عندما تشرق الشمس في الساعات الأولى من كل صباح نستشعر من خلالها بأنه قد ولد يوم جديد لهذا الوطن العزيز ومن خلال هذه الإشراقة المضيئة يتفاقم حب الوطن ويعلو على حب الذات، ومنه تتفتح مسامات الحياة العطرة بكل أطيافها لتعطينا دفعاً قوياً وجديداً للنهوض في ساحات العمل. لنبدع بها وهي بطبيعتها مصانع الرجال وأي رجال هم الذين يخرجون من هذا المعترك العظيم والشاق لينجزوا ما بدأه الآباء والأجداد.والآن قد جاء دورنا نحن الأحفاد فعلينا تنمية قدراتنا وتطويرها بأفكار منهجية مستوحاة من ديننا الحنيف والذي هو مصدرنا النقي والوحيد في توحدنا ضد كل من يسيء لنا وللوطن الغالي، فلا بد هنا ألا نعد ونستعد ونراقب حتى نرى هذا الوطن ينتقل إلى أبنائنا مشاعل المستقبل ولبناة العلم وديمومة الحياة فبهم يستمر العطاء ويتوصل الإبداع والعمل المتقن إلى الأجيال المتتابعة بكل وضوح وصلابة.. إذاً من هو هذا الوطن وكيف نراه؟ * الوطن هو عندما نسمع تغريد الطيور في أول خيوط الفجر عندها نستشعر أنها جزء من هذا الوطن العزيز وهي ليس بإيحائها لنا من خلال ترانيمها العذبة فقط ولكن بانطلاقها في سماء الوطن بحرية تامة دون منتقص يعوقها في حركتها عندما تتنقل بين الأشجار وتنتقل من غصن إلى غصن لتلتقط غذاءها. * الوطن هو عندما نرى الطرق والشوارع والمدن الحديثة وصروحها العلمية التصنيعية منها والتقنية بكل ما تحتويه من كفاءات وطنية مخلصة قد نذرت نفسها لخدمة وحماية هذا الوطن من كل غادر عندها نستشعر بأن من ساهم في نشأتها وإدارتها هم جزء من هذا الوطن وكيانه الحصين. * الوطن هو كالأب الذي يصرع الحياة ويكابد فيها ليحقق جواً معيشياً لأبنائه ضمن القدرات التي يمتلكها وإن كانت محدودة وذاتية لينمو به الأبناء في الإطار الاجتماعي الصحيح فنراه يعطي ويغدق دون أن يسأل متى وكيف ترد لي ما أعطيتك. * الوطن هو كالأم الحنون التي تحتضن وتربي أبناءها دون كلل أو ملل وتفني عمرها وتجعل ما صنعت من الرجال عجلة للحياة لتكون مدعاة للفخر تقدمه منحة لخدمة الوطن دون مقابل ترتجيه. * الوطن هو المعلم الذي يربي وينشئ الأجيال الصالحة محملة بنور العلم والإيمان والصفات النبيلة كالصدق والإخلاص والأمانة وحب الخير للآخرين والعمل من أجلهم ومن خلال هذه الصفات تستطيع هذه الأجيال حمل مشاعل من نور لتضيء الدرب لنهضة المجتمعات ورقيها لتجعلها في مصاف الدول المتقدمة. لم يبق لنا شيء نقدمه لهذا الوطن الغالي على قلوبنا ألا أن نحبه في إخلاص وتفان دون أن يكون هذا الحب والاعتزاز مقيداً بفائدة مرجوة أو مصلحة مرتقبة بل علينا التضحية من أجله بلا حدود وبكل ما نملك دون تردد أو جحود فهو خير من يستحق الخير كله.نعم نخدمه بعقولنا التي تعلمت به ومن خلال ما تعلمناه نوصله للآخرين بكل صدق وأمانة. نعم نخدمه بعيوننا لنسهر على أمنه وحماية مقدساته ومنجزاته النهضوية ولا نتركه بأيدي العابثين والمخربين بل ليكون أمانة بيد المرشدين الصالحين الصادقين. نعم نخدمه بأجسادنا كدروع في ساحة الوغى لدحر أعداء المسلمين في كل الميادين.نعم فليبق هذا الوطن مشعلة تنير دروب المجاهدين الصادقين. نعم فليبق هذا الوطن مفخرة لكل الطيبين الطاهرين. بل سيبقى بإذن الله هذا الوطن خنجراً في صدور الطامعين.