طالب مؤتمر الثقافة واللغة العربية في عصر العولمة الذي عقده مجمع اللغة العربية في دورة انعقاده الحادية والسبعين التي انتهت أعمالها مؤخراً الحكومات العربية بضرورة تفعيل النصوص الدستورية والقانونية الصادرة في البلاد العربية بالتزام اللغة العربية في وسائل الإعلام كافة وفي صيغ الإعلان على اختلاف وسائلها واللافتات وسائر الاستخدامات اللغوية كما طالب المؤتمر بوجوب تقديم قواعد اللغة العربية بمستوياتها للناشئة من خلال نصوص مختارة من الأدب العربي قديمه وحديثه وفي مقدمة ذلك القرآن الكريم والحديث الشريف لمقاومة الهجمة على العربية لغة وتراثاً وأدباً تلك الهجمة التي تتخذ من العولمة المغرضة سلاحاً بقصد تغليب لغة أو ثقافة معينة عالمياً وكذلك العمل على بناء نظرية عربية لتأويل النصوص وإحياء التراث العربي والإسلامي طبقاً لمعايير التحقيق والتأويل العلمية وإبراز الطابع العالمي واتخاذ الأساليب الكفيلة بالحفاظ على موقعها العالمي ودعمه في مواجهة المحاولات الراهنة لزحزحتها عنه وتقدير دور مجمع اللغة العربية بالقاهرة في إعداد المعجم الكبير مع دعوته لتكثيف العمل وتسريعه على نحو يهيئ صدوره في الوقت المناسب. وكان المؤتمر قد شهد مناقشة أكثر من ثلاثة وعشرين بحثاً قدمها باحثون ومفكرون من مختلف الدول العربية كما شهد المؤتمر حفل تأبين للراحل الدكتور شوقي ضيف لما قدم وبذل من جهد ثمين لخدمة اللغة العربية. وأكد الدكتور كمال بشر، الأمين العام للمجمع في كلمته على أن الراحل شوقي ضيف كان مثالاً يحتذى في الحفاظ على القيم الأصيلة للغة العربية مشيراً إلى دعوته الدائمة بضرورة الحد من الاتجاه المتزايد في إنشاء الكليات والجامعات الأجنبية والخاصة التي تدرس مناهجها باللغة الأجنبية في كل المواد التعليمية في بلادنا العربية. وأكد الدكتور حسن شافعي أستاذ الفلسفة الإسلامية في جامعة القاهرة وعضو مجمع اللغة العربية أن شوقي ضيف قدم بانوراما كاملة للأدب العربي في مختلف عصوره ومناطقه للدارسين في العالم العربي وخارجه، ولم يكن هذا هو العمل الوحيد (التأريخ للأدب العربي).. ولكنه عني منذ منتصف الثلاثينيات بالنقد العربي فكتب في (الفن ومذاهبه) في كل من الشعر والنثر وأكمل هذا بدراسات تطبيقية على شوقي وحافظ وغيرهما من الأدباء. ومن ناحية ثالثة أصدر (إسلامياته) التي تناولت تفسير القرآن الكريم وسيرة النبي صلى الله عليه وسلم، ودراسات متعددة في التفسير والحديث والدعوة الإسلامية. وأضاف د. حسن أن د. شوقي كان أكثر أعضاء مجمع اللغة العربية نشاطاً وحرصاً على أداء الواجب وأسبقهم في الحضور إلى المجمع، وأكثرهم متابعة للفكر والثقافة والصحافة بالرغم من سنه المتقدمة وظروفه الصحية.. وقد تعلموا منه الكثير في تقدير العلم والبحث العلمي والعكوف عليه دون انتظار أي مقابل إلا متعة العلم ذاته.. هذا هو النموذج الذي قدمه د. شوقي ضيف فلم يكن عميداً ولا رئيس جامعة ولا تطلع إلى مثل هذه المناصب، وما سيق إليه من مكانة علمية، وجوائز عديدة مصرية وعالمية فهي جميعاً سعت إليه ولم يسع إليها وخرج المؤتمر بالعديد من التوصيات الهامة بشأن سيادة اللغة العربية ومقاومة غزو اللغات الأخرى فأوصى المؤتمر بضرورة مقاومة ما تقوم به بعض الهيئات العالمية المعنية بالحاسب الآلي من الاعتداد باللهجات المحلية في العالم العربي وعدها لغات مستقلة إذ في ذلك تهديد للوحدة اللغوية والثقافية للعالم العربي الأمر الذي يجعل التعاون بينه وبين العالم أمراً بالغ التعقيد وناشد المؤتمر كل العاملين في هذا المجال بالمسارعة إلى هذه الهيئات لتصحيح هذا التوجه وتسجيل أن اللغة العربية الفصحى هي اللغة المشتركة للعالم العربي? وتطويع الحاسب الآلي للغة العربية وبحث المشكلات الناتجة عن استخدامه والتعاون بين الهيئات المعنية لحلها وضرورة تبني طريقة موحدة لكتابة العناوين باللغة العربية في الشبكة الدولية للمعلومات الانترنت . وضرورة ضبط الكتب المدرسية في مختلف العلوم ضبطاً كاملاً بالشكل حتى نهاية الثانوية العامة ودعم الهيئات غير العربية المعنية بتعليم اللغة العربية في بلادها مادياً وأدبياً وتوثيق الصلات بيننا وبينها بما يفيد اللغة العربية وثقافتها.