في كل الأديان يعتبر الكذب رذيلة وفي كل المجتمعات يفقد من يعرف عنه صفة الكذب احترام الناس وثقتهم به، وبرغم أن الكذب غالباً ما تكون له مبرراته ودوافعه النفسية سواء عند الأطفال أو الكبار، إلا أننا نادراً ما نعترف أو ننتبه إلى هذه المبررات وتلك الدوافع، والسؤال الذي يطرح نفسه ما هي الدوافع التي تجعل الإنسان كبيراً أو صغيراً يكذب، ولماذا يفقد الكاذب احترامه بين الناس ووسط مجتمعه.. وهل هناك أنواع للكذب؟ ولكي نتطرق إلى البحث في جوانب هذا الموضوع كان (للجزيرة) هذا اللقاء مع الأستاذ الدكتور حسين محمد طلعت أستاذ الأمراض النفسية والعصبية حيث قال: الكذب حقيقة علمية إن الخوف من العقاب أو الرغبة في التميز بين الناس هما دافعان أساسيان للكذب ولكن المجتمع لا يعترف بهذه المبررات والدوافع، والكذب حقيقة علمية وهو حالة مرضية تستدعي العلاج النفسي خاصة لدى الأطفال حتى لا تتطور مع بلوغ الطفل سن المراهقة وما بعدها بحيث يصعب محاصرتها في المستقبل فتبقى من سمات شخصية الطفل، وهذا ينعكس على علاقاته وحياته الاجتماعية ويخلق أزمة ثقة بينه وبين المتعاملين معه. ويستطرد الدكتور حسين طلعت فيقول: لابد أن نُقّر بحقيقة أساسية وهامة وهي أن كل طفل يكذب إما خوفاً، وإما لأنه يحاول أن يكون متميزاً، والطفل يعرف الخوف منذ أيامه الأولى، يعرفه من الأصوات المرتفعة، ويعرفه من الألم الذي يتعرض له، ومن وجه أمه الغاضب إذا أخطأ في التصرف، ويعرفه من العقاب الذي يقع عليه إذا أخطأ. ويقول الدكتور حسين في حديثه (للجزيرة): إن هناك نوعاً من الكذب، هو نوع من أنواع الهوى بالأسطورة وفيه يحكي الطفل قصة طويلة مليئة بالتفاصيل يكون هو بطلها ومحورها أو قد يتخفى هو وراء البطل الذي يحكي عنه وأحياناً يصدّق الطفل نفسه القصة التي يحكيها، وهناك بعض الحالات تكون بسبب الذكاء الشديد للطفل وقدرته على التصور والخيال. واختتم الدكتور حسين طلعت حديثه (للجزيرة) بأن المشكلة التي تؤرق الأم هي كيف تعالج حالة الكذب عند طفلها.. والأمر يحتاج منها في هذه الحالة أن تراجع أسلوبها مع طفلها في تربيته وعلاقته بوالده فإذا كان أسلوباً يعتمد على القمع والقهر أو القسوة الزائدة التي لا تسمح بالخطأ، فعليها أن تستبدله بأسلوب آخر يعتمد على احترام الطفل وتوجيهه وبث الثقة في نفسه والتجاوز عن الأخطاء الخارجة عن إرادته وقدراته قدر الإمكان حتى ينشأ طفلاً سوياً لايعرف للكذب طريقا.