إن الكتابة عن شخصية متعددة المواهب.. سامية في سمائها متمرسة في أساليبها للحكم والإدارة كشخصية مولاي خادم الحرمين الشريفين تبدو صعبة ومن أراد أن ينشط لتناول سيرة زعيم ملهم كفهد بن عبدالعزيز - أدام الله عمره - عليه أن يملك أدوات التحليل والقياس، وما عسى وما أبلغ ذلك الرجل العامي الذي اختصر البلاغة في قوله عن الفهد (ستر العذارى) أو الآخر الذي ناداه (بذرى نجد)، ويقف التاريخ شاهدا على إنجازات هذا العبقري الملهم الذي كفانا مؤونة التفكير في الأمن الاقتصادي والفكري والنفسي، وسعى ليرقى بأمته لمصاف الأمم المتحضرة، وساند الشعوب التي تعاني من ويلات الفقر والقهر والاضطهاد، فقد جعلتنا يا فهد متفرغين لنشاطاتنا وحياتنا الخاصة وحملت أنت عنا الهموم الجسام فمآثرك عديدة.. وأفضالك مديدة.. فأنت - كإخوانك الأشاوس - شيمتك الكرم، والسماحة، وسرعة الإجابة، وحسن الذوق، والأريحية، والسخاء الذي ما بعده سخاء، فقد أخذت - كما أخذوا - من والدكم العبقري الملهم الذي وحد الجزيرة مكاناً وإنساناً، أساليب ومهارات وسمات القيادة الحقة التي تمثلت في الإيمان بالله، واتخاذ الرسول- صلى الله عليه وسلم- وصحابته الكرام القدوة الحسنة والكارزمية المتمثلة في ثقته الكبيرة بالنفس ورؤاه البعيدة التي يسعى لتحقيقها، والعقيدة التي يسعى بكل جهده لنشرها وهي العقيدة الإسلامية، والقدرة على إقناع الآخرين وجذبهم معه. - 1 - فمنذ الطفولة - يا مولاي - وجهك يبشر ولا ينفر، لقد تفاءل بك أبواك، احسا فيك بعلامات النجابة، والنباهة والذكاء المتقد، كل من شاهدك وأنت صغير يتوقع لك مستقبلاً باهراً.. وما ذلك بغريب، كان لديك الاستعداد الفطري للانتفاع من علم من يمتلك العلم، كنت - وأنت صغير - دؤوباً في طلب علم مفيد، وثقافة مغذية لمواهب متعددة.. نهم في قراءة كتب رواد الادب والبلاغة كطه حسين والعقاد والمازني وهيكل، أفادك ذلك كثير الفائدة.. فأسلوبك رائق، ولسانك طليق، وصوتك صاف ترتاح الأذن لسماعه، لإلقائك وقع وتوقيع جميلان.. لا حرف يخرج مكان حرف.. ولا يطغى صوت على صوت، وازددت فضلاً بإيجازك البليغ، وقدرتك الفطرية المدربة على انتقاء اللفظ المناسب للمعنى الذي يناسبك.. عرف الجميع عنك الإعراض عن استخدام المترادفات. ابتهج الوالد بنبوغ ولده فعينك مستشاره الخاص وأنت دون العشرين من العمر، ثم كلفك بالإشراف على مدرسة الأمراء، لا لتشرف على المعلمين بل لتوجه إخوانك وتستحثهم على طلب العلم، وتهيأت بهذا الإشراف لأن تشرف بل لتقود سفينة التعليم في المملكة كلها.. فمن غير الفهد ربان لباخرة التعليم في بحر المعارف اللجي الزاخر. - 2 - وأهل العام (1373 ه - 1953م) الذي توليت فيه دفة المعارف بعد أن كانت مديرية صغيرة، وبفكرك التربوي المرتب استطعت بجسارة الربان الحاذق أن تسير السفينة ببراعة واقتدار.. فانتقلنا معك من عهود البدايات إلى التطوير والتحديث، وانتقل التعليم نقلة كمية وكيفية أذهلت العالم، وألجمت ألسنة المشككين، ربطت فأجدت بين الأصالة والهوية العربية الإسلامية، وبين الإيقاع اللاهث السريع لعصر سريع التغير.. سريع التطور.. واعترض المعترضون وتخوف المتخوفون من أن عجلة التطور وتحديث التعليم قد تصطدم بقيم وعادات وتقاليد استقرت، وكنت أنت الأبعد نظراً حتى وكان لكم دور