من كان يقرأ تصريحات (ريتشارد بيرل أو ديك تشيني أو بول وولفوفيتز) بعد أحداث سبتمبر، وبقية عصابة المحافظين الجدد في الحكومة الأمريكية آنذاك، سيقشعر بدنه، لكمية الحقد والسخط الرامية، إلى إزالة دول من على وجه الخريطة وتقسيمها وفق مخطط مهووس، ولكن الدولة السعودية استطاعت بدبلوماسيتها العريقة والحكيمة، أن تخوض بحر تلك الأمواج العاتية وتتجاوزها بقدر فائق من الحكمة، وباعتقادي أن أهم منجز للدولة السعودية في الأعوام الماضية على المستوى الخارجي، هو الذكاء الدبلوماسي والقدرة الفائقة على تخطي كثير من حقول الألغام التي تربصت بمسيرتها، ولعل السعودية بعد أحداث سبتمبر كانت في عين العاصفة، وكانت التيارات التي تحدث بها صعبة وشرسة، ولكن كالعادة ربان الدبلوماسية الماهرة استطاع أن يتجاوز المأزق، وانخرط في المسيرة الحضارية العالمية كخيار نهائي وأكيد للمملكة العربية السعودية كما تشير لذلك وسائل الإعلام العالمية. مؤتمر الرياض للإرهاب وبهذا التوقيت بالذات، وبنوعية وكمية الدول المشاركة، هو البيان الرسمي الأكيد الذي اختارته السعودية لتعلن انضمامها للركب العالمي لمحاربة جميع أشكال العنف والظلم والإرهاب والتدمير لكل ما هو جميل وإنساني ونبيل في هذا الكون، هو البيان الأول لدولة عانت من الإرهاب سواء على مستوى الاتهام والإدانة، أو على مستوى التفجيرات التي طالت شوارع ومباني مدنها الآمنة، ومؤتمر الإرهاب منجز آخر لدبلوماسية حكيمة وماهرة، تجاوزت بالسعودية أصعب البحار. Kingdom of Humanity مملكة الإنسانية سيرافق هذا الشعار جميع المنجزات الحضارية للمملكة، على مستوى المنجز المحلي الداخلي والخارجي، وهو الشعار الذي اختاره كواجهة إعلامية للمملكة (د. عبدالله الربيعة) بعد عملية فصل التوأمتين البولنديتين ولاحظت في الصحف المحلية، العديد من المقالات التي نادت بأن يكون هناك مراكز طبية متطورة تستثمر إنجازاتها عالميا، لتكرس سمعة المملكة، كمملكة للإنسانية، وبالتأكيد هي دعوات وطنية صادقة تصب جميعها في صورة هذا الوطن وتواجده ضمن العائلة العالمية.