سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
أجهزة العدل والرقابة تتفق على ضرورة إعادة النظر في رواتب الموظفين وأهمية مكافأة الملتزمين وتقديرهم لتلافي انخفاض مستوى أخلاقيات العمل في أوراق عمل تم عرضها في ندوة أخلاقيات العمل بمعهد الإدارة
شدد عدد من أجهزة القضاء والرقابة الحكومية على ضرورة إعادة النظر في رواتب الموظفين وأجور العاملين، كما أكدت على أهمية مكافأة الملتزمين من الموظفين بأخلاقيات وقيم العمل لتلافي الإخلال بأخلاقيات العمل وقيمه لدى الموظفين، جاء ذلك في ثنايا أوراق العمل التي قدمها كل من هيئة الرقابة والتحقيق، وديوان المظالم، وديوان المراقبة العامة، ضمن تسع أوراق عمل لندوة (أخلاقيات العمل في القطاعين الحكومي والأهلي) التي نظمها معهد الإدارة العامة يوم الثلاثاء 20 محرم 1426ه. وذلك بقاعة ابن خلدون بمركز الأمير سلمان للمؤتمرات بمقر المعهد بالرياض. والتي تهدف إلى تسليط الضوء على مفهوم أخلاقيات العمل ومصادرها وآثارها، وسبل تعزيزها في القطاعين الحكومي والأهلي. وفيما يلي عرض لأبرز ما تضمنته هذه الأوراق: ******* ديوان المظالم أكدت الورقة المقدمة من ديوان المظالم والتي أعدها القاضي عبد الله بن حمدان السعدان بعنوان (أخلاقيات العمل وتجربة ديوان المظالم في الرقابة عليها) أن مصادر الالتزام فيما يتعلق بأخلاقيات العمل تتمثل في الجملة في القرآن العظيم والسنة النبوية المطهرة وما وافقهما من مصادر استنباط الأدلة الشرعية، وكذلك ما يسنه ولي الأمر من أنظمة وفق أحكام السياسة الشرعية وأخيراً العرف والمعاهدات والأحكام القضائية. وأوضحت الورقة أن الالتزامات الأخلاقية للموظف العام كثيرة ويمكن حصرها في: مباشرة مهام الوظيفة، وأداء الموظف عمله بنفسه، ومراعاة الدقة والأمانة ووقت الدوام الرسمي والاستمرار في العمل، والترفع عما يخل بشرف الوظيفة وكرامتها، واحترام وطاعة أوامر الرؤساء، والتفرغ للعمل الوظيفي بما في ذلك عدم الجمع بين وظيفتين حكوميتين وعدم مزاولة المهن في غير وقت الدوام بغير إذن، وكذلك الولاء الوظيفي، وعدم استغلال النفوذ الوظيفي ومن ذلك الامتناع عن أخذ الرشوة وعدم الاختلاس، وأخيراً عدم إفشاء الأسرار الوظيفية. وأبانت الورقة دور ديوان المظالم في الرقابة على أخلاقيات العمل التي تعددت طرقها ومنها: - الطريق الأول: تأديب الموظف الذي يخالف أخلاقيات الوظيفة حيث تنحصر الجزاءات التأديبية التي توقع على الموظف العام في الإنذار واللوم، والحسم من الراتب، والحرمان من العلاوة الدورية، والفصل من الوظيفة وهو أشد أنواعها، وقد حرص الديوان على تطبيق هذه الجزاءات بما يحقق العدالة مراعياً في ذلك أهمية وخطورة الوظيفة العامة، وواجبات الموظف العام وحقوقه. - الطريق الثاني: إلزام الإدارة بإعطاء الموظف حقوقه، سواء كان رواتبا أو مكافآت أو بدلات، بل هناك حقوق ليست مالية تقتضيها طبيعة تأهل الموظف راعاها الديوان عند النظر في طعن بعض الموظفين في قرارات أصدرتها الإدارة بحقهم. - الطريق الثالث: معاقبة الموظف الذي يرتكب جريمة تتعلق بأخلاقيات الوظيفة سواء كانت رشوة أو تزويراً أو اختلاساً أو تفريطاً في المال العام، أو إضرارا بالشعب.... الخ. - الطريق الرابع: التوجيه بإبعاد الموظف عن الأعمال ذات الطبيعة الخاصة، حيث في بعض الحالات يرى القضاء أن ما قام به الموظف لا يصل إلى درجة من الخطورة على الوظيفة العامة يترتب عليها فصله من الخدمة، فيتجه إلى توجيه الإدارة من خلال أسباب الحكم إلى إبعاده عن ممارسة مهام الوظيفة، كما هو الحال بالوظائف التعليمية أو الصحية. - الطريق الخامس: إلغاء القرارات غير المشروعة التي تتعلق بأخلاقيات الوظيفة، متى تبين له أن سبب إصدارها غير مشروع، كما هو الحال بنقل الموظف متى ظهر أن نقله ليس للمصلحة العامة إنما من أجل تأديبه، أومن أجل الانتقام الشخصي. - الطريق السادس: تعويض المتضرر، حيث إذا قامت