في نهضة تعليم المرأة ورقيها لأنها نصف المجتمع وشقائق الرجال، كنت واضحا وفارقاً كالسيف القاطع، المعترض لا يذهب بابنته إلى المدرسة، أما أنا فألبي رغبة شعبية عارمة في تعليم البنات، وكنت الأبعد نظراً، ونجح تعليم البنات نجاحاً فاق كل التوقعات.. ولم لا.. وأنت تمتلك همة أجنحتها تعلو إلى عنان النجوم، وإنجازاتك في التعليم كالمصابيح في ظلمات نوائب الجهل، فلك يا فهد في كل الفضائل قوادم الأجنحة. وفي العام (1348 ه - 1953م) لم يكن يتجاوز عدد طلاب العلم في المملكة 2300 طالب فقط، والباقون يتعلمون في بلاد أخرى، وفي العام (1368 ه - 1949م) بلغ عدد طلاب المملكة في مختلف الصفوف والمراحل 20.000 طالب، وفي العام (1405 ه - 1985م) تجاوز عدد المدارس في المملكة 11.000 مدرسة، وأكثر من مليوني طالب..، وأما في العام (1426 ه - 2005م) فقد تجاوز العدد ستة ملايين. فنعم عمل.. ونعم إنجاز. أما التعليم الجامعي فيكفي أن أشير إلى أنه في العام (1368 ه - 1949م) لم يكن في المملكة سوى كلية الشريعة، أما اليوم فقد أصبح في المملكة أكثر من عشر جامعات تضاهي مثيلاتها الامريكية.. فأي فخر.. - 3 - ولما صرت ملكاً.. احتضنت شعبك.. ضاقت الدهناء بصدرك.. فكان لك في المكارم غرة انبلاج الإصباح.. وترقرق ماء الكرم من أنامل يديك.. فما أجمل الاخلاق - يا فهد - إذا خلقت من الجود والكرم.. فقد ألقيت إليك مقاليد الرئاسة.. واكتشف الجميع - كما اكتشفوا من قبل - امتلاكك طريفها وتليدها.. وكيف لا.. وأنت ابن العبقري.. الفاتح.. المؤسس.. عبدالعزيز.. وما أعظم من كان أخا سعود.. وفيصل.. وخالد.. إذن فأنت ملك جاء من دوحة سناء.. وتحدرت كابراً عن كابر.. فمنذ توليت الحكم.. فاض الخير فيضاناً.. كسيول عسير.. واخضرت صفرة رمال حائل والقصيم بلون راية التوحيد.. وسندس الجنة.. وارتفعت مآذن الحرمين.. في مكةالمكرمة.. والمدينة النبوية.. وعلت مداخن المصانع.. في ينبع.. وفي الجبيل.. وعلا معها هدير الآلات والمصانع.. والآن يصوغ الأبناء والاحفاد أنفس قلادة.. من الممكن أن تقدم مهراً لعروسنا.. المملكة العربية السعودية. - 4 - تعددت في العالم أجمع أشكال وأساليب الديمقراطيات.. وعاب علينا الكثيرون أننا لا نأخذ بأي منها.. ونسي الجميع أننا نمتلك ونمارس أرقى أنواع الديمقراطيات في العالم.. إنها الديمقراطية المباشرة.. وهل هناك أسهل.. وأسرع.. وأنجز من أن يلتقي المواطن بزعيمه مباشرة.. فيجلس إليه.. ويحتسي معه القهوة العربية.. ويشرح ويتحاور؟!.. هل في العالم من يفعل هذا..؟! يكفينا فخراً - يا فهد - أنك استبدلت مسمى صاحب الجلالة بلقب تحبه وترضاه.. وهو.. خادم الحرمين الشريفين.. فلك يا فهد البشارة.. ألست القائل: (نحن جزء من تراب هذه الأرض.. وعائلة من عائلات هذا الوطن العزيز، فلا يغرينا لقب ملك أو أمير.. فالجلالة لله عز وجل؟!... الله.. الله..