الإشارات الصادرة عن واشنطن إلى ضرورة إجراء انتخابات رئاسية نظيفة في مصر لتكون مثالاً يحتذى به في المنطقة هي إشارات متناقضة لما بدر منها منذ وقت قريب على لسان رئيسها بوش ووزيرة الخارجية رايس بأنهما على استعداد للتعامل مع التيار الإسلامي إذا أفرزته التجربة الديمقراطية للوصول للحكم، وهو الأمر الذي شجع هذا التيار على النزول إلى الشارع للفت الأنظار إلى قوته وحضوره في الفعاليات السياسية؛ مما سبب تراشقاً حاداً بين الأنظمة وعناصر هذا التيار ما زالت نتائجه تتفاعل يوماً بعد الآخر؛ فمن الواضح أن واشنطن تلاعب الأنظمة والقوى المناوئة لها من أجل كسب المعارضة ومعها الشارع السياسي في المنطقة، وكذلك الضغط على الأنظمة من أجل كسب المزيد من التنازلات لمصالحها؛ فقد حققت حتى الآن - من خلال تأييدها تيار الإخوان المسلمين - تحريكاً فاعلاً في الشارع السياسي المصري الذي شهد استقراراً طويلاً خلال الحقب الماضية. هذا التفاعل حفز الحزب الحاكم على النزول إلى الشارع من أجل كسبه لصفوفه وإقناعه بأن الاستقرار في الاستمرار. ولعل المكسب الوحيد من لعبة واشنطن ومخططها في المنطقة أن كل القوى السياسية احتكمت إلى رجل الشارع، وهذا ما أعتقد أنه المكسب الوحيد الفعلي من هذا الحراك السياسي الحاصل الآن؛ حتى يكون حضورها ورأيها هو الفيصل في المستقبل السياسي للمنطقة.