لم يجل بذهن صاحب السمو الملكي الأمير سلطان بن عبدالعزيز النائب الثاني لرئيس مجلس الوزراء ووزير الدفاع والطيران والمفتش العام، وهو يقوم بوضع حجر الأساس لمشروع مركز الأمير سلمان للأطفال المعوقين والوقف الخيري لواحة حائل.. أقول لم يجل في ذهن سموه الكريم انه سوف يقابل بعبارات جريئة من طفل معاق.. أعتقد أن سموه قد عاشها أيام الزيارة ولن ينسى ذلك الطفل البريء وهو يواجهه بمجموعة من الأسئلة التي تنم عن ذكاء للطفل وحين انتهى من وضع حجر الأساس توجه للجهة المحاذية لسيره ليلقي السلام على مجموعة من الأطفال المعاقين حركياً، وهو يخطو إلى تلك النفوس الطيبة البريئة ليبارك لهم هذا الصرح الإنساني الحضاري، حيث عبّروا بدورهم عن فرحتهم بذلك المشروع، حين وصل وسلم على أول واحد منهم وهو عبد الله بن عادل الجريد المصاب بالشق السفلي، الذي أتى بكلمة قوية منه وكأنه يحدث أباه.. وهو كذلك بالفعل فقال لسموه: أين أنت؟ أنا انتظرك هنا؟ اشتقنا إليك كثيراً؟ دهش سموه وقبّله على رأسه واحتضنه والجميع من حوله يرون ذلك المنظر الأبوي الحاني من سموه الكريم.. ويواصل عبد الله حديثه مع سموه فيقول: أين سيارتك؟ يضحك سموه ويجيبه.. أين جوالك؟ هل أصوّر معك؟ كنا نعتقد أنها لحظات عابرة يسلم فيها سمو الأمير على هؤلاء الأطفال وإذا بالدهشة والضحكة لا تفارق محياه بل ويتفاعل وتطول فترة سلامه عليهم وضحكاته تتعالى فرحاً بهذا الطفل الذي يحاور سموه بكل جرأة وذكاء، حتى إنه طلب جوال سموه فقال له ليس لدي جوال.. أين سيارتك؟ وبأبوية حانية قال له سموه: عبد الله اطلب ماذا تريد؟ فلم يطلب إلا ما بيد سموه.. فقال له ما بيدك؟ فقال سموه: مسبحة أهداه إياه، حتى بعد نهاية الحفل عاد سموه للأطفال وبخاصة عبد الله الذي فاجأه بسؤال أين أنت تأخرت عليّ أنا انتظرك.. كلمات عفوية وقوية وبريئة ومن فم عذب لا يعرف معنى للمراوغة والمداهنة.. لفت أنطار كل من شاهده على شاشة التلفاز هو وزملاؤه الذين كانوا معه وكنت أحد السعداء بذلك كون هؤلاء الأطفال عبّروا عن ذواتهم وفرحهم بهذه المناسبة وشكرهم لسموه الكريم ولكل من يقف معهم ويساندهم في حياتهم. ذات يوم حدثني والد الطفل عبد الله أن ابنه تعلّق بمسبحة سموه ولا يريد لأحد أن يأخذها منه وأيضاً يجلس أمام التلفزيون كل يوم ينتظر نشرات الأخبار.. ويحدث أباه أنه ينتظر أن يشاهد بابا سلطان حتى إنه في الأيام الأخيرة بدأ يطلب من أبيه أن يسافر معه للرياض لكي يشاهد بابا سلطان. لقد أُغرم هذا الطفل وزملاؤه بسموه الكريم لوقفته الحانية معهم وشعوره الإنساني بحالتهم، وخير دليل على ذلك تبرعه الكريم بعشرة ملايين ريال لصالح وقفهم الخيري- واحة حائل - تلك الوقفة الإنسانية الحانية إنما هي التي زرعت معاني كبيرة في نفوس هذه الفئة لسموه الكريم. كنت قد كتبت هذا المقال قبل بعثه للنشر، وإذا بصاحب السمو الملكي الأمير سلطان بن عبدالعزيز يستقبل بمكتبه الطفل المعاق عبد الله مع ولي أمره في يوم الأحد 11- 6-1426ه ويأمر بعلاجه ومصاريفه، وتلك امتداد لعطاء سموه الذي أتمنى من الله أن يكون في موازين أعماله وألا ينضب ذلك النهر الجاري من الخير مع كل من يحتاج للعون والمساعدة. وقفة: ولو أني لست بشاعر بل هي مشاعر أسوقها نيابة عن فئة عزيزة وغالية على قلوبنا جميعاً. سلطان أنت من رويت لهفة حيران ولففته برداء الأبوة الحاني سلمت يداك أبا خالد للخير معطاء أبقاك ربي غوثاً للهفة الصادي أطفال معاقون يذكرونك وإن طال زمان كيف بهم ينسون حضنك الدافئ؟ [email protected]