الله.. ما هذه الروعة!!.. نعم إسلامنا.. نعم عروبتنا.. نعم تواضعنا.. انظر أيها العالم المتحضر.. ملك خادم.. أو إن شئت قل.. خادم ملك!!.. في العالم أجمع باستثناء الخليج.. أين الملك الذي بلا تاج.. بلا عرش.. بلا صولجان.. بلا زي ملكي يرتديه في المناسبات الرسمية.. أين؟.. نحن فقط.. لنا الخصوصية.. لنا التميز.. مليكنا.. وخادم مقدساتنا.. يرتدي مما نرتدي.. وأبسط.. ويأكل مما نأكل وأبسط.. ولو جئنا برجل لا يعرف ملكنا.. وقلنا له: أشر على الملك في وسط هذه الحشود.. فلن يستطيع.. أين المواطن في أي بلد في العالم يستطيع أن يلتقي مليكه أو رئيسه في ظرف سويعات قليلة.. وبلا بروتوكولات.. ويجلس إليه.. ويتحاور معه بمنتهى الحبور.. وسعة الصدر.. أين؟!.. وفي هذا ينطبق قول الشاعر ناصيف الحسيني: هذي المروءة لا ضيم ولا ألم في سلك حبك هذا الشعب منتظم بنيت للمجد ما لم تبنه دول وصاحباك عليه السيف والقلم العبقرية قد ألقت مقاليدها إليك واستسلم المعروف والكرم - 5 - ويتواصل الحديث.. والحديث ذو شجون.. فقد أبى الأبي أبوك يا فهد.. أن يتواطأ.. ويوافق (روزفلت) على مخططات الصهاينة.. لانتزاع فلسطين.. وطناً مزعوماً لليهود.. وقال له: (إن على الألمان الذين حرقوا اليهود أن يحلوا مشكلة اليهود).. ورغم كون اللقاء ودياً وممتعاً.. هناك على سطح البارجة الأمريكية.. فوق مياه البحيرات المرة.. وقناة السويس.. إلا أن المؤسس عبدالعزيز لم يفرط في حق شعب فلسطين.. وحذا أبناؤه حذو والدهم.. وتحملوا الغرم.. وأعطوا الغنم.. وأنت أيها الفهد.. حملت عبء القضية الفلسطينية على كاهلك ودعمت بتواصل.. الشعب الفلسطيني.. ممثلاً في منظمة التحرير الفلسطينية.. وتحملت المملكة من قبل دعم دول المواجهة مع إسرائيل.. وتحديث الجيوش بعد هزيمة 1967م، وإلى الآن لم يكشف النقاب عن حجم الفواتير التي تحملتها المملكة في الصراع العربي الإسرائيلي.. ولكن هذا قدرها.. ولقد أقدمت أيها الفهد.. بجرأة.. وقدمت مبادرتك المعروفة باسمك إلى اليوم.. إلى مؤتمر القمة العربية المنعقد بمدينة (فاس) المغربية (1982م): تلك المبادرة التي لاقت قبول المجتمع الدولي والامم المتحدة وحتى الفلسطينيين.. ولكن أمام تعنت إسرائيل.. لم يكتب لها التنفيذ. والشعب اللبناني إلى اليوم مدين بفضلك.. في إيقاف الحرب الأهلية اللبنانية التي أنهكت لبنان واللبنانيين.. وجاءت على الأخضر واليابس في هذا البلد العربي.. فقد كان من تداعيات هزيمة 1967م.. وقيام منظمة التحرير بنقل معظم نشاطها المسلح ضد إسرائيل إلى حدودها مع لبنان.. وإضافة إلى مشاكل طائفية وسياسية.. إن اشتعلت الحرب الأهلية العبثية.. وغذت إسرائيل لهيبها.. فاستمرت أكثر من خمسة عشر عاماً.. وفي عام (1402ه - 1982م).. اجتاحت إسرائيل لبنان.. وهببت يا فهد معاضداً أخاك الملك خالد في حل هذه المعضلة متصلاً بصناع القرار الأمريكان.. فما لبثت إسرائيل أن انسحبت بعد ما دمرت.. وأهلكت.. وأبادت.. وجزرت الألوف بمعاونة عملائها وسارعت إلى دعوة الفرقاء اللبنانيين.. وجمعتهم جميعاً - لم يستثن منهم أحد - في مؤتمر الطائف.. الذي تمخض عن اتفاق الطائف التاريخي.. الذي وإلى اليوم.. يلقى قبول كافة الدوائر في لبنان.. وعلى مستوى العالم أجمع.. وتحملت أيها الفهد.. وتحمل معك شعبك.. معظم فاتورة الإعمار في لبنان. - 6 - وأواصل خطابي المفتوح لك يا فهد.. فبعد توقيع مصر معاهدة السلام مع إسرائيل.. وحدثت القطيعة العربية لمصر (حينئذ).. توليت يا فهد تبعات القيادة.. قيادة تحركة العروبة والإسلام.. وأعانك شعبك في ذلك.. وليس هذا بغريب على الشعب السعودي.. فتحملت المملكة الغرم.. وأعطت الغنم.. ودفعت من مال شعبها الكثير والكثير.. بلا من ولا