من الأمور المهمة التي نود التنويه عنها في غرة هذا العرض حرص واهتمام الحكومات بالأمن كمبدأ حياتي مهم تستظل بظلاله الشعوب لتعيش حياة هادئة وهانئة.. فالأمن دافع شعوري ينبع من ذات الإنسان بقوة للحصول على مطالبه المادية والمعنوية التي لا يستطيع العيش بدونها، وباختلال الأمن تسود الفوضى وتضطرب الأحوال وتبدأ الصراعات.. والعولمة هي التعولم والعالمية ومعناها أن يصطبغ العالم بصبغة موحدة شاملة لجميع نواحي الحياة الاقتصادية والاجتماعية والفكرية، ولأهمية هذين الموضوعين وتأثير بعضهما على الآخر ألف اللواء عبدالرحمن الياسين الخبير الأمني السعودي كتاباً أسماه العولمة والأمن أطر فيه مفهوما حديثا في عالمنا الجديد، فعّرف العولمة وذكر آفاقها وملامحها وأخطارها، وكيف أن هناك سعيا مكثفا إلى قولبة العالم في سلة واحدة لوضع أسلوب ونموذج واحد صالح لحياة البشرية، فذكر أن المجال الاقتصادي أكثر المجالات تأثرا بفكرة العولمة وهو الركن الأساسي من بين المجالات الأخرى كالمجال السياسي والاجتماعي والثقافي والفكري موضحاً في سياق الكتاب أهمية الجانب الامني والأوجه المختلفة للنشاطات الإجرامية في نطاق العولمة، فذكر منها جرائم العنف والإرهاب وجرائم تهريب المخدرات وجرائم غسيل الأموال ومشكلة البطالة.. واضعا بعض الحلول لمعالجة تلك الجرائم والمشاكل، من أهمها فهم العولمة فهماً صحيحاً وتعريف مرتكزاتها وتحديد درجة مخاطرها، عن طريق البحث العلمي المقنن القائم على جمع المعلومات الدقيقة عن المخاطر وتحليلها علميا وأمنياً، ويتحقق ذلك في رأي المؤلف بتكاتف وتعاون الأجهزة الأمنية المختلفة في القضاء عليها، مع تثقيف الشعوب بأضرارها وعواقبها، مع الأخذ بمبدأ الوقاية خير من العلاج، بتفعيل دور الرقابة باستجلاء وقوع الحوادث للتصدي لها قبل وقوعها عن طريق وسائل الإعلام المباشرة وغير المباشرة مع التركيز والاستشهاد بالقيم والأخلاق الاسلامية، مختتماً الكتاب بإستراتيجية الأمن الشمولي الذي يقوم على توفير عناصر الأمان والاستقرار لجوانب الحياة الإنسانية ومظاهرها المختلفة على مستوى البيئة الاجتماعية والسياسية والاقتصادية، فالأمن الغذائي والأمن الصحي والأمن الاقتصادي والأمن الاجتماعي والأمن الفكري جميعها تشكل جانب الاطمئنان والاستقرار التي هي خلاصة لحالة الأمن المتكامل بأبعاده المتعددة التي لايستطيع الإنسان أن يمارس دوره المعيشي في ظل غيابها، فهو كتاب غني في محتواه ودقيق في عرضه وجديد في طرحه تناول جانباً مهماً في حياتنا وهو الامن.. فهل لنا أن نقرأه. خارج المتن: من جواهر العولمة انتشار المعلومات وتقنية الاتصالات مع الانفتاح على الآخر بكل ثقة بلا حدود ولا قيود.. فهل الخطط الأمنية قادرة على مواجهة هذا التحدي ومسايرته والسيطرة عليه.. نتمنى ذلك، ونحن قادرون بمشيئة الله تعالى.