اعترف وزير العمل الدكتور غازي عبدالرحمن القصيبي، أن وزارته ليس باستطاعتها فرض التحكم والسيطرة على القطاع الخاص واخضاعه بالقوة لتنفيذ قرارات توظيف العمالة الوطنية، لكنها تنظر إليه باعتباره شريكاً لها في مهمة التوجه لخفض حجم معدلات البطالة بتحقيق أهداف توظيف السعوديين، وليس على أنه طرف يجب إخضاعه للإذعان لتنفيذ قرارات السعودة.. وشدد على القول إن وزارته تعتبر أن وجود عاطل سعودي واحد سواء كان ذكراً أو أنثى جدير بأن يُبذل من أجله أقصى جهد لكي يحصل (أو تحصل) على عمل.. وأضاف: لا أتصور أن تكون هناك مشكلة حقيقية في إيجاد وظيفة في القطاع الخاص لمن يبحث عنها من المواطنين بشكل جاد.. وقلل الوزير القصيبي في حديث شامل وصريح عن البطالة ل(الجزيرة) من أهمية القول بتفاقم ظاهرة البطالة مما قد يشكل تهديداً للاستقرار الاجتماعي والاقتصادي والسياسي، مشيراً إلى أن إحصائيات معدلات البطالة متغيرة من وقت لآخر وأن ما ينشر من أرقام ونسب يعبر عن فترات زمنية متفاوتة ومن أن ما يصدر عن جهات غير رسمية هو مجرد اجتهادات وتقديرات عشوائية.. وأكد وجود بطالة بين الإناث أكثر من الذكور وفقاً للتقديرات الرسمية الصادرة من مصلحة الإحصاءات العامة، موضحاً أن وزارته ستبدأ خلال فترة قادمة بإجراء حملة لحصر طالبات العمل من السعوديات عندما تتوفر التجهيزات والترتيبات اللازمة لإجرائها.. واعتبر وزير العمل أن البطالة في السعودية هي بطالة هيكلية وليست نتيجة للأداء الاقتصادي السلبي من عجز أو كساد اقتصادي بدليل وجود ملايين الوافدين العاملين في المملكة.. وعزا انخفاض معدل مشاركة السعوديين في قوة العمل لكون غالبية المجتمع من صغار السن إما لأن أعمارهم دون سن العمل أو لأنهم في مرحلة التعليم، وكذلك بسبب انخفاض مشاركة المرأة.. وألمح الوزير القصيبي إلى أن مخرجات التعليم مثلت إخفاقاً في عملية بناء الكوادر البشرية الوطنية الملائمة لسوق العمل مما كان سيسهم في توظيف العمالة الوطنية وإحلالها محل العمالة الوافدة والتقليل من نسبة البطالة، مشيراً إلى جهود تبذل حالياً لإعادة هيكلة أقسام وكليات ومناهج الجامعات ومؤسسات التعليم والتدريب لتواكب متطلبات سوق العمل من الكفاءات الوطنية المؤهلة.. وأكد وجود أبعاد اجتماعية واقتصادية وغيرها وعوامل متداخلة كانت وراء نشوء البطالة ومن أنها سبب من أسباب انحراف الشباب وضرورة مراعاة هذا الجانب المهم في الجهود والمساعي المبذولة حالياً لمعالجة وتطويق هذه المشكلة.. وكشف وزير العمل أن وزارته تخطط الآن لإطلاق مشروع يتضمن آليات جديدة للتوظيف مبنية على تجارب بعض دول الاتحاد الأوروبي لإيجاد فرص عمل متزايدة للعمالة الوطنية والإسهام في خفض معدل البطالة.. وأوضح أن نتائج تطبيق خطة تدريب وتوظيف 155.579 من طالبي العمل من المواطنين السعوديين ستظهر خلال الأشهر القليلة القادمة تمهيداً لتوظيفهم في القطاع الخاص.. وأشار إلى استبعاد 24.864 ألف طالب من اصل إجمالي المتقدمين للتسجيل الذين بلغ عددهم عند انتهاء الحملة 180.443 