بدأ الاهتمام بموضوع (حوكمة الشركات) Corporate Governance يأخذ حيزاً مهماً في أدبيات الاقتصاد إثر إفلاس بعض الشركات الدولية الكبرى مثل إنرون ووورلدكوم، وتعرض شركات دولية أخرى لصعوبات مالية كبيرة مثل سويس إير وفرانس تليكوم، وذلك حسب تقرير صدر عام 2004م لمصرف سويسري خاص تناول موضوع (حوكمة الشركات) والمسؤولية الاجتماعية للشركات الكبرى. وتعتمد (حوكمة الشركات) على عدة عوامل تشمل احترام حقوق حاملي الأسهم والمساواة بينهم وتحقيق العدالة وإشراكهم في اتخاذ القرارات وتوفير المعلومات بشفافية واضحة لكل حاملي الأسهم وتحديد مسؤولية وواجبات وحقوق أعضاء مجلس الإدارة. وتهدف هذه العوامل، أو الاستحقاقات، إلى التأكد من أن الشركة المساهمة تدار بطريقة سليمة وأنها تخضع للمراقبة والمتابعة والمساءلة. هذه العوامل تشكل في مجملها الأسس التي تحكم إدارة الشركات المساهمة في إطار الاقتصاد الحر، وتعمل ضمن الأسس العامة التي تحكم سوق المال ومنها الثقة في المعلومات المالية المصرح بها من الشركات المساهمة المدرجة في السوق، واستقلالية مراجعي الحسابات وعدم تأثرهم بمؤثرات خارجية، بالإضافة إلى دور الجهات الرسمية التي تراقب سوق المال، وهي في حالة الاقتصاد السعودي، هيئة السوق المالية السعودية. ولأن هيئة السوق المالية السعودية ما زالت في بداية أعمالها ولم تتح لها الفرصة كاملة لتأصيل مبادئ (حوكمة الشركات) في الاقتصاد السعودي، فإنه من المتوقع أن تكون الشركات المساهمة السعودية الملتزمة بأسس ومبادئ (حوكمة الشركات) قليلة نسبياً، وقد تكون في مقدمتها تلك الشركات التي تمتلك الحكوكة نسبة من رأسمالها مثل (سابك) أو الشركات الكبرى مثل البنوك التجارية. ويبدو لي أن هيئة السوق المالية السعودية ستكون قادرة مع الأيام على ضبط هذه الأسس والمبادئ وتفعيلها بحيث تخضع لها الشركات المساهمة، وتكون بالتالي سوق الأسهم السعودية مثالاً للتنظيم في الأسواق الناشئة. وهي ليست بالعملية الصعبة وإن كانت تحتاج إلى تفعيل جانب الرقابة والمتابعة من جانب هيئة سوق المال أولاً، ثم توعية حملة الأسهم بحقوقهم وأهمية الحضور والمشاركة في اجتماعات الجمعية العمومية للشركات المساهمة، وإبداء رأيهم بكل وضوح وشفافية بعيداً عن المجاملة أو التخاذل والتراجع. وإذا ما تمكنت هيئة السوق المالية السعودية من إحكام الالتزام بقواعد (حوكمة الشركات) يكون الاقتصاد السعودي قد أرسى دعائمه على أسس ومبادئ علمية واضحة.