يتعاظم أثر المسؤولية عند وقوع الكثير من السلبيات في المجتمع، والتي تحدث بين حين وآخر، وتحديد مَنْ يقع عليه اللوم في وقوعها.. وغالبا ما تكون نتائج بعض هذه السلبيات مدمرة ومحزنة قد تستأثر بالاهتمام لمرحلة معينة وقتية تفقد بريقها أو أثرها حال انتهائها، وتظل ترددها الألسن دون أن يكون لها تأثير على الواقع. البعض منا يسارع دائما الى تحميل غيره المسؤولية، تارة بالتقصير وتارة أخرى بالإهمال عند وقوع الحدث، ولا يحاسب نفسه قبل ان يرمي الى غيره المسؤولية. نحن ندرك ان هناك سلبيات تقوم على عدم الاهتمام من قبل فرد، ولكنها لا تقع على عاتق أفراد مجتمعين، فهناك من لا يقدر العواقب إلا عندما يقع فيها، بحيث يتعامل مع محيطه بشكل عشوائي بعيدا عن الانضباط والحرص. وإذا أخذنا جانب الأسرة كمثال، حيث تنصب المسؤولية وبشكل أساس على الوالدين لما لهما من دور كبير في التوجيه والإرشاد، ولأنهما قدوة الابن منذ خروجه الى هذه الحياة، ويتعاظم دورهما كلما زادت متطلبات الابن في مراحل عمره المختلفة حتى يصبح إنساناً يستطيع أن يعتمد على نفسه.. وبما أن الابن يعتبر والديه القدوة فلماذا يعطي بعض الآباء صورة سلبية عند التعامل مع الواقع، والمقصود هنا هو ان الأب لا يحاول ان يتصرف امام ابنه وفق السلوك الصحيح سواء كان هذا داخل الأسرة أو خارجها، والأمثلة كثيرة.. فعندما يذهب الابن الى المدرسة ويحدث منه سلوك منحرف بسبب إهمال الأسرة تجد ان الأب يحمل المدرسة عدم التعامل بقدر من المسؤولية مع ابنه وينسى انه كان له دور في حدوث هذا السلوك المنحرف، وهذا ناتج الى الإهمال في عملية التربية التي لا تقتصر على المدرسة وحدها بل تشمل الأسرة، فلماذا لا يعطي الاب ابنه السلوك الصحيح عند التعامل مع الواقع، فلا يقوم ببعض الأعمال والأقوال والتصرفات التي تتنافى مع دينه وقيمه، وايضا لا تساعد على احترامه لكل ما حوله وتقدير قيمته، بحيث ينشأ معه بتلك التصرفات معتقد أنها هي الطريقة المثلى للحياة، ونلاحظ ذلك بشكل واضح في المدرسة، فتجد ان الابن ينقل عن والده أو محيط اسرته كل تصرف سواء كان خطأ أو صحيحا معتقدا أنه على صواب. وهذا بدوره ينعكس على شخصية الابن في حياته ليس فقط في المدرسة بل يشمل مجتمعه وعند تعاطيه مع واقعه بحيث ان تلك التصرفات تظل تأسره مع الوقت، وفي نهاية المطاف نخسر الشيء الكثير ونراوح المكان ولا يكون هناك أثر يذكر للوسائل التي نقوم بها من اجل التوعية مهما طرحت أو عرضت؛ فالانطلاق لابد ان يكون من الأسرة.. وهنا نسأل: لماذا لا يقوم الأب بتربية أبنائه على الكثير من السلوكيات التي ترتقي بهم الى التعامل العقلاني مع واقعهم، والتي توجب من الأب هو نفسه في البداية ان يعطي هو مثالاً صادقاً عن ذلك؟ كل هذا سوف ينعكس ايجاباً ليس فقط على الأسرة بل يتعداه الى المجتمع ككل. واذا كان كل واحد منا يتمنى لأبنائه الشيء الكثير، فلا يجب ان يقتصر دوره فقط على توفير متطلباتهم، بل إدراك أهمية أن يبني شخصية الابن نحو الأفضل معتمدا على ترسيخ القيم الإسلامية لديه، التي ترفع من مكانته وقدره. فإذا أردنا محو تلك السلبيات، فيجب أن تدرك كل أسرة مسؤوليتها؛ لأنها هي الأساس، ولا نُحمّل المسؤولية الآخرين وحدهم وننسى ان الأسرة تشكل النصيب الأكبر في تحمل المسؤولية، وكذلك إذا أردنا إيجاد أفراد يتمتعون بوعي كافٍ يحافظ على كل إنجازات الوطن.