طالب عمل، بعد أن ثبت أن لديهم عملاً أو أنهم من أصحاب المنشآت أو تكرر تسجيلهم.. ونوه إلى وجود خطوات جادة تقوم بها حالياً وزارته لتقليص استقدام العمالة الهامشية وربط طلبات الاستقدام بالحاجة الفعلية وحصره في الوظائف التي لا يتوفر سعوديون مؤهلون لشغلها أو لا يُقبلون عليها مع وجود حاجة لها.. وذكر أن هذه الجهود أدت إلى خفض عدد تأشيرات الاستقدام الممنوحة للمنشآت والأفراد من 832.244 تأشيرة في عام 1424ه إلى 684.201 تأشيرة في عام 1425ه وبنسبة 17.8%.. ولم يقر الوزير القصيبي بإغلاق ملف التستر نهائياً، لكنه توقع زيادة فعالية مكافحة التستر بصدور النظام الجديد لمكافحة التستر بما يشتمل عليه من آليات وإجراءات للحد من التستر وإسناد التحقيق في هذه القضايا إلى هيئة التحقيق والإدعاء العام وإسناد الحكم فيها ديوان المظالم، واعترف بوجود (بعض الفئات) التي تستقدم عمالة هامشية تطلقها في سوق العمل وتتستر عليها، مؤكداً أن وزارته تسعى لزيادة عدد المفتشين للمتابعة الميدانية لتطبيق الأنظمة والقرارات للحد من انعكاسات هذه الظاهرة على سوق العمل وتوظيف القوى العاملة الوطنية.. وفيما يلي نص الحديث: * أكدت الإحصائيات أن حجم البطالة بين السعوديين بلغ حجماً قد يهدد الاستقرار الاجتماعي والاقتصادي والسياسي، الأمر الذي يستوجب اتخاذ سياسيات اقتصادية تنهي انكماش فرص العمل المتاحة للمواطنين. فما هي الحلول المطروحة لدى الحكومة لإخراج سوق العمل من هواجس البطالة؟ - معالجة مشكلة البطالة تمثل قمة اهتمامات وأولويات وزارة العمل. وكخطوة عملية لحل هذه المشكلة، قامت الوزارة أخيراً وبالتعاون مع المؤسسة العامة للتعليم الفني والتدريب المهني والمؤسسة العامة للتأمينات الاجتماعية وصندوق تنمية الموارد البشرية، بحملة واسعة لتسجيل طالبي العمل من المواطنين السعوديين بغرض حصر أعدادهم الفعلية، ومعرفة خصائصهم وتطلعاتهم وميولهم تمهيداً لتوظيفهم في القطاع الخاص. وعند انتهاء الحملة، بلغ إجمالي المتقدمين للتسجيل (180443) طالب عمل، إلا أنه تم استبعاد (24864) منهم بعد أن ثبت أن لديهم عملاً، أو أنهم من أصحاب المنشآت، أو تكرر تسجيلهم، فأصبح عدد المسجلين بالوزارة للتوظيف (155579) طالب عمل. وبدأت الوزارة في إعداد وتطبيق خطة شاملة لتدريب وتوظيف هؤلاء المسجلين، ومن المتوقع أن تظهر نتائج تطبيق هذه الخطة خلال الأشهر القليلة القادمة. كما اتخذت الوزارة خطوات جادة لترشيد الاستقدام وأدت تلك الجهود إلى تخفيض عدد تأشيرات الاستقدام الممنوحة للمنشآت والأفراد من 832244 تأشيرة في عام 1424ه إلى 684201 تأشيرة في عام 1425ه وبنسبة (17.8%). وأعلنت الوزارة عن سياسة شراكة وتعاون مع القطاع الخاص مما جعل بعض الشركات تبادر بوضع خطط للسعودة بها خلال السنوات القادمة. وهناك أيضاً مشروع يتضمن آليات جديدة للتوظيف مبينة على تجارب بعض دول الاتحاد الأوروبي سيتم تطبيقه بالتعاون بين وزارة العمل وصندوق تنمية الموارد البشرية. ونتوقع أن يؤدي تطبيق جميع هذه السياسات والإجراءات والآليات، وغيرها من الجهود الأخرى، إلى إتاحة فرص عمل متزايدة للعمالة الوطنية والمساهمة في تخفيض معدل البطالة. * الإحصائيات لمعدل حجم ظاهرة البطالة متضاربة وغير دقيقة. هناك من يقول 9%، ومجلس القوى العاملة السابق يقول 8%، ومصلحة الإحصاءات العامة تقول 8.15%، وآخرون يقولون 13%، ومؤسسة النقد تقول 31%، فأين هي الحقيقية لنقطع الشك باليقين لمعرفة الحجم الحقيقي للبطالة؟ - ما أشرت إليه من أرقام ونسب خاصة تلك الصادرة من الجهات الرسمية مثل مصلحة الإحصاءات العامة ومجلس القوى العاملة السابق، تعبر عن فترات زمنية متفاوتة. ولذلك من الطبيعي أن تكون معدلات البطالة متغيرة من وقت لآخر. أما فيما يتعلق بالأرقام والنسب الصادرة من جهات غير رسمية فهي غالباً ما تكون اجتهادات وتقديرات عشوائية مبنية على بيانات جزئية أو إحصائيات تم جمعها لأهداف وأغراض لا ترتبط مباشرة بحساب معدل البطالة. وعلى أي حال فإن حملة حصر وتوظيف طالبي العمل من السعوديين التي قامت بها وزارة العمل مؤخراً أثبتت أن نسبة عدد العاطلين الذكور، ممثلاً في عدد طالبي العمل المسجلين بالوزارة، تبلغ 4.9% من إجمالي قوة العمل من السعوديين الذكور، وهذه إحصائية ميدانية دقيقة وليست تقديرات عشوائية. وسيتم إجراء حملة مماثلة لحصر طالبات العمل من السعوديات خلال فترة قادمة عندما تتوفر التجهيزات والترتيبات اللازمة لإجرائها. * لماذا التهرب من الإقرار بالمعدل الحقيقي للبطالة، هل لأنها مؤشر للأداء الاقتصادي السلبي؟ - ليس هناك تهرب، وقد أوضحت لك في إجابتي السابقة البيانات التي وفرتها حملة وزارة العمل لحصر طالبي العمل من السعوديين، علماً بأن مصلحة الإحصاءات العامة هي الجهة الرسمية المعنية - بحكم الاختصاص - بتقدير معدل البطالة بشكل منتظم. * معدل البطالة يقاس عادة ولا يخمن، وهو يمثل النسبة المئوية للعاطلين إلى إجمالي قوة العمل. فهل فكرتم عند إطلاق برنامج توظيف العاطلين عن العمل معرفة أعداد العاطلين الذين يحسبون ضمن قوة العمل لكنهم غير منتجين؟ - إذا كنت تقصد من سؤالك البطالة المقنعة، فإن هذا النوع من البطالة لا يمكن قياسها ضمن معدلات البطالة المستخدمة في أي بلد من بلدان العالم، لأن البطالة المقنعة تمثل حالة الأشخاص الذين يشغلون وظائف ولكنهم غير منتجين، ومعروف أن كل شخص لديه عمل أو يشغل وظيفة لا يعتبر عاطلاً ولا يدخل ضمن حسابات معدل البطالة. أما البطالة المقنعة فهي مصطلح فضفاض يرتبط بمستوى الإنتاجية الذي يُقاس من قبل كل منشأة وفقاً لمعايير وأسس معينة حيث إن المنشأة هي التي في إمكانها أن تُقدر ما إذا كان مستوى إنتاجية العاملين لديها مقبولاً أو غير مقبول في ضوء متطلبات الوظائف التي يشغلونها ومعايير قياس الأداء المتبعة. وقد يقوم بعض الدارسين بتعميم هذه النتائج الجزئية، ولكن ذلك - مرة أخرى - لا يدخل في مقاييس معدلات البطالة المتداولة. * كيف تنظرون لخطورة الآثار الاجتماعية والاقتصادية والأمنية والسياسية والنفسية بعد تفاقم ظاهرة البطالة التي تزداد بين الذكور أكثر من الإناث؟ ثم ما هي برأيكم الأسباب التي أدت إلى زيادة معدلات البطالة في السنوات الأخيرة؟ - يحتوي سؤالك على معلومات غير دقيقة لأن معدل البطالة للإناث أكثر من معدل البطالة للذكور في المملكة طبقاً للتقديرات الرسمية الصادرة من مصلحة الإحصاءات العامة خلال السنوات الماضية. أما فيما يتعلق بالبطالة بين الذكور، فإننا نعتقد أنها لم تتفاقم حيث كانت 7.57% وفق تقديرات مصلحة الإحصاءات العامة لعام 1423ه بينما تشير البيانات الميدانية الحديثة التي توفرت من حملة وزارة العمل أن نسبة طالبي العمل المسجلين لدى الوزارة تبلغ 4.9% من قوة العمل السعودية من الذكور. ومع ذلك فإن وزارة العمل تعتبر أن وجود عاطل سعودي واحد سواء كان ذكراً أو أنثى جدير بأن يُبذل من أجله أقصى جهد لكي يحصل (أو تحصل) على عمل. * من أشكال البطالة في المملكة (بطالة مزاحمة)، أي مزاحمة العمالة الوافدة للعمالة الوطنية، وأعني الداخلين الجدد لسوق العمل في الوقت الذي أخفق فيه برنامج الإحلال الذي توقعته الخطة الخمسية السادسة للدولة (95-2000) حيث نجد سعودياً واحداً من كل ثلاثة سعوديين ضمن قوة العمل الذي تمثل فيه نسبة المشاركة الوطنية 33% في حين تتجاوز مساهمة العمالة الوافدة 25%. وهناك من يقول إن من أهم هذه الأسباب العشوائية في نظام الاستقدام وعدم اقتصاره على استقدام العمالة الماهرة وإساءة استخدام نظام صاحب العمل وتقادم نظام العمل والعمال أمام المتغيرات وتضارب بعض القرارات مما أدى إلى اختلال سوق العمل وتدني مستوى مرونته لتشغيل الأيدي العاملة الوطنية. هل أستطيع معرفة رأيكم؟ - انخفاض معدل مشاركة السعوديين في قوة العمل ناتج من عوامل عديدة منها أن المجتمع السعودي مجتمع فتي لكثرة صغار السن الذين يُعتبرون خارج قوة العمل إما لأن أعمارهم دون سن العمل أو لأنهم في مرحلة التعليم، وكذلك بسبب انخفاض مشاركة المرأة. ومن الطبيعي أن يكون معدل المشاركة بين غير السعوديين عالياً لأنهم استقدموا أساساً كعاملين ومعظمهم موجودون في المملكة بدون عوائلهم. أما فيما يتعلق بمزاحمة العمالة الوافدة للعمالة الوطنية، فإن وزارة العمل تقوم حالياً بجهود حثيثة لترشيد الاستقدام وربطه بالحاجة الفعلية، وتسعى لأن يكون الاستقدام محصوراً بقدر الإمكان في الوظائف التي لا يتوفر سعوديون مؤهلون لشغلها أو لا يُقبلون عليها مع وجود حاجة لها. وكما ذكرت سابقاً فقد أدت جهود الوزارة إلى أن هبط عدد التأشيرات خلال العام الماضي بنسبة (17.8%). ومع ذلك أنت تقرأ وتسمع النقد الذي يوجه للوزارة بين الحين والآخر بسبب من لا يروق له ترشيد الاستقدام. * هناك من يرى أن من أسباب البطالة مخرجات التعليم وابتعادها عن توفير الاحتياجات الفعلية من التخصصات المطلوبة لسوق العمل.. فهل تؤيدون الرأي بأن التعليم ومناهجه مثل إخفاقاً حقيقياً في توفير العمالة الوطنية التي تغطي احتياجات مجالات العمل، ثم ما هي الجهود المبذولة لمعالجة وتطويق آثار هذه المشكلة لئلا تتضخم مع مرور الزمن؟ -لا شك بأن مستوى مخرجات التعليم والتدريب، من حيث النوعية والعدد، مهم في عملية بناء الكوادر البشرية الوطنية. ويتأثر سوق العمل بشكل مباشر إذا حدثت اختلالات في التعليم أو التدريب. ولذلك عندما تكون مخرجات التعليم ملائمة لسوق العمل فإنه من الطبيعي أن يساعد ذلك على توظيف العمالة الوطنية وإحلالها محل العمالة الوافدة، ويقلل من نسبة البطالة. وتُبذل في الوقت الحاضر جهود مشكورة من قبل الجامعات ومؤسسات التعليم والتدريب الأخرى لإعادة هيكلة أقسامها وكلياتها ومناهجها لكي تواكب متطلبات سوق العمل من الكفاءات الوطنية المؤهلة. * الشباب يتكدسون في البيوت فلا يجدون عملاً يشغلهم ولا أي وظيفة تقبلهم، وأصبح الفراغ شغلهم الشاغل.. ألا ترون أن البطالة هي بداية الطريق نحو الانحراف، وما الذي استعدت به وزارتكم لمحاربة البطالة مثلما تتم محاربة المخدرات وكل الشرور الأخرى؟ - ليس هناك اختلاف في أن البطالة سبب من أسباب الانحراف. وهذا جانب مهم ينبغي مراعاته، إلا أننا لا ننطلق في سعينا لمعالجة البطالة من هذا الجانب فقط، وإنما ننطلق أيضاً من كون القوى العاملة الوطنية تمثل الثروة الحقيقية للوطن، وأن العمل حق مشروع لكل مواطن ووسيلة يساهم من خلالها في نماء وطنه ونهضته، وتحقيق الرفاهية لنفسه وأسرته ومجتمعه. وانطلاقاً من جميع هذه الاعتبارات، فإن وزارة العمل لم تكتف باستقبال من يتقدم إليها من الراغبين بالعمل في القطاع الخاص أو الإعلان عن الشواغر الموجودة لدى هذا القطاع من خلال مكاتب العمل، وإنما قامت بجملة واسعة ومكثفة شملت جميع مناطق المملكة لحصر أعداد طالبي العمل ومعرفة مؤهلاتهم وميولهم ورغباتهم، ووضعت خطة لتوظيف كل من يرغب في الحصول على عمل بالتعاون مع القطاع الخاص وصندوق تنمية الموارد البشرية. ولا أتصور أن تكون هناك مشكلة حقيقية في إيجاد وظيفة في القطاع الخاص لمن يبحث عنها من المواطنين بشكل جاد. * تردد عن وجود بطالة بين نصف مليون عامل من الوافدين.. هل هناك تفكير لوقف استقدام العمالة غير المدربة لتقليص البطالة في أوساط المواطنين والمواطنات؟ - بغض النظر عن عدم دقة الرقم المذكور، فإن وزارة العمل تبذل جهوداً مكثفة لتقليص استقدام العمالة الهامشية، وهي مستمرة في هذا الاتجاه رغم وجود امتعاض من بعض الفئات التي تستقدم عمالة من هذا النوع ثم تطلقها في سوق العمل وتتستر عليها. كيف تنظرون للأبعاد المختلفة للبطالة.. هل هي مرض اجتماعي أم آفة اقتصادية؟ أم هي سوء تخطيط من الجهات المعنية؟ - تعاني كل دول العالم، سواء كانت نامية أو متقدمة، من مشكلة البطالة ولكن بدرجات متباينة ولأسباب مختلفة. وبالنسبة للمملكة العربية السعودية، فإن البطالة الموجودة لديها هي بطالة هيكلية وليست ناجمة عن عجز أو كساد اقتصادي بدليل وجود ملايين الوافدين الذين يعملون بها ووزارة العمل تقدم المساعدة لكل سعودي يطلب العمل بشكل جاد وسوف يتم توظيفه. أما بالنسبة للأبعاد المختلفة للبطالة، فإن هناك عوامل متداخلة تتسبب في هذه المشكلة ومن المؤكد أن هناك أبعاداً اجتماعية واقتصادية