تؤكِّد وقائع عدة أن الشبهات حول قيام حراس أمريكيين في سجن غوانتانامو بتدنيس القرآن الكريم تعود إلى أكثر من عام، إلا أن الجيش الأمريكي انتظر حتى اليوم للقيام بتحقيق حول الموضوع بعد ارتفاع الضجة حول هذه الشبهات. وأدى الخبر الذي نشرته مجلة نيوزويك الأمريكية مطلع الشهر الجاري حول قيام حراس في سجن غوانتانامو بتدنيس القرآن الكريم أمام سجناء مسلمين لإذلالهم ودفعهم إلى الإدلاء باعترافات، إلى قيام تظاهرات صاخبة في أفغانستان وفي العديد من الدول الإسلامية الأخرى. إلا أن وزارة الدفاع الأمريكية التي قررت فتح تحقيق بالموضوع زعمت أن المعلومات المتوافرة لديها حتى الآن لا تدل على حصول ممارسات من هذا النوع. وأمر الجنرال بانتز كرادوك الذي يتسلّم القيادة الجنوبية للجيش الأمريكي الثلاثاء بفتح تحقيق، وتزامن قراره مع قيام تظاهرات مناهضة للولايات المتحدة في أفغانستان ما أدى إلى وقوع العديد من القتلى. واستندت المجلة في عددها الصادر في التاسع من أيار- مايو إلى مصادر لم تكشف عنها للقول إن محققين في غوانتانامو (في محاولة منهم لإذلال المشتبه فيهم ودفعهم إلى الاعتراف كانوا يرمون نسخاً من القرآن الكريم في المراحيض). وأوقعت التظاهرات المناهضة للولايات المتحدة في أفغانستان إثر تسرّب هذه المعلومات 14 قتيلاً ومئات الجرحى وامتد الغضب إلى العديد من الدول الإسلامية. إلا أن وقائع عدة تؤكِّد أن خبر المجلة الأمريكية ليس سوى الخبر الأخير في سلسلة من الأخبار حول الموضوع نفسه تعود إلى آذار - مارس 2004 عندما كشف ثلاثة سجناء بريطانيين أطلق سراحهم من سجن غوانتانامو عن ممارسات من هذا النوع. وأعلن البريطانيون الثلاثة يومها في بيان مشترك أن حراس السجن كانوا يدوسون على نسخ من المصحف الشريف وقاموا حتى برمي نسخ من المصحف في أوعية كانت تستخدم كمراحيض من قبل السجناء. وقال آصف إقبال أحد البريطانيين المفرج عنهم (إن تصرفات الحراس كانت تهدف حسب رأيي إلى إذلالنا إلى أقصى درجة ممكنة). وأوضح البريطانيون الثلاثة أن مسالة تدنيس القرآن دفعت السجناء يومها إلى إعلان الإضراب عن الطعام. وفي كانون الثاني - يناير الماضي أعلن محامو محتجزين كويتيين في غوانتانامو أن موكليهم كشفوا لهم عن حالة واحدة على الأقل رمي فيها المصحف الشريف في المراحيض. وقالت المحامية كريستين هاسكي لوكالة فرانس برس (أبلغنا العديد من وكلائنا أن الحرس كانوا يدنسون القرآن الكريم). ولم تكشف السلطات العسكرية الأمريكية ما إذا كان الجيش الأمريكي فتح تحقيقاً في السابق حول الموضوع. إلا أن المحامية هاسكي تؤكِّد أن أي تحقيق لم يفتح قبلاً حول تدنيس القرآن الكريم. وتزعم وزارة الدفاع الأمريكية أنه لم يعثر حتى الآن سوى على معلومات حول حالة واحدة تم خلالها تدنيس القرآن ولكن من قبل أحد السجناء وليس الحراس. وتقول وزارة الدفاع إن السجين مزَّق صفحات من القرآن قبل أن يرميها في المرحاض احتجاجاً على سوء معاملته. واعتبر المسؤولون العسكريون الأمريكيون أن التظاهرات التي اندلعت في أفغانستان كانت عبارة عن تحرّك عفوي أكثر منه حملة منظّمة من قبل المعارضة.