قال الحريري: يا خاطب الدنيا الدنية إنها ترك الردى، وقرارة الأقدار دار متى أضحكت في يومها أبكت غدا، تبا لها من دار وقال غيره: تبا لدار لا يدوم نعيمها وعامرها عما قليل يخرب في يوم الأحد الموافق 18 محرم 1426ه ودعت أسرتنا فقيدها الغالي عبدالرحمن بن عبدالعزيز السليمان أبا حسين عن عمر ناهز الخامسة والسبعين تقريبا حيث صلي عليه في المسجد الجامع بحي الجلوية في مدينة الدمام بعد صلاة العصر ودفن في مقبرته في حشد هائل من أقاربه ومعارفه ومحبيه الذين قدموا من أقطار الشرقية والرياض وأشيقر. *** عرفته - رحمه الله - طاهر القلب، عف اللسان، هادئ الطبع، وقورا، لا تفارق وجهه الابتسامة، محبوبا عند الناس واصلا لرحمه، بارا بوالديه، راعيا لهما حق رعايتهما، لا سيما عند كبر سنهما مهيئا لهما كافة شؤون الحياة حتى توفى الله والده في مدينة الجبيل ثم نقل والدته عنده في الدمام واشترى لها منزلا مستقلا حتى اختارها الله إلى جواره، ولم يقف عند هذا الحد بل أتى ذوي القربى حقهم حيث كان سخيا بماله في الملمات يهب ويقرض المحتاج ويعين الشاب المتزوج إضافة إلى بذله وعطائه للجمعيات الخيرية. *** عرفته عصاميا كافح لطلب لقمة العيش، فشق طريقه في الحياة وسافر في ريعان شبابه من بلدته أشيقر إلى المنطقة الشرقية مع رفقة من أبناء عمه والتحقوا بشركة أرامكو في بدايات عملها واستقر بهم المطاف في مدينة رحيمة (رأس تنورة) فأمضى - رحمه الله - زهرة شبابه في أعمال الشركة حتى شاب رأسه وذبل عوده وتجعد وجهه وذاق حلو الليالي ومرها، ثم تقاعد كغيره وهو - وإن تقاعد - فإنه لم يستسلم للكسل ولم يخلد للراحة وهو المحنك الذي صقلته التجارب وخاض غمار الحياة وتخرج من جامعتها فقد ساهم مع شركائه في تنمية الوطن بمشاريع ناجحة استثمر فيها حصيلة جهاده فآتت أكلها وقطف ثمارها وتحقق له ما كان يؤمله ويطمح إليه. إنه ابن عم شقيق وشريكي في الاسم، فقد سمتنا جدتنا - جميعا - من جهة الأب على أبيها وقد رغبت ذلك من أبنائها - والدي منصور ووالده عبدالعزيز رحمهم الله جميعا - ولا شك أن التسمية على الآباء والأجداد محبب إلى النفوس بل من الوفاء وصلة الرحم. وأخيرا نقول: إن القلب ليحزن، وإن العين لتدمع، وإنا على فراقك يا أبا عبدالله لمحزونون، إنها سنة الله في خلقه. وما الناس إلا هالك وابن هالك وذو نسب في الهالكين عريق ويقول كعب بن زهير: فقلت خلوا سبيلي لا أبالكم فكل ما قدر الرحمن مفعول كل ابن أنثى وإن طالت سلامته يوما على آلة حدباء محمول ودعواتنا الخالصة أن يشملك الله برحمته، وأن يفسح لك في قبرك وأن يجعل مثواك جنات النعيم. وجبر الله مصيبتنا ومصيبة أولادك ووالدتهم وإخوانك وأختك وكافة أسرتنا ومحبيك {إِنَّا لِلّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعونَ}.