* جولة ميدانية - كتبها وصورها - حمّاد بن حامد السالمي: * بعد سنوات من الانتظار الممض، جاء الغيث هذا العام، غميماً عميماً، فشمل سراة منطقة الباحة وتهامتها، وارتوت الأرض، فاهتزت وربت، وأعلنت عن ربيع مبهر مزهر، في الأودية كما في الجبال والقمم. * قضيت ساعات من نهارغائم في ربوع الباحة، فغمرني السرور بما رأيت وشاهدت، فحمدت الله على أن أنعم على هذا الجزء الجميل من بلادنا، بخيرات كثيرة، يتقدمها جمال الطبيعة، ولطافة الجو، فتذكرت اللواء الشاعر الرقيق علي صالح أحمد الغامدي - رحمه الله - وكأنه قام من قبره، ليصف لي هنا، ما أرى من مشهد مبهج في ربوع الباحة الجميلة. * قال - رحمه الله - ذات يوم، وهو يتغنى بمنطقته ومسقط رأسه: الطلُّ في حدق الزهور مشعشع كاللؤلؤ المنثور بالألوان أبرق الغيث جاد الروض من هتَّانه فبكلّ عاطرة براعمه تفتّق يدعو بطيب نسيمه أهل الهوى أن ينهضوا للحب من قبل التفرق تلك الطبيعة في جمال فنونها لله تشهد ليس غير الله يخلق في هذه الآيات من إبداعه وحي بأن الله بالإنسان أشفق إني أحبُّ وليس في حبّ العُلا لومٌ وأن الشيخ مثل النّاس يعشق لا ادّعي حباً لغايات الصبا كلا ولكني أحب فمن يُصدّق؟ نفسي تهيمُ بكل حسن رائع لو أنّها شاخت ففي العليا تحلّق والناس مثلي كلهم أرأيت من لا يستبيه الحسن فيهم إن تطرق * إن أبناء الباحة كافة في كل ميدان هم فيه ظلوا ومازالوا، قريبين أو بعيدين عن هذه الباحة الجميلة أوفياء للطبيعة التي عاشوا في أحضانها ، مأخوذين بفتنة الجمال في أرضها، وسمائها، وهوائها، وناسها، وشعرها، وأصداء العرضة في ساحاتها. * شاعر آخر مبدع من هذه الربوع الخُضر هو الأستاذ حسن بن محمد حسن الزهراني، كان حاضراً معي في جولتي في الباحة، بشعره الحائم أبداً في سماء وفضاءات الأطاولة، والقسمة، ورغدان وبني ظبيان وبلجرشي والمخواة والعقيق، والقرى وذي عين والمندق، وحماحم الرياحين في القمم التي تستضيف غيمات المطر صباح مساء. يقول الشاعر حسن الزهراني في الباحة حين يراها نخلة للأمجاد: أسرتِ قلب المعنى يا رُبا الباحة فجاء يسكب في كفيكِ أفراحه أتاك ينظم أشعار الهوى دُرراً لروضةٍ بعبير الحسن فواحه يا باحة الشعر والألحان قافيتي تحيتي وشجون القلب منداحة يا عشقنا السرمديّ الروح هائمةٌ بحُسنِك العذبِ والأشواق فضاحه يا جدولاً جدل الشلال في بصري يا واحة نقشت في مهجتي واحه فراشةٌ في رياض الروح سابحةٌ بلابل فوق غصن القلب صداحه إني أتيتكِ شوق القلب يحملني على أكُفّ المنى والنفس مرتاحه أتاكِ يا نخلة الأمجاد مبتهل ملأتِ بالطُهرِ والأحلام أقداحه أتاك يشكو ظلام الدهر منطفئ أضأتِ بالحب والإيمان مصباحه أتاك يا روعة الأنغام مكتئبٌ كتبتِ في لوحة الإلهامِ إفصاحه فقال حين ارتوى من نَهر بهجتهِ