أذى.. وتحملت يا فهد تبعات الحرب العراقية الإيرانية.. أنت وإخوانك في الخليج.. وللمرة الالف تتحمل المملكة فواتير حرب.. لا ناقة لها فيها ولا جمل.. إلا مجرد الوقوف مع الشقيق العراقي.. والحديث ذو شجون.. وتحملت يا فهد قدراً من تبعات الحرب الأهلية في السودان.. وحرب الصومال وإثيوبيا.. والخصومات العربية العربية، وما أكثرها - وقتئذ - كل هذا إلى جانب الهم الأهم.. وهو القضية الفلسطينية. ما أكثر ما تحملت يا فهد.. قلبك الطيب الرحيم.. اتسع للعالم أجمع.. فبعد كل ما سبق.. إذا بأفغانستان.. وتحملت المملكة وتحمل الشعب.. ودفع الجميع من قوته وقوت أولاده.. لنجدة الإخوة الأفغان.. وجاهد الجميع بالمال.. وبالنفس.. وتأتي البوسنة والهرسك.. وحمامات الدم المسلم هناك.. قدرك يا فهد.. ثم جاءت الجمهوريات الإسلامية المستقلة عن الاتحاد السوفيتي (سابقاً).. والمسلمون في أنحاء العالم يتطلعون إلى الفهد.. وإلى قبلة المسلمين.. يطمعون في كرمها.. وفي سخاء أهلها. - 7 - فهد.. كنت في كل ما سبق.. واسطة عقد أهل الفضل والمروءات.. كنت في كل الملمات.. ليلة التمام من الشهر.. بل ليلة القدر حتى مطلع الفجر.. ما كللت يوماً.. وما كلت يمينك من كثرة العطاء.. وفي كل هذا وراءك شعب أصيل.. يعضدك.. ويشد من أزرك.. وما لقب خادم الحرمين الشريفين من قبيل الدعاية الإعلامية الممجوجة.. ولا من قبيل إضفاء ألقاب على ألقاب.. فقد حرمت الالقاب على نفسك.. إلا كونك خادماً للحرمين.. وكنت على موعد مع أقدار الله.. لقد شاء الله سبحانه وتعالى أن ييسر للمسلمين منسكهم.. حيث انتشر المسلمون في أصقاع الأرض.. وعلا صوتهم.. بعد أن تحرر كثير منهم من نير الشيوعية والإلحاد.. وكنت أنت النائل هذا الشرف الذي لا يدانيه أي شرف آخر وإن علا.. وكانت التوسعة التاريخية التي لم يسبق لها مثيل في تاريخ الاسلام كله.. للحرمين المكي والمدني.. واتسع الحرمان.. واتسعت الساحات.. وارتفعت المآذن بنداء التوحيد.. ونال الحجيج والمعتمرون والزوار من فائق العناية والرعاية.. ما لم يخطر على قلب بشر.. وتوافدت الجموع من صقاع الارض.. يلبون.. وينسكون.. وألسنتهم تلهج بالدعاء لهذا الخادم الكريم الذي ألهمه رب البيت.. إلى تقديم السقاية.. والرفادة.. والوفادة.. والسدانة بالشكل والمضمون اللذين يتناسبان مع جلال البيت وهيبته.. ومكانة النازلين ضيوفاً على الرحمن.. وأنت خادمهم.. فلا تسأل عن المال الطائل الذي أنفق على التوسعات.. بل سل عن مدى الرفاهية التي يشعر بها ضيوف الرحمن إذا حلوا.. فللبيت رب يحميه.. وللبيت خادم يسهر على راحة من حلوا فيه ضيوفاً على الله سبحانه.. فنعم الرب سبحانه واحد أحد لا شريك له.. ونعم البيت الحرم والقبلة.. ونعم الخادم هو فهد بن عبدالعزيز.. وصلى الله عليك يا رسول الله.. وصلى عليك الملائكة الاطهار.. والناس أجمعون.. أديت الأمانة.. وبلغت الرسالة.. وجاهدت في الله حق جهاده.. حتى أتاك اليقين.. أسأل الله أن تكون لفهد بن عبدالعزيز من الشافعين جزاء ما قدم لخدمة الحرمين الشريفين.. وللمسلمين. - 8 - ومن جليل ما قدمت يا فهد لخدمة الإسلام والمسلمين.. طباعة المصحف الشريف.. فقد رأيت بنظرك الثاقب.. وهمتك العالية.. قلة الاهتمام بطباعة المصحف الشريف.. وكثرت الأخطاء في المطبوع منه.. وتواضع الإمكانات