كل مجتمعات الدنيا تتكون من الأسرة، فهي اللبنة الرئيسية في بنائها، وعليه فإذا صلحت الأسرة صلح المجتمع بأسره، ولا يختلف اثنان على أن دور الأم في الأسرة - كونها المسؤول الأول عن البيت وشؤونه - دور جبار وعظيم، بالمقابل فإن دور الرجل - الذي يتمثل السواد الأعظم في مسؤوليته في الكد والكدح من أجل توفير لقمة العيش والمسكن المناسب لعائلته - لا يقل عظمة وأهمية إن لم يكن أهم وأعظم، إلا أن المشاكل الأسرية لا يخلو منها منزل من المنازل في كل المجتمعات، وهذا شيء مسلَّمٌ به، خاصة في مراحل الزواج الأولى أو السنوات الأولى، فقد تجد رجلا في الشارع يبتسم بوجهك ابتسامة عريضة ويخفي وراء تلك الابتسامة مشاكل أسرية لا حصر لها، ولكن خوفاً على أطفاله وأسرته وبيته يخفيها. من هذا المنطلق أوجه رسالة إلى مصدر من مصادر تلك المشاكل أو المنغصات ألا وهو (الحَمَاة) سواء أم الزوج أو أم الزوجة، فلها دور خطير جداً وفعّال. فغالبا أم الزوج بمجرد زواج ابنها ينتابها إحساس غريب يلحظه الكثير، وهو ذلك الشعور الذي يتمثل بأن زوجة ابنها اقتطعت جزءا منها، ومن هذا المنطلق يجب على كل زوجة أن تعامل أم زوجها بلطف ولين مهما بدر منها، وهذا يفرض على الزوجة التعامل بأسلوب خاص مع الحماة، فلا تعاملها بندية، بل يجب أن تعاملها بفطنة وذكاء، فتحسن استقبالها داخل المنزل، وتشعرها بأنها سعيدة بها، وان تحاول قدر المستطاع ألا تدع لذلك الشعور طريقاً إلى أم زوجها. بالمقابل فإن أم الزوجة ومن باب حسن النية أو الخوف على ابنتها تحاول التدخل في شؤون ابنتها فلذة كبدها، فتحشر نفسها في كل شاردة وواردة، وما تلك المنغصات التي تحدث في مراحل السنوات الأولى إلا ربما قد تكون لصالح ابنتها الصغيرة الجديدة على الزواج والتي لا تعرف الكثير من أمور المشاكل الأسرية، التي وصفها بعض الناس بقوله انها كالملح للطعام. من هذا المنطلق أقول لكل أمّ: اتقي الله في ابنتك وتفكري بالمثل الدارج في مجتمعنا السعودي (قبل تضمه اسأل عن أمه)، واسألي نفسك هل يُعقل أن هذا المثل المشهور بين الرجال عامة والشباب غير المتزوجين أو المقبلين على الزواج خاصة قد استُحدث من العدم؟؟ لا أعتقد.وهناك أيضا سببان مهمان لا يمكن أن نغفلهما، خاصة أنهما أصبحا ظاهرة خطيرة، وهما غياب القدوة والدور الذي تلعبه الحماة.. فالزوجات صغيرات السن يفتقرن للقدوة؛ لأن الأم لم تعد حريصة على تلقين ابنتها أساسيات الحياة الزوجية كما كان يحدث بالماضي، وأصبحت النظرة المادية تتحكم في كل شيء، وشاعت كلمة (أزوجك أحسن منه) على لسان الأمهات بالرغم من ازدياد نسبة العنوسة لدى الفتيات، وهذا أمر يجب أن تأخذه كل أمّ في عين الاعتبار. إلا أنه يجب على الأم إذا كانت تحب ابنتها أن تحافظ على بيت ابنتها بتعليمها الصبر مهما وصل الأمر بينهما، اذا كانت تحب ابنتها بحق. ولتسمح لي الأمهات أن أقول كلمة كي لا تزعل عليّ حماتي أو أم زوجتي: ليس كل الأمهات على هذه الطريقة، بل البعض منهن نسأل الله الهداية والصلاح للبعض، ومما لا يدع مجالاً للشك أن كل زوجة تبحث عن السعادة مع زوجها وتسعى لتحقيقها بمختلف الطرق والأساليب، باذلةً قصارى جهدها لتحقيق ذلك.. إلا أنه من النادر - إن لم يكن من المستحيل - أن تسير الحياة الزوجية سعيدة وهادئة كما يحلم أرباب الأسر من دون أن يصيبها فترة من فترات الركود أو الجمود في العلاقات الزوجية، وعليه فإن تقدير الزوجة للجهد المضاعف من قِبَل الزوج في البحث عن لقمة العيش الهنيئة والمسكن المريح له الأثر الفعّال في البُعد عن تلك المشاكل الزوجية، بالاضافة إلى تقليص ظاهرة بُعد الرجال عن بيوتهم ولجوئهم إلى الاستراحات والتي انتشرت بشكل مخيف وما ذاك الا هروب للزوج من البيت للبحث عن مكان بديل يجد فيه الراحة. [email protected]