الإدارة بمخالفة أحكام النظام وأخلاقيات الوظيفية العامة، وترتبت على هذا العمل أضرار بالموظف أو الغير، فإنها تلتزم بتعويضه عن تلك الأضرار. - الطريق السابع: إعفاء الموظف حسن النية من الجزاء، حيث تتضمن بعض الأحكام الجنائية التي تصدر من الديوان إعفاء للموظف حسن النية من الجزاء رغم ثبوت مسؤولية عن ارتكاب بعض المخالفات. وتناولت الورقة السبل التي يمكن الأخذ بها للارتقاء بمستوى أخلاقيات العمل ومنها: - وضوح المسؤوليات والمهام المناطة بالموظف. - تحديدها بشكل يضمن عدم وقوعه في الخطأ ودقة محاسبته. - إحكام الرقابة القضائية والسياسية والإدارية. - تدريب الموظفين على السلوكيات المتفقة مع أخلاقيات العمل، وغرس القيم والإحساس بالمسؤولية، وتشجيع الموظفين على الاستقامة والنزاهة. - تحفيز الموظفين مقابل الأداء المتميز. - إعادة النظر في سياسة الرواتب والأجور. - إعطاء الالتزام بالأخلاق الوظيفية الحسنة جانباً رئيسياً في تقويم الأداء. - الاهتمام بعملية اختيار وتعيين من يشغل الوظائف العامة. - تنبيه الموظف الذي يلحظ عليه تدني مستوى أخلاقيات العمل بالأسلوب المناسب والسعي لمساعدته في رفع مستواه. هيئة الرقابة والتحقيق هدفت الورقة المقدمة من هيئة الرقابة والتحقيق بعنوان (دور هيئة الرقابة والتحقيق في ضبط أخلاقيات العمل في القطاع الحكومي وسبل تعزيزها) إلى تقديم وعرض مفهوم دور هيئة الرقابة والتحقيق كأحد أجهزة الرقابة المركزية في المملكة العربية السعودية في ضبط أخلاقيات العمل في الإدارات الحكومية، حيث تناولت الورقة بالتحليل المفهوم النظري لأخلاقيات العمل في القطاع الحكومي وأهميته. بجانب استعراض المفهوم النظري لأخلاقيات العمل قدمت الورقة مفهوماً شاملاً للمنظور الإسلامي للقيم الأخلاقية وأهميتها في حياة المسلم بشكل عام والموظف بشكل خاص موردة نماذج تطبيقية في الوظيفة العامة كالأمانة والاستقامة وغيرها من السمات السلوكية الوظيفية التي حث عليها الإسلام وأمر بها، هذا العرض دعم بالنصوص والمواد الواردة في نظام الخدمة المدنية موضحة بذلك قيام تلك الأنظمة على الأساس الإسلامي والمنهج الرباني. عملت الورقة أيضاً على تناول دور هيئة الرقابة والتحقيق وهي تتولى ممارسة اختصاصها في مجال الرقابة على أداء الأجهزة الحكومية إدارياً ومالياً والتحقيق والمتابعة لتلك المخالفات وفقاً لما ورد بلوائح الهيئة الصادرة بالأوامر السامية التي نصت على ضرورة إعطاء عناية خاصة وتركيزاً على ضرورة تعزيز ومحاربة ما يخل بقيم المجتمع والوظيفة. أيضاً دور الهيئة من خلال الاختصاصات الموكلة إليها في مجال الرقابة وآليات تنفيذها من خلال الخطط والبرامج الرقابية السنوية على أداء الأجهزة الحكومية ورصد المخالفات وأحجامها واقتراح الحلول، حيث عملت الورقة على عرض بعض المخالفات الوظيفية وعرضها رقميا تبعا للسنوات ومن ذلك عدم الالتزام بأوقات الدوام الرسمي والتي تعتبر مخالفة وظاهرة سلبية تعمل الهيئة على معالجتها والحد منها. أيضاً البرامج الرقابية المنفذة لمتابعة مستوى أداء الإدارات الحكومية والتقيد بالأنظمة واللوائح والتعليمات الصادرة بالخدمة المدنية. تناولت الورقة بالتحليل أيضاً عرض أمثلة للقضايا المرتبطة بالفساد الإداري موردة أمثلة عدة حيث خلصت إلى عرض جانب مما قامت به الهيئة في مجال التحقيق خلال الفترة من العام 1419 - 1420ه حتى 1423 - 1424ه مقسما إلى القضايا الجنائية وكذا التأديبية. وفي الإطار الوقائي لم يقتصر دور الهيئة فقط على الجانب التدخلي بل عملت على الجانب الوقائي، حيث عملت على اقتراح مشروعي نظامين هي نظام جديد لتأديب الموظفين مع مذكرة ايضاحية له، ونظام آخر يعنى بحماية الأموال العامة ومكافحة سوء استعمال السلطة، حيث تم رفع النظامين للمقام السامي الكريم. خلصت الورقة إلى عرض مجموعة من التوصيات التي ترى أنها تساعد على تعزيز أخلاقيات العمل لدى الموظف في القطاعين