الطباعية والإخراجية.. نظراً لقلة الإمكانات المالية.. ونظراً للمسؤوليات الجسام الملقاة على عاتق المملكة تجاه المسلمين في أصقاع الأرض.. فقد بادرت بإنشاء مجمع الملك فهد لطباعة المصحف الشريف في المدينةالمنورة.. ورصدت له - يا مولاي - ما يتناسب وجلال القرآن الكريم.. من إمكانات مالية ضخمة.. وخبراء متخصصين على أعلى مستوى من المهارة.. وأحدث التقنيات المستخدمة في الطباعة على مستوى العالم.. وخيرة حفظة الكتاب العظيم لضبطه وتصحيحه.. إلى جانب ترجمات معاني القرآن بكل اللغات.. والنسخ المسموعة من القرآن الكريم بأصوات ثلة من أجود المقرئين.. كل هذا لكي يتيسر للمسلم في كل مكان قراءة المصحف.. وخرج المصحف كأحسن ما يكون إخراجاً.. وطبعاً وتغليفاً من حيث الشكل.. ودقة وضبطاً غاية في الحرص والابداع.. من حيث المضمون.. هذا.. في الوقت الذي يطبع فيه من هذا المصحف ملايين النسخ سنوياً وبأحجام مختلفة.. وإخراج أنيق.. فاق التصور.. في يد كل مسلم.. في كافة أنحاء المعمورة.. فهنيئاً لك يا فهد.. فكل آية تقرأ في هذه المصاحف وهي بالملايين ثوابها في ميزان حسناتك.. بإذن الله تعالى. - 9 - وفي الوقت الذي انشق فيه الشقيق عن الصف.. شق الوحدة.. شق مبادىء الدين.. والعروبة.. والجوار.. واحتل العراقيون الكويت على حين غرة وخداع لا يليق بمسلم.. تجاه أخيه المسلم.. رفرفت حولنا أجنحة رعايتك.. واستترنا من هجير أزمة الخليج هذه بظلك.. واحتمينا بعرينك.. من قدر الأخ الشقيق المخادع.. وكان قرارك التاريخي.. بضرورة التصدي للخيانة.. وللجبن وللعدوان.. وطلبت معونة الأشقاء العرب.. وطلبت معونة الاصدقاء من محبي الحرية والسلام وحقوق الإنسان.. وكانت وقفتك الأبية.. إلى جانب الحق والشرعية.. إلى جانب الإخوة في الكويت.. وتحملت يا فهد العرب.. معظم فاتورة تلك الحرب التي انتهت بفضل الله ومنّه.. يدحر العدوان.. ورد الظالم على أعقابه.. وجنى الظالم ثمار غدره غسلينا وزقوماً. - 10 - سيدي ومولاي الفهد.. لقد تتابعت أفضالك.. تتابع القطر على القفر.. وترادفت منك.. ترادف اليسر إلى ذوي الحاجات والفقر.. لقد عمت أياديك الآفاق.. من شرق.. ومن غرب.. ولقد طوقت الاعناق بجميل صنائعك.. لقد حبست أياديك الشكر.. وقصرته عليك.. وليس هذا بكثير. لقد استعبدت أياديك البيض الحر.. وليس هذا بكثير.. لقد أثقلت كاهل الأحرار بجمائلك وحسنيات صنعك.. فما بالنا بذوي الحاجات والعاهات.. والفاقات.. والازمات.. والكوارث.. وليس هذا بكثير.. لقد توالت - يا مولاي - مننك توالي القطر.. واتسعت مننك سعة البر.. وسعة البحر.. فنحن محظوظون يا فهد.. أن عشنا في عصرك. وختاماً.. وليس بيننا وبينك ختام.. وليس بينك وبين التاريخ ختام.. أستودعك الله.. وخواتيم أعمالك.. وأدعو الله لك بالصحة الدائمة.. والعمر المديد.. فحياتك ليست مقصورة بعمرك المديد - إن شاء الله - بل ممتدة موصولة أبد الآبدين.. إلى أن يرث الله الأرض ومن عليها. وجزاك الله عنا.. وعن المسلمين في كل مكان.. وعن الإسلام خير الجزاء.. وعافك الله.. وأطال في عمرك.. ورحم الله والديك اللذين ربيا.. فأحسنا التربية.. ووجها.. فأجادا التوجيه.. وعلما فأبدعا في التعليم.. ويا أولاد عبدالعزيز أنتم قدرنا.. ونحن سعداء بأقدارنا.. ونحن قدركم.. أعانكم الله علينا.