في ليلة رتق فيها الفرح ما خلفته الأيام على الثوب الحزين والتقت قلوب ووجوه في مناسبة لملمت ما تشتت وتباعد ونأى هنا وهناك، كان الفرح والبشر يطغى على ما سواه، كانت احتفالية القريات بالأستاذ فهد بن أحمد السهر ذات دلالات ومعانٍ خاصة تعطي للحضور صوراً تجسد وبجلاء النسيج الاجتماعي الأصيل الذي يميز القريات وتجذر العلاقة التي شقت بطن الأرض فنمت الشجيرات وكبرت.. تكبر كلما سُقّيت ورعيت ويزداد اخضرارها كلما حرص الأبناء على بقائها مخضرة. مشاعر تدفقت بتلقائية.. وابتسامات خرجت بصدق ودعوات لهجت بها الألسن والقلوب. كل هذا كان عنوان احتفالية القريات بالابن فهد السهر الذي أيقظ فعله وشهامته في أبناء منطقته كل المشاعر النبيلة تجاه بعضهم واستطاع أن يجمعهم وهم قلما يجتمعون.. لكنهم هذه الليلة كانوا جميعا هنا.. من بادية وحاضرة.. اختلطت الألوان والأصباغ لتخرج لنا لوحة قمة في جمالياتها.. في إتقانها.. فقد عاشت القريات خلال اليومين الماضيين نشوة فرح.. رسائل تهانٍ حملها الجوال وتبادل عبارات التهنئة عجزت عن ترجمتها الألسن والكل مباهٍ بفعل أحد أبناء القريات.. ولهذا الكل أراد أن يعبر عن امتنانه وتقديره واعتزازه بهذا الفعل الخيّر. فجاء الحفل ليحضن كل المشاعر ويقدمها بقالب اختصر كل الكلمات والمفردات. المكان قصر الخيران للاحتفالات.. المناسبة تكريم أهالي القريات لابنهم فهد السهر وذلك نظير ما قام به من عمل جليل تمثل بالعفو عن قاتل ابنه وسط ساحة القصاص وقبيل دقائق من تنفيذ الحكم ابتغاء وجه الله ورضاه.. رغم الكثير من محاولات أهل الخير، التي بذلت على امتداد سنوات ورفض كل الماديات وأصر على تنفيذ حكم الله وإلى آخر لحظة فكانت الليلة المشرقة تعبيراً أراده الكل وسعى له الكل فكان بحق احتفالاً يليق بالمناسبة. فقد شرُف الحفل والذي نظم مساء أول أمس الأحد بسعادة وكيل إمارة منطقة الجوف المكلف محافظ القريات (أحمد بن عبدالله آل الشيخ ومحافظ دومة الجندل) مرجي حويل الجروان ووكيل محافظة القريات المكلف نايف بن ناوي الشمري وعدد من المسؤولين عسكريين ومدنيين وأصحاب الفضيلة والوجهاء والأعيان وجمع غفير من الأهالي غص بهم المكان حيث بدء الحفل الخطابي بآيات من الذكر الحكيم أعقبه كلمة لأهالي القريات ألقاها نيابة عنهم الشيخ عمر بن عبدالله الثويني، تحدث فيها عن ثواب العفو عند الله عز وجل وأهمية عتق الرقبة في ديننا الحنيف، مؤكداً أن ما قام به فهد السهر موقف كله فخر واعتزاز ليس له وحده ولأسرته بل يحق للقريات كافة أن تفتخر بهذا الموقف الشهم وبعد ذلك ألقى عضو لجنة إصلاح ذات البين بالقريات الشيخ عبدالله نويفع كلمة عبر فيها عن مشاعر الفرح التي عمت الجميع، مشيداً بحرص قيادتنا الرشيدة على العفو والتشجيع عليه أملاً أن يكون لموقف السهر النبيل الأثر الكبير في مجتمعنا ويحذو حذوه الكثيرون خاصة أن مجتمعنا هو مجتمع السلام الحقيقي في مملكتنا الغالية وعقب ذلك ألقى الشعراء عبدالله رغيان الشراري والشاعر جزاع الرويلان والشاعر محمد صفوق العنزي قصائد بهذه المناسبة نالت استحسان الحضور وعقب ذلك تحدث ابن القريات فهد بن أحمد السهر معرباً عن شكره لله عز وجل الذي أنعم عليه وأكرمه بهذا العفو راجياً عفوه ومغفرته وعبر السهر عن عظيم شكره وتقديره لجميع أهالي القريات حاضرة وبادية على وقوفهم بجانبه، مؤكداً للجميع أن ما قام به كان لوجه الله عز وجل لا يرتجي المثوبة والأجر إلا من الله عز وجل وعقب ذلك أعلن عن توجيه كريم نقله وكيل إمارة المنطقة عن سمو أمير المنطقة للجهات المختصة بإطلاق اسم فهد السهر على أحد المرافق العامة بالقريات من حديقة أو ميدان أو شارع وكان لها الترحيب الكبير من الحضور وبعد ذلك جاء دور التكريم الذي شارك به أهالي القريات كافة من أفراد وجهات حكومية عدة تم خلاله تقديم الدروع التذكارية التي تعبر عن الشكر والتقدير ل(فهد السهر على موقفه الشهم والنبيل وفي نهاية الحفل قدم سعادة وكيل إمارة منطقة الجوف الأستاذ أحمد آل الشيخ درع الإمارة لفهد أحمد السهر ثم تناول الجميع طعام العشاء المقام بهذه المناسبة. ومن الجدير بالذكر أن الميادين الرئيسية بالقريات غصت بعدد من اللوحات المقدمة من أهالي القريات، والتي تعبر عن شكرهم وثنائهم لابن القريات الشهم الشيخ فهد السهر على موقفه النبيل في عتق رقبة خصمه، وكانت القريات قد عاشت خلال الأيام الماضية أجواء احتفالية نتيجة العفو الذي أعلنه فهد السهر عن قاتل ابنه والذي جاء قبل لحظات من تنفيذ الحكم وسط ساحة الجامع الكبير يوم الجمعة الماضي، والذي كان له صداه في كل الأوساط ومحل تقدير واعتزاز من جميع الشرائح الاجتماعية.