الحكومي والأهلي تمثلت في: - قيام الإدارة العليا بالجهاز من خلال الرقابة الداخلية بتحديد مواطن القصور المشتركة بين موظفيها والتي تشكل ظاهرة بينهم ثم التعرف على أسبابها ومعالجتها. - تنمية الوازع الديني والأخلاقي لبعض فئات الموظفين عن طريق الندوات والدورات والنشرات. - رفع مستوى الرقابة الداخلية الإدارية والمالية في الجهاز الحكومي، حيث إن قصور الرقابة الداخلية في الأجهزة الحكومية وعدم فاعليتها يوجد مناخا خصبا لانتشار الفساد الإداري ويؤخر كشف بعض التجاوزات إلى ما بعد تقاعد الموظف المخالف أو مغادرة الأجنبي للبلاد. - النهوض بالمستوى التعليمي والتدريبي لبعض الموظفين العموميين عن طريق إقامة الندوات التوعوية داخل الجهات، حيث ان رفع مستوى الوعي لديهم يحد من استغلال الوظيفة، أواساءة معاملة غيرهم. - عدم إسناد مهام وظائف قيادية لموظفين يحملون مؤهلات متوسطة ومعينون على مراتب صغيرة. - حث جهات التنفيذ على المبادرة بتنفيذ ما يصدر من أحكام قطعية. - مراجعة اللوائح والتعليمات بصفة مستمرة، وتحديثها وتسهيلها بما يتلاءم مع متطلبات العمل الإداري. - تسهيل الإجراءات والبعد عن التعقيدات الإدارية التي تحد من امتناع المواطنين والوافدين من إبلاغ الجهات المختصة عن جرائم الفساد الإداري. - تلافي ضعف بعض الأحكام التي تصدر من المحاكم العامة أو ديوان المظالم في قضايا الأخلاق والفساد الإداري، وتلافي تفاوت الأحكام في الوقائع المتشابهة. - عدم استمرار مزاولة المسؤولين أو الموظفين لبعض وظائفهم على سبيل التكليف مدة طويلة دون التثبيت. - إحداث وظائف جديدة تستوعب من يستحق الترقية ممن بقوا في مراتبهم مددا طويلة دون ترقية مع توقف علاواتهم الدورية السنوية، وثبات مرتباتهم دون تحسين، مما يدفع بعضهم إلى الاشتغال بالأعمال المهنية، والتجارية، ويؤثر ذلك على واجباتهم الوظيفية، ويخل بالمرفق العام الذي يعملون به. - تشجيع الموظفين الملتزمين بأخلاقيات العمل وتقديرهم ماديا ومعنويا. ديوان المراقبة العامة تناول ورقة ديوان المراقبة العامة التي أعدها الأستاذ محمد مرشد الرحيلي بعنوان (أخلاقيات العمل) قواعد الآداب والسلوك في مهنة المحاسبة والمراجعة التي يتعين على مزاوليها الالتزام بها مثل النزاهة والموضوعية وعدم ارتباطه ماديا أو معنويا بالمشروع الذي يبدي الرأي تجاهه، وترتبط بالمقدرة على أداء العمل واتباعه لمعايير المراجعة والمحاسبة المتعارف عليها، كما أشارت الورقة إلى قواعد أخلاقيات المنظمة الدولية للأجهزة العليا للرقابة والمحاسبة (الانتوساي) لمهنة مدقق القطاع العام، وكذلك قواعد السلوك المهني للعاملين بديوان المراقبة العامة الواردة ضمن نظام الديوان ولائحته التنفيذية والتي شملت الاستقلال والنزاهة والموضوعية وعن كل ما يؤثر على تأدية عمل المدقق وان يتحرر من كافة القيود التي قد تفرض عليه. وقد خلصت الورقة إلى العديد من التوصيات منها: 1- منح الأجهزة العليا للرقابة الاستقلال الكامل وظيفيا وماليا، بحيث لا تخضع للإجراءات المالية والوظيفية التي تسري على الأجهزة التنفيذية الأخرى. 2- أن يكون المدققون في الأجهزة الرقابية متحررين من أي قيود تفرض عليهم أو تدخل (بوعد ووعيد، بترغيب أو ترهيب) غير متأثرين في أدائهم إلا بأحكام القانون وقواعد العمل وقبل كل ذلك مخافة الله سبحانه وتعالى. 3- يجب العمل على زيادة الوعي الرقابي والتأكد على أن الرقابة المالية لا تهدف إلى تصيد الأخطاء وإنما هي أداة تساعد الجهات محل الرقابة في التغلب على ما قد يقابلها من مشاكل وصعوبات. 4- العمل على توفير الإمكانات اللازمة لمساعدة الأجهزة الرقابية على توفير الوظائف واستقطاب الكفاءات المهنية واعتماد المبالغ اللازمة. 5- العمل على منح الأجهزة الرقابية حوافز مادية ومعنوية خاصة ان بعض أنظمة هذه الأجهزة مثل ديوان المراقبة العامة حظر على موظفيه مزاولة أي عمل حكومي آخر بمرتب أو بمكافأة.