وغيرها للمشكلة. * المنشآت الصغيرة تمثل 96% من إجمالي قطاع المنشآت الذي يعمل به حوالي 35% من إجمالي القوى العمالة في السوق، كما أنها توفر ما نسبته 76% من إجمالي الوظائف، والغالبية من هذه المنشآت تعمل تحت طائلة التستر الذي أخذ ينخر في الاقتصاد الوطني.. هل بصدور النظام الجديد لمكافحة التستر، وإسناد مهمة التحقيق في هذه القضية إلى هيئة التحقيق والادعاء العام يعني أنا أغلقنا ملف التستر نهائيا؟ - يتوقع أن يزيد النظام الجديد من فعالية مكافحة التستر، لكونه أسند التحقيق في قضايا التستر إلى جهة متخصصة وهي هيئة التحقيق والادعاء، وأسند الحكم في هذه القضايا إلى ديوان المظالم، كما أعطى دوراً لمجموعة من الجهات المتخصصة في عملية المكافحة، وتضمن آليات وإجراءات للحد من التستر. ووزارة العمل تهتم بظاهرة التستر من خلال انعكاسات هذه الظاهرة على سوق العمل وتوظيف القوى العاملة الوطنية. وتشارك في مكافحة هذه الظاهرة من خلال ما تقوم به من متابعة ميدانية وإشراف على تطبيق الأنظمة والقرارات المتعلقة بالعمل في القطاع الخاص، وهي بصدد زيادة فعالية المتابعة والتفتيش وتسعى لزيادة عدد المفتشين لتحقيق هذه الغاية. * تعتزم لجنة رعاية السجناء وأسرهم إطلاق برنامج لتشغيل السجناء في مشاريع القطاع الخاص.. كيف ستوفقون لتنفيذ هذا البرنامج في الوقت الذي يعاني منه شباب خارج السجون من عدم توفر فرص العمل لهم؟ - السجين السعودي مواطن يمر بظروف خاصة، ومن حقه على المجتمع مساعدته على تجاوز تلك الظروف طالما كانت هناك فرصة في أن يكون مواطناً صالحاً وله القدرة على تقديم عمل مفيد والإنفاق على أسرته. وهذا لا يتعارض إطلاقاً مع توظيف طالبي العمل ممن هم خارج السجن، فكلهم مواطنون سعوديون جديرون بأن يُبذل أقصى جهد ممكن لتوفير فرص عمل مناسبة لهم. * كثير من القرارات التي صدرت، فُشل في تطبيقها مثل قرار سعودة سائقي سيارات الأجرة، وقرار سعودة العاملين في محلات بيع الذهب والمجوهرات. هل نقول إن القطاع الخاص لا يمكن السيطرة عليه بسهولة وبالتالي هو لا يذعن لتنفيذ القرارات ببساطة؟ - هناك ظروف وعوامل كثيرة تحكم نجاح السعودة أو فشلها، بعضها يتعلق بالقطاع الخاص، وبعضها يتعلق بالباحث عن العمل، وبعضها الآخر يتعلق بجوانب إجرائية. ومع ذلك لا يمكن تعميم القول بأن قرارات السعودة لم تنجح. فعلى سبيل المثال، فإن القول بفشل سعودة وظائف البيع بمحلات الذهب والمجهودات الذي أشرتم إليه ليس دقيقاً، رغم ما نشر حول هذا الموضوع، حيث ثبت لمفتشي وزارة العمل أن السعودة في هذا المجال تمضي بشكل جيد. وعلى العموم، فإن وزارة العمل لا تنظر إلى القطاع الخاص على أنه طرف يجب التحكم فيه والسيطرة عليه وإخضاعه بالقوة، بل تعتبره شريكاً كاملاً معها في مهمتها، وتؤمن بأن الحوار والتعاون مع هذا القطاع، بالإضافة إلى الأنظمة والتعليمات، كفيلة بتذليل المشاكل التي تطرأ بما يحقق أهداف توظيف العمالة الوطنية ويراعي - في نفس الوقت - متطلبات القطاع الخاص ومصلحته في الاستقرار والنمو.