمة الإسلامية جمعاء، إن الشباب والشابات يعيشون زمناً مليئاً بالتقاطعات والمنعطفات الخطرة، وهم في أشد الحاجة إلى من يرشدهم إلى الطريق الصواب من خلال الحوار معهم والاستماع إليهم ومجالستهم والتلطف في توجيههم، إنهم بحاجة إلى من يفهمهم ويحنوا عليهم، إلى من يجيب عن تساؤلاتهم، إنهم بحاجة إلى من يشعل فيهم شوق المعرفة والعمل والجد والمبادرة إلى فعل الخيرات، بحاجة إلى القدوة الصالحة التي تقول ما تفعل وتفعل ما تقول.. بحاجة إلى من يؤكد لهم قولاً وعملاً بأن الحياة بلا وطن كالوطن الذي لا حياة فيه! * مر التعليم في المملكة بسلسلة من التطورات التاريخية، فما هي رؤيتكم لوضع التربية والتعليم في المملكة بعد مرور خمسين عاماً من إنشاء الوزارة؟ - التعليم عملية ديناميكية متطورة، وينبغي أن تقوّم باستمرار، ونحرص على تطويره وتجويده وتحديثه بما يناسب كل مرحلة، لنطمئن بأننا نسير في الاتجاه الصحيح، ولكن بشكل عام فقد حقق التعليم في بلادنا قفزة حضارية ونجاحات كبرى والفضل يعود - بعد الله تعالى - إلى دعم الدولة، وإخلاص القائمين عليه، وما زالت المسيرة التعليمية مستمرة نحو الأفضل - بعون الله - ولا يمكن أن نتوقف عند نقطة معينة لنقرر بأن هذه هي لحظة بلوغ القمة - ليس في التعليم فحسب - بل في كل المجالات التنموية. * كيف تنظرون معاليكم إلى ما حققه مشروع رعاية الموهوبين في المملكة مع حداثة التجربة مع ما نقرؤه في وسائل الإعلام بعدم رؤية المنتج الذي نرجوه حتى الآن؟ - اطلعت على ما حققه مشروع رعاية الموهوبين في المملكة، سواء من خلال الإدارة العامة لرعاية الموهوبين في الوزارة أم من خلال مؤسسة الملك عبدالعزيز ورجاله لرعاية الموهوبين وهي مؤسسة عملاقة لها شخصيتها المستقلة، وسررت بما تحقق - ولله الحمد - وإن كانت النتائج الفعلية التي نرجوها من هذا المشروع تحديداً لن تظهر حالياً - ولكنه استثمار طويل الأمد وعوائده مستقبلية تبشر بالخير، وليس من الرشد أن يحكم الإنسان على أي مشروع قائم دون أن يستند إلى قاعدة علمية أو مؤشرات مقبولة حتى يكون الحكم علمياً ومنصفاً، كما نقدر آراء الكتاب ونهتم بمطالب الموهوبين وأسرهم. * إلى أين وصلت وزارة التربية والتعليم في تنفيذ مشروع إدخال الحاسب الآلي في المداس خاصة أن الوزارة كانت لديها توجهات كبرى في هذا الشأن؟ - عنيت خطط دمج التقنية في التعليم بجعل التقنية جزءاً لا يتجزأ من المنهج والموقف التعليمي، وقد زرت مركز التطوير التربوي واطلعت على الجهود المبذولة ليكون الحاسب الآلي جزءاً مهماً ورئيساً في مشروع تطوير المناهج الجديد، حيث يتناول المشروع فكرة استخدام الحاسب الآلي في التعليم وفق ثلاثة محاور هي: تعلم الحاسب الآلي نظرياً وعملياً وفنياً، والتعليم باستخدام الحاسب، والحصول على المعلومات باستخدام الحاسب الآلي من مصادر متعددة مثل: مراكز مصادر التعلم المدرسية، والمواقع التعليمية على شبكة الإنترنت. ويهدف المشروع إلى: تأهيل جيل قادر على محاكاة العصر واحتياجاته، علاوة على اعتماد أسلوب التعلم التفاعلي والذاتي في جميع المراحل الدراسية، كما ستعمل الوزارة للاستفادة من جهود الهيئات والمؤسسات المعنية بالتعليم الإلكتروني. * كثرت الشكاوى العام الماضي من عدم اكتمال احتياجات بدء العام الدراسي.. ماذا اتخذتم من إجراءات لمواجهة هذه المشكلة؟ - أعتقد أنك تتفق معي بأن القصور والخطأ - غير المقصود - سمة بشرية، لذلك لا يمكن أن نجزم بأن هذا العام لن يحتمل وجود أخطاء أو تقصير بشكل كامل، ولكنها ستكون محدودة - إن وجدت - وقد وضعنا لها خطط طوارئ إن حدث شيء مما نخشاه. وأؤكد بأننا بذلنا جهوداً كبيرة مضاعفة - كل في اختصاصه - سواء في الوزارة أم في إدارات التربية والتعليم ليبدأ العام بسلاسة وانسيابية وبدون أية عوائق أو متاعب، مع أن توفير بعض الاحتياجات البشرية والمادية ليست مسؤولية الوزارة وحدها بل نحتاج إلى عون ومؤازرة بقية القطاعات المعنية.. وهناك لجنة تم تكوينها العام الماضي - قبل أن أشرف بهذا العمل - للتحقيق في أسباب القصور العام الماضي، وقد انتهت من دراسة مسببات القصور وقدمت توصياتها العملية لمواجهة أي طارئ مستقبلي قد يحدث، وقد عملت الوزارة على تنفيذ توصيات اللجنة، وقد تم التعميم على جميع إدارات التربية والتعليم في المناطق والمحافظات (بنين وبنات) بالاستعداد المبكر للعام الجديد وفق جملة من المحددات والإرشادات الميدانية، وقد اتخذت جميع الاستعدادات لوصول الكتب الدراسية وتوفير معلمي اللغة الإنجليزية، وواجهتنا بعض الصعوبات في تعيين المعلمين السعوديين ونأمل - بحول الله - ألا يبدأ العام الدراسي إلا وقد تجاوزنا هذه المشكلة، وقد أكد معالي الوزير على المتابعة الدقيقة والتعامل بشكل جاد وفوري بما يقتضيه الموقف مع أي إدارة يثبت تهاونها أو تقصيرها عمداً أو لعدم دراية كافية وكفاية في الإدارة التربوية. * تحظى المناهج باهتمام كبير من قبل وسائل الإعلام وخاصة المقروءة، وقد سمعنا عن المشروع الشامل للمناهج.. فمتى نرى نتائج المشروع على الواقع؟ وماذا عن تطوير (الكتب) القائمة هذا العام؟ - اطلعت على المشروع الشامل لتطوير مناهج التعليم بالمملكة الذي بدأت الوزارة تنفذه منذ مدة الذي يهدف إلى إحداث نقلة نوعية في التعليم من خلال إجراء تعديل نوعي في المناهج، لمواكبة الوتيرة السريعة للتطورات المحلية والعالمية، ثم توفير وسائل فعالة لتحقيق أهداف سياسة التعليم على نحو تكاملي، وذلك بإيجاد تفاعل واع مع التطورات التقنية والمعرفية، والاستفادة من تجارب الآخرين، وتحديد المهارات اللازم تعلمها في كل مرحلة دراسية، وربط المعلومات بالحياة العامة، وتنمية مهارات التفكير الناقد والمهارات الأدائية، وتنمية المهارات والاتجاهات والقيم اللازمة للعمل المنتج، هذه باختصار أبرز أهداف المشروع ونرجو أن تتسارع الخطى لتحقيقها قريباً، وسوف تعطي الوزارة هذا المشروع عناية خاصة على نحو تكاملي مع بقية عناصر العملية التعليمية: وأهمها (المعلم) الذي يعد الركيزة الأساسية للنجاح، والمبنى المدرسي الملائم والوسائل المساعدة المرادفة للمنهج. أما ما يتعلق بالكتب القائمة فإن التطوير قائم فيها بشكل مستمر فقد شمل التطوير هذا العام كتب: العلوم الشرعية وشملت: كتب التوحيد والفقه والتفسير للمرحلة المتوسطة بنين وبنات، والتوحيد والفقه للصفوف الأول والثاني والثالث بنين وبنات، وأحكام القراءات في الثانوية العامة بنين وبنات، أما (اللغة العربية) فقد تم تطوير كتب القراءة والنصوص للمرحلة المتوسطة، وتضمنت كراسة الخط لكتاب القراءة بعد أن كانت مستقلة للصف الثاني ابتدائي، وتم تطوير كتب (الاجتماعيات) حيث تم تأليف كتاب جديد لمنهج التاريخ للمرحلة الثانوية كاملة بنين، و(العلوم) كتب الكيمياء والفيزياء والأحياء بنات، كما أنجزت الوزارة تطوير كتب الرياضيات للمرحلة الابتدائية كاملة للبنين، بالإضافة إلى الحاسب الآلي (أول وثاني وثالث ثانوي) بنين، وتم تضمين كتب الصف الأول ثانوي (CD) للاستفادة منه من قبل الطالب والأسرة. ولأول مرة في تاريخ الوزارة سيتم توزيع كتب الصف الأول والثاني والثالث الابتدائي للطلاب حسب كل مرحلة في حزمة واحدة، بحيث يتسلم الطالب كامل مناهجه متضمنة رسالة تثقيفية خاصة لولي الأمر. * ما مشروعكم في الوزارة لمحاصرة الفكر المنحرف ومتابعة من ينثر تلك الأفكار الدخيلة بين الطلاب؟ - لقد تمكنت الجهات الأمنية من السيطرة على فئة من رموز الفكر المتطرف والقضاء عليهم، ومحاصرة البقية - بحمد الله وتوفيقه - هذا من جانب، ومن جانب آخر فإن مجتمعنا السعودي مجتمع خير، وتلحظ ذلك من تعامل أفراده والتفاههم حول قضاياهم المصيرية والتعبير عن مواقفهم بوضوح، وقد أثبتت الحملة الوطنية للتضامن ضد الإرهاب التي أقيمت مؤخراً أن مجتمعنا السعودي بخير، وشبابنا على درجة عالية من التمسك بتعاليم ديننا العظيم والولاء له وطاعة ولي الأمر والانتماء لتراب هذه الأرض الطاهرة. ولدى الوزارة العديد من المشروعات المهمة التي تهدف إلى الحيطة والحذر، ونشر مفهوم الحوار وقبول مبدأ الاختلاف.. ومن ذلك مشروع (الحوار في المدارس) الذي بدأت الوزارة في تطبيقه العام الدراسي الماضي تفاعلاً مع (مركز الملك عبدالعزيز للحوار الوطني) الذي وجه بإقامته خادم الحرمين الشريفين عام 1423ه. وتقوم آلية الحوار على تنظيم لقاءات دورية بين الطلاب في كل مدرسة، وبين طلاب المدارس في جميع مراحل التعليم العام، بحيث يتحاور الطلاب حول موضوع معين، سواء كان ذلك الموضوع له علاقة بالعملية التعليمية مباشرة أم غير ذلك، وتعول وزارة التربية والتعليم كثيراً على هذا المشروع: بوصفه تدريباً عملياً لنشر ثقافة الحوار في المجتمع، ويتعلم الأبناء معنى (التسامح) وتقبل الرأي الآخر، والشفافية، كما يتدرب الشباب على المناقشة بجرأة وعلمية مع احترام وجهات النظر، وتقدير قيمة الاختلاف بوصفه محركاً لكوامن الإبداع في حل المشكلات، والتعامل بواقعية مع الأحداث والمستجدات، ومن الأنشطة الحوارية المهمة تنظيم لقاءات للطلاب مع كبار المسؤولين في الدولة، فقد أقيمت عشرات اللقاءات مع أصحاب السمو الملكي أمراء المناطق، وأصحاب المعالي الوزراء، والمسؤولين وشخصيات المجتمع في عدة مجالات، بالإضافة إلى ذلك فإن لنشر قيمة الحوار عوائد حسنة على مستوى تنمية الشخصية من خلال القدوة الحسنة التي تسهم في رسم طرق النجاح المستقبلية للطلاب، من جهة أخرى بدأت الوزارة تطبيق مشروع (حوار المعلمين) لكون الحوار ميداناً خصباً منتجاً للأفكار، وطريقاً ضرورياً للتفاهم والمشاركة في تفعيل القرارات والتحمس لها، ويضم المجلس جميع المعلمين، بحيث تكون مجالس دائمة ومستمرة لها برامجها وخططها وآلياتها العامة. وتأمل الوزارة أن ترسم هذه المجالس التي تعبر عن ثقة الوزارة في معلميها طريقاً منظماً للحوار في المؤسسات التعليمية تراعي الآداب والأصول للوصول إلى الحقيقة، وتتحقق الأهداف التي ننشدها، ومنها: الإخلاص الذي متى ما وجد عن علم ودراية انزاحت كل المقاصد والمؤثرات الأخرى، وتنمية العقل والفكر، وتقدير الذات، وإثراء التجارب والخبرات التي من شأنها تحديث التعليم وتطويره باستمرار، علاوة على أن هذه الممارسة الحضارية ستزيد من خبرات المعلمين العملية في إدارة الحوار والدعوة إليه ونشره بين أبنائهم الطلاب عن طريق القدوة الحسنة. * بدأت الوزارة تطبيق مشروع جديد يعرف بالخطة الجديدة للتعليم الثانوي.. هل يمكن أن تعطينا معلومات عامة حول المشروع؟ - بدأت الوزارة تطبيق الخطة الجديدة للتعليم الثانوي قبل عامين، وذلك في 17) مدرسة ثانوية حتى يمكن أن تقوم التجربة وتتضح نتائج التطبيق، وقررت الوزارة هذا العام توسيع المشروع وتطبيقه في (42) مدرسة منها (21) مدرسة ثانوية للبنين و(21) مدرسة ثانوية للبنات في جميع مناطق المملكة. وتقوم الخطة الجديدة للتعليم الثانوي على التكامل بين المقررات، بمعدل (5) ساعات لكل مقرر، يختار الطالب في كل فصل (7) مقررات على الأكثر أي (35) ساعة، ويرافق ذلك مقررات اختيارية لصقل الشخصية وإبراز الطاقات والميول عند الطلاب، ومن ميزات النظام: (المرونة) في تحديد عدد الساعات والمقررات، و(الإنجاز) بحسب قدرات الطالب، و(الإرشاد الأكاديمي) وذلك بإنشاء مكتب توجيه وإرشاد للتعرف على قدرات الطلاب وصقلها وإرشادهم للمهن المناسبة لهم، ومن مميزات الخطة أيضاً: فك الارتباط الأفقي بين المقررات، فالرسوب في مقررلا يتطلب إعادة السنة، إذ يدرس الطالب مقررات من مستوى أعلى، ويدرس المادة التي لم يجتزها في سنته الجديدة، أو يدرس مقررا آخر بدلاً عنه، ومن مميزات الخطة الجديدة (التكامل الرأسي) الأمر الذي ساهم في الحد من مشكلات الرسوب وما يترتب عليه من آثار نفسية.. أما بالنسبة لنظام الدراسة فيقوم على وجود (6) فصول دراسية، بمعدل (16) أسبوعاً للفصل، ونصاب المعلم (24) ساعة، حصتان منها للإرشاد وحصتان للنشاط، ومجالاتها هي: العلوم الشرعية، اللغة العربية، رياضيات (ريض واحتمالات) - علوم (فيز - كيم - أحياء - علم البيئة)، E، اجتماعيات، تربية مهنية، مهارات حياتية وأسرية، حاسب وتقنية، تربية صحية، وتختلف عدد الساعات في كل مجال إلا أن أعلى مجال للعلوم الشرعية وهي (25) ساعة، ثم اللغة العربية فبقية المجالات، وأحب أن أشير إلى أنه لا يوجد كلمة (راسب) في هذه الخطة، بل توجد تقديرات هي: أ، ب +، ب، ج+، ج، د+، ه (غير مجتز)، ومحروم (م)، ويمكن أن يتخرج الطالب خلال سنتين ونصف في حالة استفادته من الفصول الصيفية. * بدأت الوزارة تطبيق اختبار الكفايات على المعلمين كشرط من شروط التوظيف، وكذلك على المعلمين القدامى.. ما مدى نجاح تطبيق هذا المشروع؟ - الاختبارات العلمية التي تجرى للمهنيين - كل في مجاله - وسيلة مهمة للتطوير والتقدم الذاتي لكل صاحب مهنة، والزمن الذي نعيش فيه يفرض علينا نوعاً جديداً من أسلوب إدارة وتطوير الذات بعد أن أصبحت (المعرفة) سلعة غالية الثمن، إلا أننا بحاجة إلى دراسة هذا المشروع بشكل أكثر عملية، ذلك أن هناك العديد من النقاط التي لم تحسم، ومنها اعتماد نتيجة الاختبار في معايير المفاضلة، والمضمون العلمي الذي يحتاج إلى تطوير بالإضافة إلى آليات التنفيذ التي ستخضع لمزيد من الفحص والمراجعة لضمان جودة المخرج الذي نتوقعه، وإن كان الاختبار - في فكرته - مهما للغاية، ذلك أنه يهدف إلى تحديد الكفايات المطلوب توفرها في المعلمين، بعد أن برزت الحاجة إلى تمهين وظيفة التدريس وإيجاد المعايير المناسبة للدخول فيها والاستمرار بها في ظل الأعداد الكبيرة من المتقدمين الراغبين للانضمام إلى مهنة التدريس، وهذا يمنح الوزارة فرصة انتقاء الأفضل من خلال تطبيق معايير دقيقة للاختبار، كما يهدف هذا المشروع أيضاً إلى تحديد الحاجات التدريبية للمعلمين، وهذا سيؤدي إلى استثمار أفضل للموارد وإلى إتاحة الفرص للمعلمين الذين هم في حاجة فعلية للالتحاق بالبرامج التدريبية لتطوير مستوياتهم، علاوة إلى تشجيع المعلمين للاستمرار في التعلم الذاتي وتطوير مستوياتهم العلمية في تخصصاتهم وتطوير مهاراتهم ومعارفهم التربوية وثقافتهم العامة. * تعد حركة تنقلات المعلمين والمعلمات معضلة كبرى لشريحة واسعة منهم، حيث يرغب عدد كبير منهم النقل إلى مناطق يرغبونها.. ما معايير المفاضلة؟ - اطلعت على برنامج وآليات النقل والضوابط التي وضعتها الوزارة لضمان عدالة التوزيع والتأكد من عدم وجود تجاوزات أو اختراقات من أي شخص كان، وقد بلغت درجة الثقة في هذا البرنامج (التقني) إلى درجة توجيه خطابات شخصية لجميع المعلمين الذين لم يكتب لهم النقل وشرح أسباب ذلك، وهذا أسهم في بناء علاقة ثقة بين المعلم والوزارة، وتتلقى الوزارة كل عام عشرات الآلاف من طلبات النقل، وبطبيعة الحال لن تتمكن الوزارة من تلبية كافة الطلبات، فالأمر مرتبط بحجم الاحتياج، إذ ليس من المعقول أن ينقل الجميع إلى مناطق معينة مكتفية بالمعلمين أو المعلمات في حين توجد مناطق أخرى تحتاج تخصصات معينة، والوزارة تواجه كل عام ضغوطات هائلة من هذا النوع وهي مشكلة قديمة ولكن ينبغي أن نسعى بقوة إلى توطين الوظائف، فالموظف هو الذي يجب أن يتبع الوظيفة وليس العكس. * المباني المدرسية ما زالت غير صالحة للعملية التعليمية.. متى سيتم التخلص من جميع المباني المستأجرة؟ - المبنى المدرسي النموذجي طموح سنعمل على تحقيقه - بإذن الله - وفقاً للإمكانات المتاحة، ومن المعلوم أن البدايات الأولى للتعليم - من حيث الإمكانات - كانت متواضعة، ولكن الرغبة الجادة من الدولة في نشر التعليم فرض عليها القبول بأي مستوى من الإمكانات لتلبية الحاجة الملحة، وتوسع التعليم وتنامت أعداد الطلاب والطالبات، وبالتالي ظهرت الحاجة إلى افتتاح مزيد من المدارس، وتحسين وتحديث ما هو قائم منها، لذا من الطبيعي أن تقابل الدولة مشكلة توفير المباني التعليمية الملائمة - وهي معضلة دولية أيضاً - تقابل كل الدول بدون استثناء .. وقد اطلعت على الخطة العشرية للتخلص من المباني المستأجرة التي تضمن مجموعة من الحلول التي سأعمل مع زملائي في وكالة المباني على تنفيذها، ومن بشائر الخير المكرمة الملكية الكريمة بتخصيص مبلغ (4000) مليون ريال لبناء المدارس، حيث خصص هذا المبلغ لبناء (800) مدرسة خلال خمس سنوات للبنين والبنات، بالإضافة إلى ما يعتمد في ميزانية كل عام، وسيستفيد من هذه المشروعات أكثر من (350) ألف طالب وطالبة، كما سيدعم خطة الوزارة لأن تكون كل مدارسنا حكومية بإذن الله. * ما آخر التوجهات التي توصلت إليها الوزارة بخصوص العاملات على بند محو الأمية بعد أن ألغت الوزارة التعاقد مع أكثر من عشرين ألف معلمة على هذا البند؟ - الوزارة لم تلغ التعاقد مع المعلمات على بند محو الأمية، بل إن مدة العقد مع المعلمة على هذا البند سنة واحدة، ويجدد بناء على مدى الحاجة إلى التعاقد، وقد تم تعيين بعض المعلمات على هذا البند على وظائف مؤقتة غير رسمية، وهذا مدوّن في العقد معهن، ووزارة التربية والتعليم ليست جهة معنية بالتوظيف مع تعاطفي الشديد مع الأخوات، لكن الحاجة دائماً هي التي يجب أن تكون المحك الرئيس في هذا الجانب، والوزارة تبذل جهدها للتعامل مع الوضع القائم، وهناك لجنة ثلاثية مكونة من وزارة المالية ووزارة الخدمة المدنية وزارة التربية والتعليم لدراسة هذا الأمر، ونأمل أن نجد حلاً توفيقياً لهذه الإشكالية.